Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
كنيسة روما من ادعاء الأسبقية الى الصراع مع السلطة الامبراطورية فى القسطنطينية من القرن الرابع حتى بداية القرن التاسع الميلادى /
المؤلف
دهب، نرمين أحمد عبدالعليم محمد.
هيئة الاعداد
باحث / نرمين أحمد عبدالعليم محمد دهب
مشرف / وسـام عبدالعزيز فـرج
مشرف / عبـدالعــزيز محمد رمضان
مناقش / طارق منصور محمد
مناقش / المتولي السيد تميم
الموضوع
الكنيسة. الإمبراطورية الرومانية - تاريخ. الكنائس - إيطاليا.
تاريخ النشر
2021.
عدد الصفحات
مصدر الكتوني (247 صفحة) :
اللغة
العربية
الدرجة
ماجستير
التخصص
التاريخ
تاريخ الإجازة
1/1/2021
مكان الإجازة
جامعة المنصورة - كلية الآداب - قسم التاريخ
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 245

from 245

المستخلص

تهدف الرسالة إلى دراسة الأسس التاريخية واللاهوتية التي اعتمدت عليها كنيسة روما من أجل إثبات سموها وعلو مكانتها على سائر الكنائس في الإمبراطورية الرومانية. وتقوم الدراسة بتتبع أهم العوامل التي بنت عليها كنيسة روما المزاعم التي بررت بها أسبقيتها على باقي الكنائس، بدءا من العامل التاريخي والسياسي لكونها عاصمة الإمبراطورية الرومانية، وكذلك كيف طورت كنيسة روما من هذه المزاعم بعد انتقال عاصمة الإمبراطورية إلى القسطنطينية، وكيف وطدت كنيسة روما أقدامها في القسم الغربي من الإمبراطورية بعد أن سقط فريسة في يد الممالك الجرمانية 476م، ودخولها في صراع مع الإدارة الإمبراطورية وتطور الأمر إلى وضع نظريات تزيد من سلطات كنيسة روما على حساب سلطة الإمبراطور. كما تتناول الرسالة السياسة التي اتبعتها البابوية في توطيد علاقاتها بالقوى الجرمانية في الغرب، وكيف استطاعت في النهاية إعادة إحياء الإمبراطورية الرومانية في الغرب بتويج شارلمان عام 800م. عانت المسيحية أشد ويلات العنف والاضطهاد على امتداد القرون الثلاثة الأولى من عمرها، فلم تجد المسيحية أي نوع من أنواع الدعم والترحيب داخل الإمبراطورية الرومانية، حتى أضفى عليها قسطنطين الأول Constantine I الشرعية، وأخرجها من ظلمات القمع والاضطهاد إلى نور الاعتراف والشرعية بوصفها ديناً ضمن الديانات الموجودة داخل الإمبراطورية الرومانية؛ بموجب ما عرف بمرسوم ميلان عام 313م. لقد بسط قسطنطين للمسيحية راحتيه لتعلو بهما لا عليهما لتسير الكنيسة في كنف الدولة ووفق قوانينها. ولما ارتحل قسطنطين عن الدنيا أرادت الكنيسة أن توجد لنفسها كيانا؛ مستغلة في ذلك فرصة انتصار الدولة لها، إلا أن الفكر الروماني الذي رفض قيام كيان مستقل داخل الدولة زمن الأباطرة الوثنين ظل دون تغيير، حتى وإن مالت الدولة إلى المسيحية. وإذا كان قسطنطين هو أول من تدخل في شئون الكنيسة، فعقد المجامع وترأس جلساتها وأصدر قوانينها. فإن أيا من خلفائه لم يحد عن هذه السياسة، وكأنه وضع القاعدة التي سار عليها خلفاؤه من بعده. كان لتأسيس القسطنطينية ”روما الجديدة” أكبر الأثر على مستقبل كنيسة روما، حيث أعقب ذلك تأسيس كنيسة للعاصمة الجديدة، فأصبحت القسطنطينية وكنيستها تنافس روما القديمة وكنيستها على الزعامتين السياسية والدينية. وفي البداية نظر العالم المسيحي إلى كنيسة القسطنطينية على أنها في طور الطفولة، حيث لم يكن للقسطنطينية من سند يدعمها في هذا الصراع الكنسي من أجل الزعامة، سوى أنها عاصمة الإمبراطورية ومقر الإمبراطور ومقامه، أما روما فقد راحت تصوغ نظريات ومزاعم سٌمَّوها على كنائس العالم المسيحي مستندة في ذلك على مجموعة من الأدلة اللاهوتية والتاريخية. ويلاحظ أن كنيسة روما دائما ما علا شأنها إذا ما ترأس عرش كنيستها أسقف قوى، أو إن صح ”بابا قوى” يدفع بها دوما إلى الأمام على طريق إثبات حقها في السمو والأسبقية. ولم تكن كنائس العالم المسيحي الأخرى لتقف موقف المتفرج من كنيسة روما أو لترضخ وتعترف لها بالسمو، ففي الوقت الذي ظلت كنيسة الإسكندرية تتمسك بكونها دوما مساوية لكنيسة روما، وقفت كنيستا إنطاكيا وبيت المقدس موقف المعارضة من الاعتراف بسمو كنيسة روما، ولحقت بهما كنيسة القسطنطينية بعد حين. وراحت تلك الكنائس جميعا تتخذ من النزاعات