Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
نحو سياسه جنائيه لحمايه البيئه/
الناشر
اسامه محمد عبد العزيز،
المؤلف
عبد العزيز ، اسامه محمد.
الموضوع
البيئه.
تاريخ النشر
2005 .
عدد الصفحات
327 ص.؛
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 247

from 247

المستخلص

طبيعة جرائم تلويث البيئة ، والتي تعد نمطاً جديداً من الجرائم يتميز عن غيره من أنواع الجرائم الأخري ، سيما في بعض أحكام المسئولية الجنائية التي تختلف في طبيعتها عن المسئولية الجنائية التقليدية ، وكذا في خصوص مدي وضوح الركن المادي والمعنوي للجرائم وكذا من حيث النتيجـــة الإجرامية ، وعلي ذلك فإن البحث يثير العديد من المشاكل تدور حول طبيعة وأساس المسئولية الجنائية في هذه الجرائم ، ونوردها على النحو التالي :
أولاً : من حيث الإسناد المادي للجرائم :
فلا يمكن أن نغفل أن تحديد الجاني في جرائم تلويث البيئة قد يكون أمراً بالغ الدقة والصعوبة ، ذلك أن تلويث البيئة ، أياً ما كان لا يتم عادة بواسطة فاعل واحد ، وإنما يتم غالباً باشتراك عدة مصادر متعددة قد لا يربط بينها رابط ، فتلوث الهواء في منطقة معينـــــة مثلاً قد يكون ناتجاً عن انبعاث أدخـــــنة من المصانع والمنشـــــــآت القائمة بالمنطـــــقة ، أو نتيجة انبعاث أدخنة من وسائل المواصلات التي تمر بها ، أو بسبب أجهزة التبريد أوالتدفئة المستخدمة في المباني ، وهكذا لا يمكن تحديد أسباب التلوث بشكل قاطع ، مما يجعل المسئول عن جريمة التلوث أمراً بالغ التعقيد والصعوبة .
كما قد يثور التساؤل أيضاً ، هل يقتصر وقوع تلك الجرائم من الأفراد ، أم من الممكن أن يمتد إلي الأشخاص المعنوية أو الجماعات ؟ فتقرير المسئولية الجنائية للشخص المعنوي يعد تحدياً كبيراً في مجال القانون الجنائي ، وذلك بعد أن تعاظم دور الأشخاص المعنوية في حياتنا الاقتصادية والاجتماعية من جهة ، وخطورة بل وجسامة الجرائم التي ترتكب باسمها ولحسابها من جهة أخرى .
فالصعوبة الحقيقية في مكافحة الإجرام البيئي تأتي مع التعامل مع الشخص المعنوي لا الطبيعي ، فلا يمكن أن تقاس أبعاد وآثار الجرائم البيئية المرتكبة بمعرفة المؤسسات أو المنظمات بنفس مقياس ارتكابها من جانب الأفراد ، كما أن الإحساس بالضرر يتلاشي لدي الأشخاص الاعتبارية ، والقول بذلك قد يؤدي أحياناً إلي هجر بعض المبادئ التقليدية الراسخة كفكرة الإذناب ، بل فكرة المسئولية في بعض الأحيان لما من خلافات بين الشخص الطبيعي والمعنوي في بعض الأحكام المتعلقة بإمكان إثبات إرادة هذا الفاعل وما إليها من مشاكل سوف نعرض لها في حينه .
ثانياً : من حيث أركان الجريمة :
كما يثور البحث حول أركان الجريمة ، مما نجد معه لازماً أن نطرح العديد من التساؤلات :
أ‌) فمن حيث الركن المادي لتلك الجرائم ، وعن الصورة التي يمكن أن يتخذها النشاط إلإجرامي في هذه الجريمة والسلوك الذي يمكن أن تتحقق به الجريمة ، فيثور التساؤل عما إذا كان هو السلوك الإيجابي فقط ، أم أنه يمكن وقوعه بطريق الامتناع ، وإلي أي مدي يمكن لجريمة الامتناع أن تقع لمجرد مخالفة الواجب ، وما هو الترك أو الإهمال الكافي لتكوين الجريمة؟ وإذا كانت الإجابة علي الشق الأول من التساؤل بالإيجاب فهل يجب أن يكون ذلك الامتناع عن واجب قانوني محدد في القانون ، أم أنه يكفي أن يكون هناك امتناع يصلح لأن يكون ركناً مادياً طالما سبب ضرراً ؟ .
