Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
التجديد في علم الكلام بين الأصالة والمعاصرة :
المؤلف
حسن، محمد عبدالعزيز عبدالسلام.
هيئة الاعداد
باحث / محمد عبدالعزيز عبدالسلام حسن
مشرف / عادل محمود عمر بدر
مشرف / هشام أحمد محمد السعيد
مناقش / عبدالعال عبدالرحمن عبدالعال
مناقش / عبدالغني الغريب طه راجح
الموضوع
علم الكلام. الحضارة الإسلامية. التراث والاصالة.
تاريخ النشر
2022.
عدد الصفحات
مصدر إلكترونى (188 صفحة) ؛
اللغة
العربية
الدرجة
ماجستير
التخصص
فلسفة
تاريخ الإجازة
1/1/2022
مكان الإجازة
جامعة المنصورة - كلية الآداب - الفلسفة
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 188

from 188

المستخلص

يلعب علم الكلام الديني دوراً رئيسياً في المنظومة المعرفيّة لأيّ دينٍ، كما يحتلّ مركزاً, لأن هذا العلم يشتمل جملة المبادئ التصديقية للمعارف الأخرى، فلابد أن تكون الانطلاقة من القاعدة وصولاً حتى رأس الهرم دون العكس ؛ إذ هذا ما تقتضيه طبيعة العلاقة بين هذه العلوم والمعارف، وهذا ما يفرض وضع التنمية الشاملة لعلم الكلام في موقعها الصحيح في سلّم الأولويات الفكرية والثقافية؛ لأن قضية إعادة ترتيب الأولويات بما يناسب الظروف الثقافية الراهنة وعدم التقيّد بالترتيب السابق لهذه الأولويات والذي اقتضته ظروفٌ سابقة مختلفة تعدّ واحدةً من أهمّ ما ينبغي تحديده للتوصّل إلى نموٍّ صحيح بدلاً من التورّط بحالات تورّم. إن ظهور علم الكلام في الإسلام ينم عن عقلية عربية إسلامية مستنيرة تعي ما حولها من مستجدات وتحاول أن تضع حلولًا للإشكالات القائمة سواء كانت عقدية أو سياسية, إذا كان علم الكلام قد تأثر ببعض العوامل الخارجية في نشأته إلا أنه ظهر ونشأ وترعرع في بيئة إسلامية خالصة. من البديهي أن لكل علم موضوعاً يختص ببحثه، وأنه لابد من منهج يتبعه وجملة من النتائج التي يصل إليها، وكذلك الشأن بالنسبة إلى علم الكلام فإنه يقوم على إثبات العقائد الدينية وتأييدها بالأدلة العقلية ؛ ويتناول موضوعه العقائد الإيمانية الواردة في الإسلام والتي كلفنا بتصديقها بقلوبنا، واعتقادها بأنفسنا مع الإقرار بألسنتنا، والعمل بجوارحنا كما أشار إلى ذلك ابن خلدون في الفصل العاشر من المقدمة والمخصص لعلم الكلام، وذلك حين قال : ””واعلم أن الشارع عين أموراً مخصوصة كلفنا التصديق بها، واعتقادها في أنفسنا مع الإقرار بألسنتنا وهي العقائد التي تقررت في الدين. قال النبي صلى الله عليه وسلم حين سئل عن الإيمان : الإيمان أن تؤمن بالله ملائكته ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره وهذه هي العقائد الإيمانية المقررة في علم الكلام. تعكس الحاجة إلى علم كلام جديد أزمة خطيرة عاشها - وما زال يعيشها - الفكر الإسلامي المعاصر، تتمثّل في صدمة حضارية انتابت روّاد النهضة العربية وتوارثتها الأجيال عندما اكتشفوا تخلّفهم وتقدّم الغرب عليهم، وجد الفكر الدينيّ نفسه بعد عقود من الجمود والانغلاق غريبًا في سياق إنساني يتقدّم ويتطوّر بصفة غير متناهية، ولقد دفع احتكاك المسلمين بغيرهم من الثقافات، وانبلاج عصر المعلومات والاتّصالات وما يطرحه من تحديات فكرية إلى ظهور أصوات تدعو إلى تجديد علم الكلام أو طرح علم كلام جديد يستجيب لتحديات العصر وحاجيات المسلمين الثقافية. على الرغم من الإشكالات والاتجاهات التي أثيرت حول علم الكلام-قبولًا ورفضًا-إلا أن هذا الأمر لا يقلل من قيمته ومكانته كسلاح نظري وعقلي في وجه الخصوم والمعتدين على الإسلام، إن مهمة علم الكلام لا تقف عند حد الدفاع عن العقيدة ضد الخصوم، بل تتبلور أيضًا في توضيح أصول العقيدة ومسائلها للعامة، حتى يكون إيمانهم ناشئ عن نظر لا عن تقليد ومن ثم يخلو من الشبهة. إن الفضل في وضع بذور هذا العلم وظهوره كفن له مسائل وأسس يرجع إلى المعتزلة دون غيرهم, إذا كان