الفهرس 
المبحثُ التمهيديُّ: الإطارُ المفاهيميُّ للاضطراب الضَّلاليِّيوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام
 |  | from | 165 |  |  |
| | | from | 165 | | |
المستخلص
لقد رُفع عن المجنونِ القلمُ حتى يَعقِل، وقد كان جديرًا بأنْ ترفعَ المحاكمُ قلمَها هي الأخرى عنه، وهكذا أكَّد المُشرِّعُ في أكثرَ من مُناسبةٍ قائلاً: إنه متى كان الشَّخصُ لحظةَ وقوع الجرمِ تحت تأثيرِ مرضٍ عقليٍّ أو نفسيٍّ مُعيَّن، فإنه لا يُجازى جنائيًّا إذا انعدمتْ لديه ملَكَةُ الإدراكِ أو القدرة على توجيهِ الإرادةِ بصورةٍ تامَّة، فإذا ترتَّبَ على الاضطرابِ النَّفسيِّ أو العقليِّ ضعفُ ملكةِ الإدراكِ أو حريَّة الاختيارِ لدى الجاني فلا مجالَ للحديثِ عن انعدام المسؤوليَّةِ الجنائيَّةِ أو الإعفاء من العقاب، وإنما يُمكن فتحُ المجالِ عن الحديثِ عن عوامل التَّخفيفِ والأعذارِ القانونيَّة، وهكذا هو أثرُ الاضطرابِ الضَّلاليِّ (البارانويا – الاضطراب الوهامي) بأنواعه المُختلفةِ على المسؤوليَّةِ الجنائيَّةِ، فمن النَّاحيتين العلميَّةِ والعمليَّة يعدُّ هذا المرضُ مانعًا من المسؤوليَّةِ إنْ أدَّى إلى فقدِ الإدراكِ أو حريَّةِ الاختيارِ وقت ارتكابِ الجريمة، ويكون مُخففًا منها إنْ انتقصَ من التَّمييزِ أو القدرةِ على توجيه الإرادة، غير أنَّ إعلانَ عدم المسؤوليَّةِ الجنائيَّة بسببِ الإصابةِ بالاضطرابِ الضَّلاليِّ لا يمنعُ توقيعَ التَّدابيرِ الاحترازيَّة اللازمة على الجاني؛ للحدِّ من خطورتهِ الإجراميَّةِ على المُجتمعِ ومُواجهة جرائمهِ المُحتملة؛ وجميع ما تقدَّم تناولتْه هذه الدِّراسةُ في مبحثٍ تمهيديٍّ تناوَلَ الإطارَ المفاهيميَّ للاضطرابِ الضَّلاليِّ من النَّاحيةِ الطبيَّة، وفصلين دراسيَّيْن تناولَا هذا الموضوعَ من النَّاحيتين العلميَّةِ والعمليَّة؛ أحدُهما عن الإطارِ الموضوعيِّ لتحديد المسؤوليَّةِ الجنائيَّةِ للشَّخصِ المُصاب بالاضطرابِ الضَّلاليِّ، والآخر عن الإطارِ الإجرائيِّ لتحديد المسؤوليَّةِ الجنائيَّةِ للشَّخص المُصابِ بالاضطرابِ الضَّلاليِّ.