كما وقد نجد الركن المادي متصفاً بنوع من عدم الدقة والتحديد ، وذلك لأسباب تتعلق بتوسع المشرع في استخدام نصوص واسعة ، فضفاضـة ومرنة ، من شأنها أن تستوعب القدر اللازم من الأفعال التي يراها واجبة الدخول في نطاق التجريم ، كما قد يلجأ المشرع أيضاً إلي الإكثار من الإحالة إلي القرارات واللوائح الإدارية التي تحدد ذلك الفعل المادي ، وذلك من أجل ملاحقة كل ما يظهر مجدداً من تلك الأفعال ، مما قد يؤدي إلي عدم وضوح الجريمة في ركنها المادي.
ب) كما أن تراخي النتيجة الإجرامية قد يؤدي ، وفقاً لطبيعة الجرائم موضوع البحث ، إلي ظهورها بشكل غير محسوس وبطريقة تدريجية ، كما أنها قد تتحقق في مكان وزمان غير هذين اللذين ارتكب فيهما السلوك الإجرامي ، مما يضعف الشعور بتلك النتيجة أو بميعاد تحققها .
ج) كما أن الركن المعنوي للجرائم موضوع الدراسة قد لا ينطوي علي الخطأ الجنائي بالمعني المفهوم في قانون العقوبات العام ، فهناك من الجرائم مالا يمكن معها إثبات الركن المعنوي كما في الجرائم التقليدية الأخري ، وذلك نظراً لاختلاف طبيعة الجرائم موضوع البحث عن تلك الجرائم التقليدية.
كما لا يفوتنا أن نشير إلي أن البحث يثير العديد من الجرائم البيئية التي تعد جديدة علي بسـاط البحث ، هذه الجرائم تتمثل في استخدام البعض للبيئة في تكدير السلم والأمن العام وبث الرعب في نفوس البشر ، من ذلك استخدام فيروسات وميكروبات فتاكة كسلاح في الحروب الباردة .
كما أن هناك تحدياً آخر يتمثل في محاولة تطبيق القواعـــــد المتقـــدم ذكرها لا في المجال الجنائي الداخلي فحسب ، وإنما في مجال القانون الجنائي الدولي ، فالاعتداء علي البيئة قد أصبح في بعض الصراعات الدولية نوعاً من الحروب التي تهدف بها بعض الدول إلي فرض سيطرتها وممارسة لعبة القوة ضاربة بعرض الحائط كل الأعراف والقوانين والاتفاقيات التي تهدف للحفاظ علي كرامة الإنسان وحقه في العيش في بيئة متوازنة ، وهو ما رأينا معه الخوض في تفاصيله ومحاولة سبر أغواره بمناقشة سبل من الوسائل الجنائية لفض النزاعات البيئية الدولية .
لذا فقد كان اختيار عنوان البحث علي النحو المتقدم ” نحو سياسة جنائية لحماية البيئة ” خير معبر عما كان يجول في خاطر الباحث ، حيث لم يكد الفقه الجنائي يتفق علي سياسة جنائية معينة لحماية البيئة وصارت محاولات حمايتها من الناحية القانونية ، بل والجنائية ، تلك المحاولات القائمة ، صارت واحدة من الإشكاليات التي لا تكاد تجد حلولاً لتناولها في بعض الأحيان دون مراعاة لاختلاف طبيعة المصلحة المحميـــــة ، ولئن كان موضوع البحث يتمثل فى دراسة موقف القانون الجنائى من أفعال الاعتداء على البيئة عموماً ، وطبيعة الأحكام التى خصها بها بهدف ضمان فاعلية إنفاذ نصوصه فى مواجهتها ، بحسبانها خط الدفاع الأخير ضد هـذه الأفعال ، فإن دراستنا ستنصب على الأحكام العامة لجرائم الاعتداء على البيئة عموماً ، والتى وإن كانت تخضع كغيرها من الجرائم لقواعد القسم العام ، فإنها فى ذات الوقت تتميز بذاتية مستقلة تستدعى إخضاعها لبعض الأحكام الخاصة ، والتى قد تنطوى فى مجملها على خروج على تلك القواعد ، لأنها تتحلى ببعض الخصوصية على النحو الذى أوردناه ، ولقد رأينا محاولة التعرض لتلك المشكلات بغرض استشراف سياسة جنائية لحماية البيئة.