Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
إشكالية الشر في الفكر الإسلامي ومصادره اليونانية /
المؤلف
عبدالعاطي، وليد لطفي زكي محمود،
هيئة الاعداد
باحث / وليد لطفى زكى محمود عبدالعاطى
مشرف / عبدالعال عبدالرحمن عبدالعال
مشرف / هشام أحمد إبراهيم
مناقش / صلاح بسيونى رسلان
مناقش / السيد محمد عبدالرحمن
الموضوع
الأخلاق - فلسفة. الخير والشر - فلسفة. إخوان الصفا. الفلسفة. الفلسفة الإسلامية - قرن 20 (471).
تاريخ النشر
2017.
عدد الصفحات
154 ص. ؛
اللغة
العربية
الدرجة
ماجستير
التخصص
العلوم الاجتماعية (متفرقات)
تاريخ الإجازة
01/07/2018
مكان الإجازة
جامعة المنصورة - كلية الآداب - الفلسفة
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 162

from 162

المستخلص

وضعت إشكالية الشر كلاً من الفلسفة والدين أمام أسئلة صعبة ، أجهدت الفلاسفة عمومًا ، وفلاسفة الدين خصوصاً وكذلك الفرق الإسلامية ، وحتى المتصوفة ، جهدوا لمعالجتها والإجابة عليها انطلاقاً من العقل أحياناً وبرؤية محكومة للنصوص الدينية ، أحياناً أخرى ، وعلى الرغم من المعالجات المعمقة والجدية التي قدمت فى هذا المجال ، إلا إن تاريخ الفكر الديني والفلسفي يضعنا أمام حقيقة ، وهى : أن باب البحث والنقاش فى حقيقة الشر يبقى مفتوحاً على الدوام وأن الخوض فى هذه الحقيقة متلازم مع التفكير الدينى والفلسفى وأيضًا الكلامى والصوفى فى كل مكان وزمان.فقد بدأ الإنسان خطواته المتعسرة فى طريق الخير والشر حيواناً ضعيفاً يفهم الضرر ولا يفهم الشر ، وإذا فهم الضرر فإنما هو الضرر فى جسده أو فيما يطلب الجسد من مطالب الطعام والشراب والأمن والراحة ، وكانت الأرواح كلها ضارة تلاحقه بالأذى والإساءة ما لم يتوسل إلى مرضاتها بوسائل الشفاعة والضراعة أو بوسائل الضحايا والقرابين، فقبل شيوع صورة الشيطان كانت بديهة الإنسان تملأ العالم بأشتات لا تحصى من الأرواح والأطياف ، وكان من هذه الأرواح والأطياف ما يخفى ولا يظهر لأحد ، ومنها ما يخفى على أناس ويظهر لآخرين بالرقى والعزائم ، ومنها ما يتلبس أحياناً بالأجسام ويظهر لكل من لقيه في مأواه ، ولو لم يكن الإنسان يقسم هذه الأرواح إلى ذات خير وذات شر ، لأنه لم يكن يميز بين الخير والشر ، ولم يكن الشر لديه إلا صورة مجردة لعدم الخير أو الفطرة التى تولدت عنده منذ مولده ، فالشر لا يصدر منه خير بإرادته والاعتقاد الوحيد يرجع إلى تلك الفطرة أو ذلك الضمير الذى أشعره بوجود فارق بين الخير والشر .إن عقل الإنسان الأول لا يستطيع فهم القيم المجردة ، وكان لابد له من مثال حسى أو معنوى يصور فيه هذه القيم المجردة ، فكان لابد من أن تدور هذه القيم فى شخص يفهمه العقل البشرى ، والشر بوصفه قيمة مجردة لابد من أن يكون لها تجسيد كيفى ، وبالتالى تجسد الشر فى إبليس أو الشيطان ، ولكن الشيطان ليس له وجود حسى حقيقى والاعتقاد فى الشيطان بوصفه مصدرًا رئيسيًا للشر يرتبط ارتباطاً وثيقاً بقضية الألوهية ، لأن الذى جسد الشر فى الشيطان هو الله سبحانه وتعالى ، وبالتالى فالبحث فى الشر يتطلب البحث فى قضية الألوهية ، أى الإيمان والكفر . وقد انطبع فى تصور الإنسان الأول خلط بين الإله والشيطان ، كما اختلطت الأرواح والأطياف ثم تلمس كل هذه التصورات الأولية ليجسدها فى شخصيات ، لتتخصص كل شخصية لرسالة تتجرد لها وتقدر عليها حيث لا يقدر عليها أحد سواها . كما لم يكن هناك مقياس لدى الإنسان لكى يقيس به الأرواح والأرباب ويقيس بها أعمالها وحقوقها ، ومن ثم لم يستطع التفريق بين الخير والشر وبين سلطان الإله وسلطان الشيطان .