Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
الأنساق المنطقية الغائمة كنماذج للتمثيل المعرفي في العلوم الإنسانية /
المؤلف
سالم، هدى محمد قرني .
هيئة الاعداد
باحث / هدى محمد قرني سالم
مشرف / صلاح محمود عثمان
مشرف / محمد أمين شاهين
مشرف / عادل عبدالسميع
الموضوع
الفلسفة.
تاريخ النشر
2022.
عدد الصفحات
286ص. :
اللغة
العربية
الدرجة
الدكتوراه
التخصص
الآداب والعلوم الإنسانية (متفرقات)
الناشر
تاريخ الإجازة
23/2/2022
مكان الإجازة
جامعة قناة السويس - كلية الاداب - الفلسفة
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 287

from 287

المستخلص

نجح المهندس الكهربائي الأمريكي (الإيراني الأصل) «لطفي زاده» L. A. Zadeh في تطوير نظرية للمجموعات, والتي تتعامل مع قيم الصدق بشروط فضفاضة, وذلك حين نشر عام 1965م بحثه القصير والمُهم »المجموعات الغائمة« Fuzzy sets, ليعكف بعد ذلك على تطويره حتى أصبح المنطق بمعناه »الغائم« صناعة مكتملة بذاتها, لها أعلامها الذين تنطق بلسانهم منذ عام 1978م مجلة خاصة تحمل اسم »المجلة الدولية للمجموعات والأنساق الغائمـة« International Journal of Fuzzy Sets and Systems.
وتُعد الأنساق المنطقية الغائمة امتدادًا للأنساق المنطقية الكلاسيكية ثنائية القيم، غير أنها توفر إطارًا مفهوميًا فعالاً للتعامل مع مشكلة تمثيل المعرفة في محيط من عدم اليقين وعدم الدقة وترجع أهمية المنطق الغائم إلي أن أغلب أنماط التفكير الإنساني تقريبية، علي العكس مما ينطلق منه المنطق الكلاسيكي الذي يقع التفكير التقريبي خارج نطاق قوانينه وأنساقه، تلك التي تُعالج فقط أنماط التفكير ذات الصياغات الدقيقة، لذا فإن معايير المنطق الكلاسيكي للتفكير الصحيح لا تناسب إلا اللغات الاصطناعية الدقيقة، وتخفق هذه المعايير حين نُطبقها علي اللغات الطبيعية الغامضة التي نفكر بها بالفعل فيما يخص العالم الذي نخبره. وطالما كان المنطق الكلاسيكي ينطبق علي اللغات الرمزية التي تتسم بالدقة، فهو ينطبق إذن على لغات لا يمكن التحدث بها، ومن هنا جاء لجوء المناطقة إلى المنطق الغائم كأداة يمكن بها معالجة اللغات الطبيعية.
لذا كان الدافع وراء تطوير المنطق الغائم إلى حد كبير هو الحاجة إلى إطار تصوري يمكن أن يعالج قضية الغموض وعدم الدقة. حيث توفر نظرية المنطق الغائم إطارًا رياضيًا يسعى إلى فهم الغموض المرتبط بالعمليات المعرفية البشرية، مثل التفكير والاستدلال reasoning بمفاهيم غائمة بطبيعتها (وهذا هو الحال بالنسبة لمعظم ، إن لم يكن كل ، المفاهيم الإنسانية). من ناحية أخري تفتقر المناهج التقليدية لتمثيل المعرفة إلى وسائل لتمثيل معنى هذه المفاهيم الغائمة. في المنطق الغائم، يُنظر إلى التفكير الدقيق على أنه حالة مقيدة للاستدلال التقريبي approximate reasoning. حيث يكون كل شيء دائمًا مسألة درجة، وبالتالي يتم تفسير المعرفة على أنها مجموعة من القيود الغائمة على مجموعة من المتغيرات الغائمة.
وكان هدف المنطق الغائم هو كيفية تجميع العوامل أو الاهداف المختلفة لاتخاذ القرار لإخراج نتيجة. والسبب في ذلك هو أنه لا يمكن التخلص من غموض هذه المفاهيم والتي تكون معظمها مفاهيم بشرية human concepts ، وهذا هو بالضبط ما يدور حوله منهج الفئة الغائمة؛ أي كيفية تمثيل هذا الغموض.
ظل علماء الاجتماع – على سبيل المثال – بعيدين تمامًا عن أي شيء يسمى غائمًا Fuzzy، نظرًا لأن عملهم كثيرًا ما يتم وصفه بهذه الصفة من قِبل الآخرين ، لا سيما من قِبل المتخصصين في العلوم المعقدة أو الصعبة sciences Hard. لكن المفهوم «غائم» باتت له اليوم استخدامات جديد لا علاقة له بمعناه الأصلي (غير واضح أو مشوش)، إذ يشير حين نطبقه على مجموعة إلى أن الاشياء ذات الصلة يمكن أن يكون لها درجات متفاوتة من العضوية في هذه المجموعة.