واصل بن عطاء-شيخ المعتزلة- قد وضع كثيرًا من أصول المذهب إلا أن تلاميذه قد افترقوا بعده إلى عدة مدارس مختلفة مما يؤكد أن علم الكلام في عصر المعتزلة قد مر بعدة تطورات واتجاهات متباينة ولم يسر على طريقة واحدة, على الرغم من أن لباب مذهب الاعتزال يقوم على المنهج العقلي إلا أن طريقة التعامل معه-من قبل رجال المعتزلة-لم تكن على وتيرة واحدة, لقد أسرف كثير من المعتزلة في استخدام المنهج العقلي-مما أدى إلى قيام الدنيا عليهم- إلا أنه لا يمكن أبدًا إنكار دور المعتزلة البارز في الدفاع عن العقيدة والإسلام طيلة ثلاثة قرون وأكثر وإثراء علم الكلام بكثير من الأدلة والحجج الكلامية. ومن هنا يمكن القول إن علم الكلام منذ أن كان فكرة كامنة في العقول وهو في تطور وتغير وتجدد إلا أن هذا التطوير كان يختلف عند كل من يتلقى هذا العلم ويعمل فيه وقد ظهر هذا الأمر جليًا عند مناقشة منهج المعتزلة الذين نقلوه من الفكر إلى الواقع ورفعوه من التقليد إلى التجديد والتطوير وقد بدا هذا أيضًا عند الأشاعرة الذين حولوا مساره من الفكر والعقل إلى النقل، ويأتي مشروع تجديد علم الكلام، والذي جرى ويجري التركيز عليه في المحافل الفكرية والدينية المعاصرة سيما في العقد الميلادي الأخير؛ إذ يحاول هذا المشروع أن يضع حدّاً لحالات الركود التي سيطرت على الدراسات الكلامية في القرون الأخيرة ويعيد بعث النتاج الكلامي من جديد ضمن آليات عمل متناغمة مع تطوّرات المعرفة الإنسانية سيما الحاصلة بفعل تأثيرات العاصفة الغربية التي ضربت العالم من أقصاه إلى أقصاه، وذلك بهدف تحقيق التنمية الفكرية لهذا العلم ووضعه في سياقه المناسب له فعلاً. ولقد حاول بعض العلماء أن يوجه أنظار الخاصة والعامة إلى ضرورة إحياء هذا العلم وتجديده وتطويره حتى تقوم قائمته من جديد، ولكن كانت دعواتهم في الغالب تنتهي بنهايتهم وتخفت برحيلهم، والسبب في ذلك غير واضح وغير معلوم , لقد كان علم الكلام علماً أصيلاً حياً متطوراً لأنه ساير الواقع الثقافي السائد فتكيف مع الحضارة الإنسانية في مراحلها عبر القرون الإسلامية وهو ليس قاصراً اليوم عن أداء مطالب العصر الحاضر ولا حتى العصور القادمة إذا صح عزم المتعاطين معه وأخذت العدة لذلك ؛ لأن علماً أدى خدمات جليلة للحضارة الإنسانية ولعدة قرون لن يعجز أن يواكب مستجدات العصر وحداثته. وبذلك كله يقع تطوير علم الكلام وتحديثه منهجاً وموضوعاً ووظيفة ليقوم بمهمته كما قام بها في عز أدواره توضيحاً لأصول العقيدة الإسلامية ودفاعاً عنها حتى تظل ثابتة راسخة على مر الأزمان، حاضرة في حياة معتنقيها ملبية فطرة الإنسان المسلم، محققة استقراره النفسي وكماله الروحي وتفتحه العقلي وتقدمه العلمي، وذلك ما يحقق معادلة التأصيل والتحديث الكلامية والعقدية. إذا كان العلماء قديمًا قد أشاروا إلى أن تعلم علم الكلام من الفروض الكفائية، فإن تجديده وتطويره يعد كذلك من الواجبات التي لا بديل عنها, فتجديد وتطوير علم الكلام لا يعني بالضرورة إهمال القديم أو تركه أو الثورة عليه، وإنما كل ما هنالك محاولة إلباسه ثوب الحاضر حتى يؤدي دوره بنجاح، كما إن التطوير والتجديد لا يعني بالضرورة أن يتمثل في التراث القديم بل لابد وأن يتمثل أولًا في العقل والفكر البشري حتى تحدث الإنتقالة ويمكن استيعابها بسهولة, فلا بديل في الوقت الحاضر عن التجديد والتطوير الفكري في جميع المجالات، وذلك لمواكبة مستجدات العصر. وهكذا ننتهي الى ان علم الكلام كان علماً أصيلاً حياً متطوراً لأنه ساير الواقع الثقافي السائد فتكيف مع الحضارة الإنسانية في مراحلها عبر القرون الإسلامية وهو ليس قاصراً اليوم عن أداء مطالب العصر الحاضر ولا حتى العصور القادمة إذا صح عزم المتعاطين معه وأخذت العدة لذلك؛ لأن علماً أدى خدمات جليلة للحضارة الإنسانية ولعدة قرون لن يعجز أن يواكب مستجدات العصر وحداثته.