Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
الشعر الأندلسي في العهد العامري :
المؤلف
بدر، رمضان عيد محمد.
هيئة الاعداد
باحث / رمضان عيد محمد بدر
مشرف / فوزى سعد عيسى
مناقش / يحيى محمد نبوى خاطر
مناقش / فوزى سعد عيسى
الموضوع
اللغة العربية تاريخ.
تاريخ النشر
2016.
عدد الصفحات
357 ص. ؛
اللغة
العربية
الدرجة
الدكتوراه
التخصص
اللغة واللسانيات
تاريخ الإجازة
1/1/2016
مكان الإجازة
جامعة بنها - كلية الاداب - اللغة العربية
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 357

from 357

المستخلص

تناول البحث ”الشعر الأندلسي في العهد العامري، دراسة موضوعية وفنية” في خمسة فصول، ومن خلال القراءة المتأنية لمجمل الشعر العامري المطروح في فترة لدراسة (366-399هـ) توصل الباحث إلى مجموعة من النتائج ومن أهمها ما يلي: قيض للحياة الثقافية العامرية نمو كبير فاتسعت آفاقها بسبب الرحلات العلمية وكثرة المؤسسات الثقافية وتشجيع المنصور العامري للعلم والعلماء بما توفر لهم من إمكانات مادية ضخمة. غير أن العناية أكثر ما كانت منصرفة إلى العلوم الشرعية وعلوم اللغة والنحو التي حظيت باهتمام الناس منذ القرن الثاني الهجري، أما العلوم التطبيقية والفلسفة والعقائد فكان ظهورها متأخراً بل إن الفلسفة وما اتصل بها لقيت محاربة شديدة لاسيما في عهد المنصور العامري نزولاً عند رغبة العامة المستوحشة منها. كان المنصور العامري محباً للعلم مؤثراً للعلماء مجزلاً في إكرامهم، وكان له مجلس في كل أسبوع يجتمع فيه أصحاب العلم للمناظرة بحضرته ما كان مقيماً في قرطبة على غرار ما كان يجري مع صاعد اللغوي البغدادي. إن الشعر العامري واضح التأثر بطابع الإقليم ومستجيب لمؤثراته وربما استطاع المتلقي تحديد الحقبة التي عاش فيها الشاعر والأحداث التي ألم بها والحاكم الذي عاصره مما تضمنه شعره من إشارة إلى الوقائع والحروب وإيراد أسماء الحكام والقادة والوزراء العامريين والأمراء الأسبان وقوادهم وأسماء المواضع العامرية أو التي وصلت إليها جيوشهم في حربها مع الممالك الشمالية فضلاً عن ذكر أسماء الشعراء والعلماء وغيرهم من أعلام عصرهم. ثمة رفدان أساسيان أثريا التجربة الشعرية العامرية، تمثل الرافد الأول في تلك الطبيعة الفاتنة التي جذبت أنظارهم وشدت إليها ألبابهم، فراحوا ينعطفون في كثير من نماذجهم الشعرية إليها مصورين مشاهدها، راصدين شدو بلابلها وشجو نواعيرها، مازجين إياها بفنون الشعر الأخرى، متحررين من معاني البداوة التي طبعت قسماً كبيراً من شعرنا القديم. وقد كان لهذه الطبيعة الفاتنة دور كبير وأثر واضح على العامريين سلوكاً وإبداعاً، حيث هذبت أخلاقهم وصقلت طباعهم، فجاء غزلهم – بنمطية الأنثوى والغلماني – عذرى الأمارات، ينأى عن إثارة شهوة أو العزف على أوتار غريزة، وجاء هجاؤهم موضوعياً يخلو من الإسفاف والفحش. أما الرافد الثاني فتمثل في طبيعة الصراع السياسي المحتدم في كثير من الفترات، بين أفراد البيت العامري من جهة، وبينهم وبين القوى النصرانية من جهة ثانية، وبينهم وبين أهل العدوة من جهة ثالثة، حيث راح الشعراء العامريون يواكبون الأحداث السياسية، معبرين عنها في كل صورة من صورها، وكل مرحلة من مراحل تطورها، ولم تقف هيمنة هذا الرافد عند حدود ”شعر الجهاد”، بل تعدته إلى فنون الشعر الأخرى، من مدح وهجاء ورثاء وغيرها من فنون القول الأخرى. تأثر الشعر العامري بطبيعة الموضوع الذي