لذلك أهم سمة من سمات المنطق الغائم أنه يتلاءم ومنطق الحياة ذاتها كما هي في الواقع. من ثم يستخدم المنطقي ألفاظاً مثل: «تقريبًا»، «إلي أبعد حد»، «إلي حد ما»، «تماماً»، «ممكن»، وتلك الألفاظ لا تترك صغيرة ولا كبيرة في الواقع الطبيعي إلا وأمكنها التعبير عنها، ومن ثم يصبح المنطق الغائم ملتصقاً بالواقع بطريقة أقوي منها في المنطق الصوري/ أو المنطق الكلاسيكي (منطق حساب القضايا وحساب المحمول وحساب العلاقات وغيرها).
أحد المقدمات الرئيسة الأولى للفئات الغائمة في العلوم السلوكية قدَّمها مايكل سميثسون Michael Smithson (أستاذ علم النفس بالجامعة الوطنية الاسترالية) سنة (1987م)، حيث طبقها في مجال علم النفس الاجتماعي. حيث ظهر المنطق الغائم كأداة قوية لحل مشاكل الحياة الواقعية المعقدة حيث تستند حقائق ومعطيات العالم الواقعي إلى التقريب بدلاً من أن تكون ثابتة ودقيقة. وبالتالي ، فإن المنطق الغائم يقدم أداة يمكنها التعامل بشكل مناسب مع البيانات الغامضة واللغوية. حيث يقدم قيم الصدق الجزئية بين الصدق والكذب. وعلى الرغم من الانتقادات والخلافات التي واجهتها نظرية المجموعات الغائمة، إلا أنها حققت في أواخر الثمانينيات انجازاً في علم النفس. بداية لم يكن علماء النفس متحمسين تمامًا لتبني نظرية المجموعات الغائمة أو المنطق الغائم .
كذلك أخذت فكرة استخدام الفئات الغائمة في العلوم الاجتماعية دفعة مهمة عندما نشر تشارلز راجين كتابه الفئة الغائمة العلوم الاجتماعية ”Fuzzy-Set Social Science سنة 2000 م ”. سعى راجين لاكتشاف فائدة نظرية الفئات الغائمة كطريقة لسد الفجوة بين الأساليب الكيفية والكمية qualitative and quantitative methods، وذهب في هذا الصدد إلى أن الفئات الغائمة تسمح بتبادل أكثر ثراءً بين الأفكار والأدلة في البحث الاجتماعي أكثر مما تقدمه الأساليب الكيفية والكمية .
مشكلة البحث :
تنطلق الباحثة في دراستها من فرضٍ رئيسٍ مؤداه أن المنطق الغائم يوفر اطارًا تصورياً فعالاً للتعامل مع تمثيل المعرفة في العلوم الانسانية. كما يرتبط بهذا الفرض الرئيس عدداً من الفروض الفرعية التي تسعي الباحثة إلي الاجابة عنها، ويمكن صياغاتها في صورة تساؤلات علي النحو التالي:
كيف يمكن أن نجعل المنطق الغائم أداة منهجية في العلوم الانسانية؟
ما مدي قدرة المنطق الغائم في معالجة البيانات المتعلقة بالظواهر الانسانية أكثر من المنهج الكمي الاحصائي؟
كيف يمكن للمنطق الغائم أن يتحدي تعقيد الظواهر الاجتماعية؟
هل الانساق الغائمة قادرة علي توسيع مفهوم السببية في العلوم الانسانية؟
ما هي جوانب قصور المنهج الكمي في معالجة البيانات المرتبطة بالظواهر الانسانية؟
ما هي أسباب عدم قدرة المنطق الكلاسيكي على التعامل مع موضوعات عدم اليقين وعدم الدقة، وعدم قدرته علي تقديم نموذجا يلائم طرق التفكير الانساني؟
كيف يمكن أن تدمج الفئات الغائمة بين معالجة المنهج الكمي والكيفي للظواهر الانسانية، وكيف تمكن أدوات المنطق الغائم من اتخاذ القرار في بيئة غائمة؟
أهمية البحث :
يهدف هذا البحث إلى التعرف على الانساق المنطقية الغائمة، و كيفية جعل المنطق الغائم أداة منهجية في العلوم الانسانية نستطيع من خلاله تمثيل المعرفة في العلوم الانسانية والاجتماعية، والتعرف علي خصائص العلوم الانسانية والتي أخفق كل من المنهج الكمي والمنهج الكيفي في تمثيلها، كذلك دور المنطق الغائم في تحليل وصنع القرار ، ودور المنطق الغائم في توسيع مفهوم السببية التقليدية إلي السببية الغائمة.
منهج البحث :
وقد أتبعت الباحثة في دراستها منهجًا مركبًا، بحيث يكون تاريخيًا في جانب، تحليليًا في جانبٍ آخر، نقديًا مقارنًا في جانبٍ ثالث. يتجلى المنهج التاريخي في تتبع عوامل ظهور المنطق الغائم وأبرز تطوراته عبر تاريخ الأنساق المنطقية. أما المنهج التحليلي فتنبع ضرورته من حاجة الباحثة إلى تحليل نماذج نوعية مختارة من أنساق المنطق الغائم، بهدف الكشف عن بنيتها ودورها في معالجة غموض اللغة الطبيعية، وكذلك تحليل نماذج نوعية من تطبيقاتها في مجال العلوم الإنسانية والاجتماعية. وأما المنهج النقدي المقارن فيعكس أوجه النقد التي تكشف عنها أو توجهها الباحثة لمقارنة أنساق المنطق الغائم بنظائرها في المنطق الكلاسيكي.
