Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
الحياة الثقافية في خراسان العصر السلجوقي من 429-590هـ/1037-1193م/
المؤلف
حافظ، فيصل سيد طه.
الموضوع
العالم القديم - تاريخ.
تاريخ النشر
2006.
عدد الصفحات
414ص. ؛
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 426

from 426

المستخلص

يتوصل نتائج بعد أن استعرضنا فى الفصول السابقة كل ما يتعلق بالحياة الثقافية فى خراسان فى العصر السلجوقى من (429 – 590هـ/ 1137 – 1193م)، كان لابد أن نشير إلى أهم النتائج التى تم التوصل إليها من خلال هذا البحث.• يتضح من هذا البحث أن خراسان فى فترة الدراسة كان إقليمًا كبيرًا وعامرًا يتبعه الكثير من المدن، والنواحى، والقرى، ويقسم إلى أربعة أرباع كبرى هى (نيسابور، ومرو، وهراة، وبلخ).•يتضح أيضًا أن السلاجقة يرجعوا فى أصولهم إلى قبائل الغز الأتراك، التى كانت تقطن منغوليا، ثم بدأوا فى التحرك غربًا إلى أعالى نهر سيحون، ثم إلى مدينة جند، حيث اعتنقوا بها الدين الإسلامى، وقاموا بدور مهم فى الصراعات القائمة فى خراسان، وانتهى بهم الأمر إلى الانتصار على الغزنويين فى موقعة داندنقان عام (431هـ/ 1040م)، التى كانت إيذانًا بميلاد إمبراطورية جديدة هى الإمبراطورية السلجوقية.• استقرت دول السلاجقة فى خراسان، ثم بدأ السلاجقة حركة توسيعية شرقًا وغربًا، فتمكنوا من فرض سيطرتهم على البلاد المجاورة.• شهدت خراسان مرحلة من الضعف منذ منتصف القرن السادس الهجرى/ الثانى عشر الميلادى، بسبب الفراغ السياسى الذى أعقب وفاة السلطان سنجر السلجوقى عام (552هـ/1157م)، وما تلى ذلك من فوضى بسبب سيطرة الغز على معظم مدن خراسان، وانتهى الأمر بسيطرة الدولة الخوارزمية على خراسان، ثم انتهى أمر سلاجقة العراق فى عام (590هـ/ 1193م).• ازدهرت الحياة الثقافية فى خراسان فى تلك الفترة نتيجةً لعوامل عدة؛ منها اهتمام الحكام والسلاطين بالحياة الثقافية، كما أسهم وزراء السلاجقة فى النهوض بالحياة الثقافية عن طريق تشجيع الأدباء وإغداق الأموال عليهم، وعقد المجالس العلمية والأدبية لهم، كما عملوا على إنشاء المكتبات وتزويدها بالكتب، هذا فضلاً عن أن كثيرًا ممن تولى الوزارة فى عصر السلاجقة كانوا من الأدباء الذين أسهموا بمصنفاتهم فى التقدم العلمى والأدبى، وأشهر هؤلاء الوزراء على الإطلاق الوزير نظام الملك السلجوقى.• يتضح من خلال الدراسة أيضًا أن منزلة العلماء فى مجتمع خراسان، وانتشار دكاكين الوراقين، وشغف أهل خراسان بالعلم من أهم عوامل ازدهار الحياة الثقافية. وكان للصراعات المذهبية فى خراسان أثر كبير فى تقدم الفكر الإسلامى فى خراسان فى تلك الفترة• أوضحت الدراسة أيضًا أنه بالرغم من ازدهار الحياة الثقافية فى خراسان فى تلك الفترة، إلا أنه كان هناك عوامل مؤثرة سلبًا على الحياة الثقافية، ومن أهم هذه العوامل الحروب، والفتن، وعدم الاستقرار، إضافة إلى الفتن التى كانت تحدث بين أصحاب المذاهب المختلفة، وما يعقب ذلك من تخريب وتحريق للدور، والمساجد، والمدارس.