كما أن فكرة الخير والشر أصلية فى البشر منذ القدم بل هى السبب الوحيد للتدين والإيمان، فكم من مظهر من مظاهر الطبيعة وعامل من عوامل الكون قد أثر فى الإنسان تأثيرًا معنوياً ، وخلق فى نفسه معتقدًا خاصًا واتجاهًا يختلف عن غيره ، كما أن عوامل الكون ومظاهره تنحصر فى نوعين يختلف مفعولهما فى النفس الإنسانية أولهما مفيد فتستأنس به وترتاح إليه وثانيهما مضر فتخشاه وترهبه ، والإنسان مهما تكن عبادته بسيطة أو متصورة لا تخلو من هذين العاملين ، عامل الخير وعامل الشر ، غير أن الإنسان القديم يؤمن بهذه المظاهر مباشرة ، ويؤله هذه العوامل من غير واسطة، وقد خاض الإنسان فى تجسيده للشر مراحل متعددة إما بالرمز أو بالإشارة ، حتى صاغ هذه التجسيدات فى صور آلهة خالقة للشر (وهى صور معنوية رمز للشر من خلالها) فعبدها وتقرب إليها أو جسدها فى صورة حسية ، ولكن الإنسان القديم فى النهاية كان يعبر عن نفسه أكثر مما كان يعبر عن البيئة التى عاشها .وعلى الرغم من الخلاف بين التيارات الدينية الإسلامية حول مصدر الشر والألم ، فإن وجودهما يمثل حقيقة أكيدة فى الفكر الإسلامى ، وهو ما دعا إلى نشوب الصراعات المشهورة بينها حول قضايا منها الحرية والجبر والعدل الإلهى ... وغيرها ، وهى قضايا نابعة من التساؤلات الملحة للمتكلمين والفلاسفية والصوفية المسلمين عن الشر ، ووجوده ، والمسئول عنه ، والخلص منه ، ومع تعدد الإجابات ظهر ثلاثة تيارات أساسية هى : الفلاسفة من أمثال الفارابى وابن سينا وابن رشد والفرق الإسلامية فى ظل ما يعرف بعلم الكلام مثل المعتزلة والأشاعرة وأخوان الصفا ، وقد حمل كل منهم إجابة مختلفة فى طبيعتها وأسسها .إن التيارات الدينية التقليدية دائمًا ما تطرح هذا التساؤل حول العلاقة بين ” الدين والشر ” فى إطار التعريف والاستدلال على أهمية وجدوى التمسك بتفسيرها للإيمان والأخلاقيات الدينية ، هذا الطرح يترافق مع صيغة تفسيرية وإجابة ثابتة ومعدة قبل التساؤل ذاته ، تقوم على قاعدة مبدئية ترى أن الصورة الوحيدة لهذه العلاقة هى ” التناقض ” فالشرائع الدينية تحرم ارتكاب الإنسان للممارسات التى تمثل صور الشر فى العالم مثل الكفر ، القتل والسرقة ... الخ ، وبالتالى فإن وصول الإنسان للسعادة والخلاص مرهون باكتمال الإيمان الذى يعتمد على أداء التكاليف الدينية بانتظام وتجنب هذه الممارسات المسببة للشر ، فى حين إن ضعف الإيمان أو عدم وجوده ، وارتكاب هذه المحرمات هو سبب الشقاء الإنسانى فى المرحلتين .هذا التفسير يشير إلى أن التيارات الدينية لا ترى وجود فرق بين مصصطلحى ” الدين ” و ” الشريعة ” كما أنها لا تطرح ” الشر ” إلا فى إطار الممارسات العدوانية الظاهرة المتبادلة بين إنسان وآخر ، ما يعنى كونه حالة طارئة يتحملها الإنسان المرتكب لها فقط .إن تبسيط إشكالية الشر إلى هذه الدرجة فعل متعمد تتمسك به التيارات المعبرة بصدق عن الأنساق الحياتية خشية تورطها فى نتائج قد تصطدم بالمقدس ، وبخاصة فيما يتعلق بالعقائد مثل الجبر والحرية أو العدل الإلهى , وهى فى جوهرها تتماس حتى مع الإيمان بالله ، وبالتالى فهى تتجاهل طرح التساؤل حول أصل وجود ” الشر ” وتوجه التساؤل إلى الصور العدوانية المباشرة والصريحة التى لا تعدو أن تكون مجرد نتائج وردود أفعال للشر .