الفهرس | يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام |
المستخلص من نافلة القول إن الدرس النحوي قد نشأ وتطور تحت مظلة القرآن الكريم ، إذ إن الدافع الحقيقي وراء سعي النحاة الأول لجمع اللغة والتقعيد لها كان هو الحفاظ على النص القرآني من اللحن والتحريف الذي بدأ يتفشى في الألسن بعيد توسع رقعة الدولة الإسلامية ، وإسلام الكثير من غير العرب ورغبتهم في تعلم اللغة العربية التي نزل القرآن الكريم بها ولعل أشهر الأمور التي ربطت القرآن بالنحو هي مسألة القراءات القرآنية ، حيث أفرد لها الكثير من الدراسات التي تناولتها من جوانبها المختلفة ، وبأنواعها المختلفة (متواترة وآحاداً وشاذة) ، فصنفت الكتب ونظمت المطولات والأراجيز ، ووصل إلينا ما وصل ليدل على ثراء هذه الدراسات وتنوعها ، وليدفعنا هو بدوره إلى تأملها وإخضاعها للبحث والدراسة ، ومن هنا كانت وقفتي أمام واحدٍ من أهم الكتب التي تناولت القراءات ـ خاصة الشاذ منها ـ ألا وهو كتاب (المحتسب في شواذ القراءات) لأبي الفتح عثمان بني جني ، حيث عني فيه بتوجيه القراءات الشاذة وفقا لما تكلمت به العرب ، وجاء على ألسنتها شعرا ونثرا ، عسى أن يتوافر للقراءة وجهاً من أوجه اللغة ليبعدها من الشذوذ اللغوي ـ على الأقل ـ لتبقى شاذة من حيث السند فحسب. |