• يتضح من الدراسة أن الحياة الثقافية فى خراسان كانت فى أوج ازدهارها فى هذا العصر، بدليل كثرة المؤسسات الثقافية، والتعليمية، من مساجد، وكتاتيب، ومدارس، ورباطات، وخانقاوات. وكانت المدن الرئيسية بخراسان مثل نيسابور، ومرو، وهراة، وبلخ زاخرة بعدد كبيرٍ من المدارس والعلماء فى شتى العلوم، مما جعل خراسان فى هذا العصر قبلة لطلبة العلم من شتى البلاد الإسلامية، كما كان لأبناء خراسان أثر كبير فى إفادة طلبة العلم فى البلدان الأخرى عندما كانوا يرحلون إليها من أجل التدريس، أو الإقامة.•يتضح من الدراسة أن المدارس النظامية التى أنشأها الوزير نظام الملك لم تكن أول المدارس نشأة فى خراسان، ولكن يمكن القول أنها أول مؤسسات تربوية رسمية تدخلت الدولة فى تحديد أهدافها، ورسم مناهجها، واختيار أساتذتها، والقيام بالإنفاق المنظم عليها، حيث تعتبر المدارس النظامية من بين أرقى الجامعات الأولى فى العالم المتحضر• أوضحت الدراسة نبوغ العديد من أبناء خراسان فى مختلف العلوم الدينية، ففى علم القراءات ظهر العديد من علماء خراسان، وصنفوا فى هذا العلم مصنفات مهمة مثل الأندرابى.•تقدم علم التفسير فى تلك الفترة وظهرت كتب تفسير تعبر عن الاتجاهات الفكرية المختلفة فى خراسان فى تلك الفترة، فظهرت تفاسير تعبر عن أهل السنة، وتفاسير أخرى تعبر عن الفكر الصوفى، وتفاسير تعبر عن الفكر الشيعى.•ظهر بخراسان بعض كبار فقهاء الشافعية الذين أَثْرَوا المكتبة الإسلامية بكتبهم القيمة، التى لازالت إلى اليوم من المصادر الرئيسية التى لا غنى عنها فى الفقه الإسلامى، من أمثال إمام الحرمين الجوينى، والإمام الغزالى.•نبغ بخراسان العديد من علماء الحديث، وظهرت أسر متخصصة فى هذا العلم مثل، أسرة السمعانى بمرو، وأسرة الشحامى، وأسرة الفراوى، وأسرة الفارسى بنيسابور، وكذلك الشيخ عبدالله الأنصارى، والفراء البغوى بهراة.•لم يقتصر دراسة الحديث على الرجال فقط بخراسان، بل شمل النساء أيضًا، ومن محدثات خراسان فى تلك الفترة عائشة بنت عبدالرحمن، وبيبى الهرثمية.•كشفت الدراسة أن علماء الحديث تركوا آثارًا مهمة فى علم رواية الحديث، تتسم فى غالبها بالاهتمام بأحاديث الأحكام الفقهية، مما يؤكد الصلة الوثيقة بين الحديث والفقه، وأنهم لم يكونوا مجرد حفاظ بل كانوا حفاظًا، وفقهاء أعملوا عقولهم فى محفوظاتهم بالنقد، والاستنباط الأمر الذى جعل هذه الآثار ثروة علمية ضخمة فى الحديث والفقه، ونضيف إلى ذلك دقتهم فى تأليفها، وحسن تصنيفهم.•اتضح من خلال الدراسة أيضًا أن خراسان كانت مركزًا كبيرًا فى العالم الإسلامى، وظهر بها عدد كبير من مشايخ، وعلماء الصوفية؛ أمثال الشيخ أبو سعيد بن أبى الخير الميهنى، الذى كان من عظماء الصوفية فى بداية العصر السلجوقى، ومن علماء صوفية خراسان أيضًا الشيخ أبو القاسم القشيرى، والإمام أبو حامد الغزالى، وقد كان لهما دور مهم فى تطور التصوف، وتحوله إلى التصوف السنى، فأصبح الصوفية فى هذا الوقت يراعون قواعد الشريعة فى تصوفهم. وكان لمحبة الخراسانيين للتصوف أن ظهرت بعض الطرق الصوفية ذات الأصول الخراسانية، مثل الطريقة الملامتية بنيسابور.