الفهرس | يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام |
المستخلص لما كانت الشريعة الإسلامية بخصائصها وقواعدها صالحة لكل زمان ومكان، مستوعبة كل القضايا والحوادث، إلا أنها أخف قت في كل تجارب تطبيقها الحديثة؛ الأمر الذي حدا بالبحث عن الأسباب التي أدت إلى ذلك، حيث تبين أن التصدي للتشريع في تلك التجارب لم يكن مسبوقًا بالنشاط الفقهي المطلوب، حيث اقتصر المنهج الذي انتهجته على صياغة ما توصل إليه فقه السلف الصالح من حلول في صورة مواد قانونية دون أن يتجاوز ذلك إلى الاجتهاد أو الإبداع، فجاءت تجريدات ذهنية بعيدة عن الواقع المعيش، لكون تلك الاجتهادات وعلى الرغم من دقتها وتميزها، إنما كانت ثمرة لعصر هؤلاء الأئمة بقضاياه ومشكلاته، ولم تكن محصلة لمعطيات الواقع المعاصر، مما جعل الالتجاء إليها والاحتماء بها معوقًا ومانعًا حضاريًا من حيث أريد لها أن تكون مشروع نهوض. وانتهى البحث إلى أن العمل على تقنين أحكام الشريعة لضبط واقع الناس بهدي الدين في سلوكهم الاجتماعي، يحتاج إلى منهج تطبيقي، غايته تسهيل الطريق لتلك الأحكام لكي تصبح جارية في حياة الناس محققة المقاصد المنشودة منها، يبدأ هذا المنهج بالفهم المزدوج، فهم النص الديني وفهم الواقع المراد إصلاحه في آن واحد، وفي هذه المرحلة يتم تناول النص الديني في أوامره ونواهيه بالنظر الاجتهادي لاستجلاء الحكم الشرعي منه واعتبار الغاية التطبيقية فيه، حتى يدرك المراد الإلهي فيما ينبغي أن يقع وما لا ينبغي أن يقع، بناء على ما فيه مصالح الناس التي هي الغاية العليا للدين، ثم يتم بذلك الفهم إعداد الحكم الشرعي إعدادًا مراعً فيه مقتضيات التطبيق الواقعية، بحيث يكون مؤسسًا من جهة على المراد الإلهي المدرك بالفهم ومكيفًا من جهة بمقتضيات الأوضاع الواقعية التي يعيشها الناس في ظرفهم الزماني والمكاني، ثم يتم بعد ذلك التطبيق الفعلي لتلك الصياغة على أن يراعى في تنزيلها على الواقعات والحوادث الفردية اعتبارات ظروف وملابسات الزمان والمكان لكل حالة عل حدة. |