اللاهوتية ستاراً تخفي ورائه حقيقة هذا النزاع، وهو الانفراد بمركز الزعامة والسمو في العالم المسيحي. ولأن تنافس كنيستي روما والقسطنطينية على إحراز مركز الزعامة والسمو، لم يكن تنافسا بين ”بابا” و”أسقف” بقدر ما كان صراعا بين خليفة للقديس بطرس وبطريرك يستظل بحماية إمبراطور القسطنطينية. وسرعان ما تبدى لهذا التنافس وجه سياسي أخر، إذ كان لزاما على كنيسة روما –حتى تحقق زعامتها المنشودة- أن تبدأ مخططا مرحليا ومتدرجا تناطح فيه الفكر السياسي الروماني الذي استبدل بيد قسطنطين مفهوم ”الكهانة العظمى” بنظرية ”القيصرية البابوية”، حيث بدأ بالتمييز بين سلطة الدولة وروحانية الدين، وتطور إلي مرحلة الفصل التام بين سلطتين وانتهى بمحاولة إعلاء سلطة أسقف روما وتساميها على سلطة الإمبراطور ذاته. ومشروع بهذه الشاكلة كان من المحتم أن يدفع بكنيسة روما لولوج درب صراع مرير مع السلطة الإمبراطورية في الشرق. وكان لتقلبات الأوضاع السياسية عبره دوراً جوهرياً في صياغة شكل علاقة حبر روما بإمبراطور القسطنطينية. وكان سقوط الشطر الغربي من الإمبراطورية الرومانية تحت أقدام جحافل القبائل الجرمانية في النصف الثاني من القرن الخامس الميلادي الحدث الأبرز الذي أسهم بدور رئيسي في تأكيد التباعد بين روما والقسطنطينية. إذ منح للبابوية فرصتها الذهبية لتحقيق طموحها السياسي، مستغلة عجز إمبراطور القسطنطينية في الدفاع عن أقاليم الغرب وانشغاله بالنزاعات اللاهوتية والإشكاليات الفلسفية التي ملئت كنيسته، فضلا عن خلو الساحة الغربية من شخص إمبراطور الغرب ذاته بعد سقوط آخرهم عام 476م. ففي ظل هذه التقلبات السياسية وجدت البابوية نفسها مضطرة –وهي غير كارهة- أن تنصب نفسها سيداً على الغرب. وفي الوقت الذي بدت هذه التطورات السياسية غير ذات تأثير كبير على مواقف بطاركة القسطنطينية المتشبثة باستقلال كنيستهم ومساواتها بكنيسة روما، كانت مواقف أباطرة القسطنطينية أكثر مرونة تجاه الواقع السياسي الجديد في الغرب. ففي الوقت الذي بدأ ثمة تطور جديد يواءم بين الفكر السياسي الروماني وواقع قيام ممالك جرمانية مستقلة عن السلطة الإمبراطورية، وأعنى هنا مفهوم ”أسرة الملوك” التي تدور في فلك الإمبراطور الشرقي، وتعترف له –حتى وإن كان نظريا- بالسيادة والسمو، سعى هؤلاء الأباطرة إلي إيجاد صيغة تسوية سياسية ودينية مع البابوية، تضمن لهم حفظ ماء الوجه في الغرب الجديد. ومن ثم شهد القرنان السادس والسابع محاولات للتوفيق بين الكنيستين المتنافستين؛ محاولات بدأت دوما بطرح مشروع الوحدة الكنسية وانتهت أيضا دوما بتزايد التباعد والتنافر نتيجة تنافر الأيديولوجيات المتجذرة في عقول محركي هذه المحاولات، وهو الأمر الذي يمكن ملاحظته بوضوح في مشروع الإمبراطور جستينيان Justinian I (527-565م) الذي بدأ بمحاولة استعادة أقاليم الغرب والسعي الحثيث إلي إرساء دعائم الاتحاد الكنسي بين روما والقسطنطينية وانتهى بتصادم الأيديولوجيات مع البابا فيجيليوس Vigilius (537-555م)، ليشكل نهاية حقيقية لمساعي التوافق بين الكنيستين. ومنذ ذلك الحين، لم يلتق الطرفان عند مفترق طريق. وفي الوقت الذي بدأ النصف الشرقي من الإمبراطورية القديمة يعيد تشكيل نفسه وفق مفاهيم شرقية واضحة بداية من عصر هرقل -مفاهيم نأت به عن الانغماس ثانية في مستنقع الغرب ودفعته إلي البحث عن حلول لمشكلات أعداء القسطنطينية الأكثر خطورة- واصلت كنيسة روما مشروعها مستغلة انكفاء الشرق على نفسه، ومتطلعة إلي فتح أفاق جديدة تدعم قوتها في الغرب. وبهذه المفاهيم لم يكن غريبا أن تسعى البابوية إلى تدعيم تحالفاتها بمملكة الفرنجة، واستخدام إرسالياتها التبشيرية لضم رعايا مسيحيين جدد يسبحون بحمدها ويؤمنون بسموها –كما وضح منذ بابوية جريجوري الأول Gregory I (590-604م). ولذا لم يكن غريبا أن يشهد أواخر القرن الثامن الميلادي –وتحديداً عام 800م- ذروة صدام البابوية بأباطرة القسطنطينية واكتمال مشروعها نحو السمو والأسبقية، بتحقيق الانفصال الكامل بين الشرق والغرب، وتدشين غرب أوروبا بمفاهيم سياسية جديدة ترتكز على وجود إمبراطور للغرب يدين لها بالولاء ويعترف لها بالسمو والأسبقية.