الفهرس 
الفصل الاوليوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام
 |  | from | 227 |  |  |
| | | from | 227 | | |
المستخلص
لقد تو ص ل أينشتاين بعد الحرب إلى استنتاج مفاده أن الأسلحة النووية تشكل خطرًا عميقًا على البشرية
ويمكن أن تضع حدًا للمجتمع المتحضر في الوقت المناسب. كان رد فعله البديهي هو تكريس جهوده للقضاء على
الأسلحة النووية واستئناف دعوته لتشكيل حكومة عالمية تتمتع بالسلطة للحكم على النزاعات والسلطة لمنع اندلاع
الحرب. وشرع في هذا الطريق بتفاني وإحساس بالمسؤولية تجاوز الشدة والحدة السياسية في أي فترة أخرى.
لم يفكر أينشتاين في أي وقت من الأوقات في المشكلة المعقدة للغاية المتمثلة في نقل القوة العسكرية من
الدول القوية إلى سلطة عالمية، ولم يبحث عن الطرق الممكنة التي يمكن من خلالها الحفاظ على الولاء والفعالية
والاستعداد للمخاطرة بالحياة في منظمة جديدة. ولم يكن يجهل هذه المشكلة الحاسمة؛ بدلاً من ذلك، كان يخشى
الطغيان من قبل حكومة عالمية أقل بكثير من محو الحرب النووية. وكان يعتقد أنه يجب أن يكون هناك طريقة ما
للمرور خلال الفترة الانتقالية بأمان، إذا تم ذلك بسرعة، وغالبًا ما أشار إلى الرسالة التي تشكلت بها الولايات
المتحدة من المستعمرات، إلى سرعة تغيير الهند في عهد غاندي، وإلى التلاشي شبه الفوري لمؤسسة العبودية
”بمجرد موافقة الدول على إلغائها، وكان ذلك يمثل انتعاشا لطبيعة العلاقات بين الدول في ذلك الوقت.
هذا الانتعاش في شكل حديث وعاجل لإصرار أينشتاين منذ فترة طويلة على ضرورة إلغاء الحرب كأداة
للسياسة الوطنية هو في الواقع إرثه للأجيال القادمة من العلماء. إن الفحص الموجز لكيفية استجابة المجتمع العلمي
يحكي الكثير عن تفاعل العلماء مع مشكلة الحرب النووية على مدى ربع القرن الماضي.
ظل أينشتاين ثابتا طوال حياته على المبادئ التي تقتضيها الفروض الأساسية لسياسته. ومنذ الأيام التي كان
فيها طالبا في سويسرا، دعم السياسات الاقتصادية الاشتراكية التي يخفف من وطأتها الميل نحو الحرية الفردية
والاستقلالية الشخصية والأعراف الديمقراطية وحماية الحريات. وقد نشأت علاقات صداقة بينه وبين العديد من
الزعماء الاشتراكيين الديمقراطيين في بريطانيا وأمريكا مثل برتراند راسل ونورمان توماس.
وكان مفاد ما سبق أن الأجيال السابقة أهدت إلينا علم اً وصناعة فائقة التقدم وهما هدية قيمة تتيح لنا أن
نجعل حياتنا حرة جميلة إلى حد لم يبلغه أحد قبلنا ، ولكن هذه الهدية تحمل في ثناياها أيضا أخطار تهدد كياننا أكبر
من أي أخطار هددت هذا الوجود من قبل، وإن مصير البشرية المتمدنة يتوقف الآن أكثر من أي وقت مضى على
الطاقة الأخلاقية التي في مقدورنا ومن هنا كانت المهمة التي القيت على عاتق عصرنا أصعب دون شك مما أداة
أسلافنا المباشرون بنجاح.
8
سيرة أينشتين الذاتية :
ولد ألبرت أينشتين في 14 من مارس )آذار( سنة 1876 في مدينة أولم Ulm بألمانيا ، والتحق بالمدرسة
الابتدائية في ميونيخ وتلقى فيها دراسته الثانوية حتى انتقل والده إلى إيطاليا ، ثم إلى سويسرا حيث تابع دراسته
الثانوية فيها. ثم تخصص في دراساته العليا في الفيزياء والرياضيات واشتغل بالتدريس الخاص عدة سنوات، ثم
وجد له عملا في مكتب تسجيل براءات الاختراع في برن) 1 ) .
لقد كان طفلا عجيبا شاذا . لا يشبه أن يكون ابنا المهندس كهربائي وذات يوم سارت فرقة من جنود
في النوافذ يهتفون ويصفقون وكان الاطفال على » كل الألمان الطيبين « القيصر خلال شوارع ميونيخ ، وتجمع
وجه الخصوص ، مفتونين بمنظر الخوذات اللامعة ، وخطوة الاوزة المتعجرفة التي يسير بها الجنود ، ولكن
ويخشاها، وأخذ يتوسل الى والدته أن تحمله » تلك الوحوش المحاربة « ألبرت أينشتاين كان يرتعد .. فانه كان يحتقر
بعيدا إلى بلاد أخرى حيث لا يصير أبدا واحدا من هؤلاء ، ووعدته أمه بذاك ، لتسري عنه وتهدئه. ) 2 )
انه غلام شاذ حقا ، فلم يكن لديه شيء من حماية الأطفال الآخرين ولا عقليتهم ، وكان والده يتألم من
تائه دائما في « التقارير التي تصله من مدرسي ابنه ، فقد كانوا يخبرونه أن الغلام بطئ العقل ، غير اجتماعي
الأب ثقيل الظل، ولكن ألبرت كان يدرى شيئا « أى » باترلانجفيل « وأطلقوا عليه لقبا مضحكا هو » أحلامه الحمقاء
عن قلق والديه ومن يكبرونه سنا بخصوصه ، بل كان يشعر بحيوية متدفقة .. وهو يهيم في عالم مملوء بالعجائب ،
وأخذ يسير أغوار ذلك العالم بمفرده . ولم يجد أنه يحتاج الزملاء آخرين فكان يؤلف الاغاني ويجمع لها الكلمات في
التسبيح بحمد الله ، وكان يلعب في حديقة أو يسير في الطريق وهو يرفع صوته بهذه الاغاني ، و كان يشعر بسعادة
يصعب وصفها. ) 3 )
وكان ألبرت وحيد اً، ما خلا ما كان يجده من صحبه كتبه ، وقد مد يديه عبر القرون و كون صداقات مع
أقليدس ، و نيوتن ، وسبينوزا ، و ديكارت .. هؤلاء الرياضيين والفلاسفة الذين كان قد أتقن دراسة أعمالهم و
مؤلفاته قبل أن يبلغ سن الخامسة عشرة، وكان يعبد الشعراء والموسيقيين من أمثال مينی ؛ وشيللر ؛ وجنته ،
وبيتهوفن ؛ وموزارت ؛ وباخ ، فهنا كان يجد عال من النظام والانسجام ، والقانون ، وكان ذلك نوعا من المنطق
الذي كان بلسما لروح ذلك الغلام الحساسة ، والتي حيرتها التصرفات غير المنطقية من جانب مدرسيه وزملائه
التلاميذ. ) 4 )
( 1 (ياسين خليل: مقدمة فى الفلسفة المعاصرة منشورات الجامعة الليبية، كلية لآداب، ط 1 ، 1970 ، ص 154 .
( 2 (هنري توماس ، رانالي كوماس: قادة العلم ، ترجمة سعد زغلول محمد ، الهيئة العامة للكتاب ، القاهرة ، 2010 / ص 285
( 3 (المرجع نفسه ص 285
( 4 (المرجع نفسه ص 286
9