عالجه الشعراء من حيث اختيار الأسلوب الذي يناسبه والألفاظ التي يغلب استعمالها فيه، فكثرت في المديح الألفاظ الدالة على منصب الممدوح ومقامه والإشادة بصفاته التي يختص بها وجعلها موروثة عن الآباء والأجداد وإيرادها في صيغ المبالغة للتعظيم. وتضخمت الذات في الفخر وكثر استعمال الضمائر الدالة على المتكلم أو المتكلمين وإسناد الأفعال الحميدة والعظيمة إليها ونفي غير الحميدة عنها والإكثار من الأسلوب الطلبي وصيغ المبالغة وألفاظ الحرب والسلاح التي دخلت في أجزاء الجملة الرئيسة وتضمنت لغة الرثاء ما يدل على أن المقصود به ميت فازدحمت بالفعل ”كان” ولفظه ”الموت” وما بمعناها وعبرت عن التفجع والحسرة والتلهف والأسف وعظم المصاب باستعمال الأساليب التي يتوصل بها الشاعر العامري إلى ذلك كالندبة والاستفهام والتعجب والإشارة إلى خصال المرثي ومآثره. وردد الشعراء الألفاظ الدالة على أحوال المحبين وصفات حبيباتهم ومقاييس الجمال فيهن واعتماد الأسلوب القديم بذكر البادية وما يتصل بها من نبات وحيوان ومواضع وأهوال إلى جانب الإقبال على تصوير المشاعر والأحاسيس بشعر يعتمد رقة الألفاظ وسلاسة التعبير ورشاقة الموسيقى، ويتأثر بخصائص البيئة الجديدة، ورددوا في خمرياتهم أسماء الخمرة وصفاتها وأوانيها وندمائها والألفاظ الدالة على شربها في الأديرة ووصف ما كان يحدث في مجالسهم والطقوس التي تراعى في شربها هناك. واعتمد وصف الطبيعة في رسم الصور على التشبيه العذب والاستعارة الجميلة واللفظ الموقع الرشيق والجرس الرقيق والموسيقى المناسبة من دون جلبة مع اعتماد الزينة اللفظية بحيث أصبحت هذه السمة ظاهرة عامة في شعر الطبيعة العامري. واضفوا على عناصر الطبيعة إحساسهم ومنحوها الحياة بالتشخيص فتراءت أشخاصاً ناطقة، وعمد الشعراء إلى استعمال الأساليب البلاغية ورسم الصور الساخرة للمهجو ليبتعدوا عن الأسلوب التقريري وليضفوا على أهاجيهم مسحة من الجمال من دون أن يتورع بعض الشعراء العامريين عن نظم الهجاء اللاذع الذي يتضمن الإقذاع والفحش. وأكثروا من الأساليب التي تناسب الزهد والحكمة كالأمر والنهي والتحذير ولم يرقوا فيهما إلى مستوى الإبداع الفني لطبيعة الموضوع والأفكار التي عالجوها. ورددوا في الاستعطاف الألفاظ الدالة على الصفو والاعتذار، واستعانوا بالأساليب التي تمهد لهم قبول العذر والوصول إلى العفو كالمبالغة في ما دل على الضعف والرهبة والخوف وتوكيد المعاني في تعظيم من يتوجهون إليه والعدول عن صيغة الأمر إلى الاستفهام في الالتماس. لم يكن الشعراء العامريون بدعاً في إلتزام تقاليد القصيدة العربية وإنما كان اتجاهاً عاماً لدى شعراء العربية في جميع العصور لأنه جزء من تراثهم الذي يعتزون به، ويمثل رغبة لا شعورية في الارتباط بكل ما هو عربي على مر الزمن وصورة من صور الانتماء إلى الأصل وإن تباعدت الديار من دون أن يعني ذلك اتهامهم بالعجز ويخلو شعرهم من التجدد والطرافة، فلا ينتظر منهم أن يبتكروا ألفاظاً لم يعرفها العرب أو أن يخرجوا عن القواعد المتعارفة لكي يعدوا مجددين. يعد النظم على البديهة والارتجال دليلاً على أن الشاعر العامري قد مرن على قول الشعر حتى أصبح يطاوعه من دون حاجة إلى استشارة عاطفية عميقة فجعل ذلك مقياساً لمقدرة الشاعر واختباراً له ولكن اعتماد هذا اللون من الشعر على سرعة البديهة والارتجال التلقائي سبب في سذاجة أفكاره واقتضابها وبساطة لغته لابتعاد الشاعر عن تثقيف أبياته