الفهرس | يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام |
المستخلص من المسلم به أنه منذ بدء تنظيم المجتمعات عرفت البشرية فكرة إيجاد قوات مسلحة للدولة تحمى الأمن وتحقق السلام، ويبدو أن فكر إخضاع مرتكبي الجرائم العسكرية لعقوبة خاصة ترجع أصولها إلى نشأة الجيوش، فلكل دولة جيش، ولا يتصور جيش قوى بدون نظام، وهذا النظام يلزم تدعيمه في كل الظروف لأنه يحمى مصلحة الدفاع. وتعتبر مصلحة الدفاع عن الوطن من أولى المصالح الأساسية للجماعة، وقد نيطت هذه المصلحة بطائفة من الأفراد عليهم القيام بها والعمل على تحقيقها على الوجه الأكمل الذي تنشده الجماعة وفقًا للدور الذي عهدت به الجماعة إليهم، وتلك الطائفة هي طائفة أفراد القوات المسلحة والتي تشكل الجيش. وتتسم القوات المسلحة بطبيعة خاصة مستمدة من الوظيفة المنوطة بها، تختلف عن وظائف وظروف بقية أجهزة الدولة ومؤسساتها، لذلك فهي تنفرد بنظام وأسلوب حياة خاص ومستقل يتفق والمهام الموكول إلى رجالها، ذلك أن النظام الذي تفرضه التزامات وواجبات ثقيلة، وتحمل مخاطر وتضحيات مضنية، وهذا النظام يشمل كافة جوانب الحياة العسكرية من تنظيم وتدريب وتأديب، كي يتسنى لها تأدية مهامها، ألا وهي الحفاظ على قوة وأمن وسلامة الدولة. ومما لا ريب فيه أن هذا الدور يستلزم نوعًا من القواعد الخاصة تنفرد بها، ويخضع لها كافة أفرادها دون غيرهم، مما يجعل تلك القواعد تختلف وتتميز عن القواعد العامة في الدولة، مما يمكن القول إن القوات المسلحة تشكل مجتمعًا خاصًا يمكن أن نطلق عليه اسم (المجتمع العسكري)، له قوانينه الخاصة به، والمستمدة من طبيعة وظروف الخدمة العسكرية. |