•أوضحت الدراسة أيضًا أنه كان للشيعة أثرهم، وإنتاجهم العلمى فى خراسان فى هذا العصر، وكذلك الإسماعيلية الذين كان لبعض علمائهم مؤلفات قيمة فى دراسة الفكر الإسماعيلى، مثل ناصر خسرو القباديانى، وقد لعبت الإسماعيلية دورًا كبيرًا ضد سياسة الدولة السلجوقية سياسيًا ودينيًا، وخاصة بعد إلغائهم تكاليف الشريعة، وإباحتهم المحرمات، فتصدى لهم كبار علماء خراسان، وفندوا أفكارهم فى العديد من المؤلفات.• أوضحت الدراسة أن العلاقة كانت قائمة بين التصوف والتشيع، ولكن التصوف لم يصل إلى حد يصبح تيارًا قويًا بين الشيعة فى تلك الآونة، عكس الأمر لدى أهل السنة الذى صار التصوف تيارًا واضحًا لديهم منذ وقت مبكر.• تميزت الحياة الأدبية وازدهرت فى خراسان فى هذا العصر، بسبب تشجيع الحكام على ذلك، فظهر العديد من الشعراء أصحاب الدواوين بالفارسية والعربية، والتى لا زالت دواوينهم توضح مواهبهم فى الشعر، ومن أبرز هؤلاء الشعراء الأنورى، والأمير المعزى، الباخرزى، وكان من أبرز الأدلة على نبوغ الخراسانيين فى الشعر، والنظم أن معظم كتب ناصر خسرو التى صنفها على كثرتها كانت نظمًا، وكذلك فريد الدين العطار•نبغ العديد من الخراسانيين فى مجال العلوم العقلية، مثل ابن أبى صادق النيسابورى فى الطب، وعمر الخيام، والخازن المروزى فى الفلك والرياضات، فضلاً عن العديد ممن نبغوا فى علم التاريخ، والجغرافيا، والفلسفة، والصيدلة.•ازدهرت حركة الفنون المختلفة من عمارة ونسيج، وصناعة التحف المعدنية، والخشبية، وأيضًا التحف الزجاجية، وازدهر أيضًا فن التصوير والرسوم الحائطية، مما جعل عصر السلاجقة من أهم عصور الفن الخراسانى.• يتضح من خلال الدراسة أنه كان هناك تأثير، وتأثر بين خراسان، وبلاد العالم الإسلامى الأخرى؛ مثل العراق، ومصر، والشام، والحجاز، وبلاد المغرب والأندلس، فضلاً عن بلاد ما وراء النهر، وفارس.
ثانيًا: التوصيات:كان لابد من الخروج من هذا البحث بمجموعة من التوصيات حتى تتم الاستفادة لأبناء عصرنا الحاضر بدراسة تراث أسلافهم فيأخذوا من ذلك العبرة والعظة، فيكون لهم خير معين للاستفاقة من كبوتهم الحالية.•أهيب بجهود الباحثين فى ميدان اللغة الفارسية، والعارفين بها أن يوجهوا اهتمامًا إلى ترجمة الكتب التاريخية، والأدبية من الفارسية إلى اللغة العربية، خاصة فى المرحلة التى نحن بصددها، حيث إن كثيرًا من المصادر لازالت حبيسة لغتها الأصلية؛ مما يحرم الباحثين من بعض الجوانب المجهولة من تاريخ الأمة الإسلامية، ولاشك أن مصادر ومراجع هذه البلاد قد تعطى صورة واقعية عن أحداثها فى غالب الأحيان.•واعتقد أن هذه المصادر لو تم ترجمتها لكانت إضافة مهمة للمهتمين بالدراسات الإسلامية فى بلاد المشرق الإسلامى، ولدفعت كثيرًا من الباحثين المحجمين إلى خوض غمار البحث فيها.