وتهذيبها. احتفظت لغة الشعر العامري بطابعها العربي في الفصاحة والسلامة فلم تلحقها ألفاظ أعجمية أو بربرية ولم تزاحمها لغة أهل البلاد. وإذا كانت آثار الازدواج اللغوي قد وجدت سبيلها إلى لغة الحديث فإن مظاهرها لم يكد يظفر بها في لغة الشعر إلا ما أدخله الشعراء في قصائدهم من ألفاظ غير عربية لم يجدوا بداً من إدخالها كأسماء الأشخاص والمواضع، أو استعملوها للتظرف والتلميح، وهو من النادر الذي لا يعتد به ولا يمكن عده ظاهرة تتسم بها لغة الشعر العامري. وجدت ضروب الثقافة التي شاعت في العهد العامري صداها في لغة الشعر، فدخلتها ألفاظ وتراكيب دلت على إحاطة الشعراء العامريين بمعارف العصر وعلومه بالإشارة والإحالة والتلميح واستعمال أسماء الأعلام التاريخية ومصطلحات اللغة والعلوم والفنون وما إلى ذلك. ودلت كثرة ورود الألفاظ الخاصة بالكتابة ووسائلها على المستوى الحضاري الذي بلغته الدولة العامرية من حيث العناية بالعلم والتأليف ونشر الثقافة وتهيئة متطلباتها والمنزلة التي حظي بها الأدباء وأولو العلم. إن وجود ما يمكن رده إلى الماضي من الصيغ والتراكيب في لغة الشعر العامري راجع إلى ما للرواية والاطلاع على شعر السابقين من أثر في نتاج الشاعر وإيراد مثل هذه الصيغ والتراكيب فيه سواء أكان أولئك السابقون مشارقة أم أندلسيين. عبرت لغة الشعر عن خصوصية البيئة العامرية فدلت على قدرة اللغة العربية على استيعاب المرحلة والتمكن من التعبير عن كل ما هو جديد ومستحدث، فكانت هناك ألفاظ وعبارات وأمثال خاصة بالأندلس وأساليب غلبت في شعرهم وطرق في التعبير سادت بينهم. لأن استيعابها لذلك كله في كلام يحتاج إلى القيود وتحده القوانين والضوابط وهو الشعر يجعل الأحرى بالكلام المنثور أن تكون له قدرة أكبر على التعبير والاستيعاب. لم يكن الشاعر العامري ينظر في ذهول ودهشة إلى النماذج الرائعة للشعر المشرقي ويكتفي بالإعجاب حاكاها محاولاً اللحاق بها وإثبات تفوقه ومقدرته أمر يدخل غالباً في باب التحدي والمنافسة لا الاقتداء والاتباع والتأثر المجرد وإنما هو تأثر يدل على شخصية متفتحة قادرة على الإضافة الفنية بما يغني وينمي، فقد تلطف العامريون في إخراج المعاني التي سبقهم إليها المشارقة وتفننوا في تصويرها، وربما أجاد بعضهم في تصوير المعنى المأخوذ بعد أن قصر فيه الشاعر المشرقي فضلاً عن محاولة الابتكار والتجديد. أولى الشعراء العامريون الصورة الفنية اهتماماً كبيراً، فراحوا يطلبونها في مصادرها المتعددة- تجريبية كانت أم ثقافية- متخذين من التشبيه والاستعارة والكناية والمجاز وسائل تشكيل، منوعين في أنماطها، فحفل شعرهم بالصور الحركية والصوتية واللونية والكلية والجزئية والحسية. كما اتسمت صورهم بغلبة الطابع الجزئي على الطابع الكلي، والاهتمام بالجانب الحسي، والولع ببعض الصور التراثية وتكرارها دن إضافة أو تنمية. ولكنهم أيضاً استطاعوا الاستفادة من طبيعة الأندلس الفاتنة فكانت لهم صورهم الخاصة التي تعكس مدى تجاوبهم مع واقعهم وامتزاجهم فيه، وتجسد سعة خيالهم ومدى هيمنتهم على أدواتهم الفنية. وفي تناولنا للصورة العامة للقصيدة،أو البناء العام للعمل الشعري فقد استطاع الشاعر العامري أن يهيئ بناء عضوياً واحداً من خلال تلاحم مطالعها ومخالصها ونهايتها، دون أن نشعر بالطفر أو الإنقطاع في تدفق مجرى القصيدة، فجاءت متلاحمة الأجزاء متناسقة الأعضاء، ولم يكن تعدد الأغراض فيها حائلاً بينها وبين أن تبدو