•كشفت الدراسة عن عظمة شخصيات علماء أهل السنة فى خراسان فى العصر السلجوقى لأبناء عصرنا الحاضر؛ حتى يعرفوا أن أسلافهم من حفاظ السنة، والقوامين عليها كانوا على قدر كبير من الوعى بثقافة عصرهم، وأنهم لم يألوا جهدًا فى الحفاظ على حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم. فعلى أبناء عصرنا الحاضر أن لا ينخدعوا بالدعاوى المضللة التى تريد أن تبعدهم عن تاريخ أسلافهم المجيد، وأن يقبعوا على ما تركوا من تراث ضخم يتلمسون فيه سبيل الهدى والرشاد، حتى ينتهوا مما هم فيه من حيرة وضلال.• سجايا العلماء من جود، وكرم، وعفة، واحترام، وود دائم بين بعضهم البعض، وحرص على الجهاد، ونشر العلم، وصفاء السريرة. كل هذه السجايا وغيرها ظهرت فى علماء خراسان، وينبغى على طلاب العلم أن يتمثلوا بهذه الصفات، ويتحلوا بها إن أرادوا لأنفسهم عزًا، ولحياتهم راحة واستقرار.•اهتم حكام خراسان بالعلماء، وبلغوا فى ظل السلاجقة منزلة الملوك. وكم من علماء المسلمين اليوم من يبذلون جهودًا عظيمة، ويقدمون خدمات جليلة بفكرهم البناء، وآثارهم العلمية المخلصة، ومع ذلك لا يلقون أى تقدير.•التحم علماء خراسان بالمجتمع، وكان العامة يقدرونهم، ويجلونهم، وتنصب القباب لاستقبالهم على مسافات خارج البلد عندما يقدم عالم إليها، فهل صلة العلماء اليوم بالعامة موجودة، وهل هناك احترام وتقدير متبادل بينهما.•كانت الرحلة فى طلب العلم من السمات المميزة لأبناء خراسان، وكان طلاب الحديث أكثر من غيرهم اهتمامًا بالرحلة، وكانت لهذه الرحلة صفات عامة تحلى بها الطلاب، مثل: التواضع، والزهد، والحرص على طلب العلم. فهل يحرص طلاب العلم اليوم على الترحال خلف العلماء لأخذ العلم، والتلقى عنهم مشافهة، أم يكتفى طلاب العلم بكتاب، أو مذكرة، أو شريط مسجل، أو فيديو، كدليل على التلقى والتعليم، ولو اتجه القائمون على التعليم فى العالم الإسلامى بجمع ما ينتجه العلماء وتصنيفه بحسب الموضوعات، ووضع كل ذلك فى مكان واحد يرد إليه طلاب العلم لانتفعت به الأمة الإسلامية. •لم يكن يسمح لطلاب العلم بالترحال، إلا بعد حفظ القرآن الكريم وإتقانه، فمن الممكن أن يقرر على طلاب العلم فى الجامعات اليوم فى كل قسم من الأقسام بعض من السور القرآنية تخدم هذا، أو ذاك الفرع من فروع العلم.•قام المسجد بدور مهم فى الحياة الثقافية فى خراسان، وقد أعطى فرصة كبيرة للتعارف، والتآخى ووحدة الصف، كما حقق نوعًا من الوحدة الفكرية بين أبناء خراسان، وأسهم فى تكوين الرأى العام؛ ولذلك ينبغى الاهتمام بالمسجد، وإعادة دوره السابق.•كان للكتاتيب دور مهم أيضًا، وأثر بالغ فى محو الأمية، وكان العلماء يهتمون بالنوابغ اهتمامًا خاصًا، وهذا درس ينبغى أن تهتم به المؤسسات العلمية فى العالم الإسلامى إن أرادت تنشئة جيل صالح، ومجتمع مثالى.
وفى الختام أرجو أن أكون قد وفقت فى إلقاء الضوء على الحياة الثقافية فى خراسان فى العصر السلجوقى، وإيضاح أهم الموضوعات التى تناولها البحث.