صورتها الكلية أو بناؤها العام متماسكاً ومتلاحماً. اتسم شعر العهد العامري بالوضوح والإشراق وعدم الإبهام والإفادة من الأساليب المختلفة وما يمكن أن تحمله من معان إضافية تزيد الفكرة إيضاحاً وتوكيداً والكلام بلاغة وجمالاً، وعني الشعراء بالتشبيه فاستعملوه في سائر أغراض شعرهم وغلب على أساليبهم في رسم صورهم والتفنن في إبرازها على وفق طريقة كل شاعر منهم وأسلوبه في الأداء ونوع التشبيه الذي يختاره. ومنهم من اعتمد اللفظ الغريب الذي يشتد وقعه في الآذان وهو لون من التعبير يفضل الرجوع إلى معاجم وقواميس اللغة العربية لتعرف على معانيها. كانت موسيقى الشعر في العهد العامري أكثر تطوراً واستجابة لمقتضيات البيئة الجديدة وذوقها الفني ومتطلبات الغناء وأثرت النهضة الموسيقية في الشعر لما للتفاعل بينهما من قدرة على التأثير في قوالب الشعر وتوجيهه باستعمال الألفاظ السهلة والتراكيب الواضحة، وكادت القصيدة الطويلة تختص بالشعر الرسمي على حين شاعت المقطوعات في الغزل والهجاء والزهد والحكم، وأخذ الشعراء العامريون ينظمون على الأوزان الخفيفة والمجزوءة. من خلال رصد دقيق لعطاءات أربعة شعراء عامريين ممن وصل إلينا شعرهم في صورة تامة أو قريبة من التمام، وهم : ابن دراج القسطلي وابن شهيد الأندلسي ويوسف بن هارون الرمادي وابن هذيل الأندلسي توصل الباحث إلى أنهم عزفوا على أغلب أوتار قيثارة العروض العربي مع تباين في العزف على هذا الوتر أو ذاك، ومن شاعر لآخر. وجاءت الأبحر الشعرية المستخدمة لديهم موزعة على محاور ثلاثة، ضم المحور الأول ثلاثة أبحر هي : الطويل والكامل والبسيط، وحققت نسبة شيوع قدرها 74,63%. وضم المحور الثاني خمسة أبحر هي: المتقارب والوافر والخفيف والرمل والسريع، وجاء شيوعها محدوداً بنسبة قدرها 23,92%. وضم المحور الثالث أربعة أبحر هي : المنسرح والمديد والرجز والمجتث، وجاء استخدامها نادراً بنسبة قدرها 1,45%، وإذا كان الشعراء الأربعة قد تباينت مواقفهم في التعامل مع هذه الأبحر إقبالاً وإحجاماً فإنهم لم يستخدموا بحرين هما: المضارع والمقتضب. يضاف لما سبق أنهم آثروا بناء قصائدهم على الصور التامة للأبحر الشعرية، وجاء اعتمادهم على الصور المجزوءة للأبحر محدوداً للغاية وفي إطار كل من : الرمل ومخلع البسيط والكامل والرجز والوافر والخفيف. أبدى الشعراء العامريون عنايتهم بالقافية ووعيهم بما لها من دور في إثراء الإيقاع، فآثروا استخدام الروى المطلق، وجاءت حركة الروى لديهم لمكسور فالمضموم فالمفتوح فالساكن. ولم يقفوا عند هذا الحد، بل راحوا يتلمسون سبل إثراء القافية إيقاعياً، فاستخدموا القوافي الداخلية والإرصاد ولزوم ما لا يلزم. دعم الشعراء العامريون موسيقاهم الخارجية ممثلة في الوزن والقافية بموسيقى داخلية نبعت لديهم من خلال اختيار دقيق للكلمات، وما بينها من تلاؤم في الحروف والحركات، وتمثل ذلك في ظواهر عديدة، تذكر منها : التقسيم الموسيقي والتكرار بأنماطه المتعددة والجناس ورد الإعجاز على الصدور والتصريع والتدوير. وبعد... فإنني قد بذلت ما استطعت في هذه الدراسة، راجياً أن أكون قد وفقت في الكشف عن شاعرية الشاعر العامري وإبراز خصائص فنه، وأملي أن أكون قد أسهمت بهذا العمل في خدمة تراثنا العربي الخالد... وأخيراً فلست أدعي العصمة من الزلل، ولكني أقول بذلت جهدي وأخلصت في عملي ولم أبخل على بحثي بطاقة أو جهد، والله أسأل أجر المجتهدين، وما توفيقي إلا بالله.