أهم نتائج البحث :
1- بداية كانت هناك مقاومة لـنظرية المجموعات الغائمة ((FST في العلوم الإنسانية، علي الرغم من ذلك معظم مفاهيم العلوم الانسانية غامضة، بمعني أنه من الصعب تعيين موضوعاتها لفئات محددة بدقة، وبحلول أوائل الثمانينيات ، ظهرت العديد من الانتقادات للمجموعات الغائمة من المجتمع ، حيث يُزعم أن نظرية المجموعة الغائمة تعاني من عدم الاتساق النظري أو التناقضات ، وعدم التطابق مع الحدس البشري ، ونقص أسس القياس. وظل علماء النفس في الحكم واتخاذ القرار غير مقتنعين إلى حد كبير بأن المجموعات الغائمة يمكن أن تقدم أي شيء لم يتم التعامل معه بالفعل من خلال الاحتمالية والمنفعة الذاتية.
2- علي الرغم من أن المجموعات الغائمة قد حققت نجاحًا كبيرًا في المجالات التكنولوجية والتقنية، إلا أن تأثيرها في العلوم الاجتماعية كان محدودًا إلى حد ما. حاول عدد قليل من العلماء تطبيق بعض مفاهيم الفئات الغائمة في أبحاث العلوم الاجتماعية. لم تدرك الأغلبية بعد إمكانات الفئات الغائمة لتحويل منهجية العلوم الاجتماعية. قد تأتي العقبة من هيمنة الأشكال التقليدية للتحليل الكمي الذي يبني الكثير من خطاب العلوم الاجتماعية. في حين أن العلوم الاجتماعية تحتاج بالتأكيد إلى الدقة التحليلية analytic rigor ، فإن التحليل الكمي التقليدي traditional quantitative analysis له قيوده. أحد القيود هو أن مجموعة البيانات التي تستند إلى التحليل الكمي غالبًا ما يتم جمعها من خلال مقاييس يصعب حلها/غير ثابته مثل مقاييس ليكرت likert scale.
3- بالرغم من ذلك كان للمنطق الغائم اسهاما رئيسيا في العلوم الانسانية فقد جلب ظهور نظرية الفئات الغائمة لغة رياضية جديدة هي نصف لفظية مفاهيمية (تصورية) ونصف تحليلية رياضية. أتاح ذلك فرصة للعلوم الانسانية لدمج إطار رياضي ذو خصائص جذابة، كما يمكن لهذه اللغة الغائمة الجديدة الجمع بين التحليلات الكيفية والكمية في أداة واحدة. من خلال دمج المجموعات الغائمة في منهجيات العلوم الاجتماعية، فمن الممكن إقامة العلاقة بين النظرية والبيانات دون فقدان الدقة التحليلية والمعرفة الجوهرية للهياكل الاساسية. ومن ثم أصبحت نظرية الفئات الغائمة واضحة جدا لعلماء الاجتماع كوسيلة للتعامل مع الغموض بطريقة دقيقة جداً.
4- تعمل نظرية الفئة الغائمة علي سد الفجوة بين التقاليد الكمية والكيفية في العلوم الاجتماعية. بحيث تسمح بعلاقات أكثر مرونة تكون أقرب إلي اللغة المنطقية التي يتم التعبير بها عن النظريات . كما تعد نظرية الفئات الغائمة أداة تسمح لنا رياضيا بدمج الغموض المتأصل في نظريات ومنهجيات العلوم الاجتماعية،
5- يتناول المنطق الغائم طرق التفكير التي تتصف بالتقريب وليس بالدقة، و اغلب انماط التفكير الانساني تقريبية فحياة الناس اليومية تتسم بعدم الدقة واللايقين والابهام، والمعرفة الانسانية مهما بلغت من تقدم فهي معرفة ناقصة. وهنا يمكننا وصف المنطق الغائم بشكل فيه مفارقة إلي حد ما فهو نسق دقيق للتفكير الاستدلالي غير الدقيق. ومن ثم يمكن القول إن المنطق الغائم هو المنطق الغائم هو المنطق الذي يتناول أنماط الفكير الاستدلالي التي تكون تقرييية أكثر منها دقيقة بمعني إن المنطق الغائم هو منطق اللغات الطبيعية أو منطق الحياة اليومية المتسمة بالغموض وعدم الدقة واللايقين. علي عكس المنطق الكلاسيكي منطق اللغات المثالية (الرمزية) المتسمة بالدقة التامة، وهي لغات لا يمكن التحدث بها. إذن فالمنطق الغائم هو وسيلة لنمذجة لاتعين اللغات الطبيعية.
6- كما أن استخدام النماذج اللغوية في مشكلات القرار مفيدًا للغاية عندما لا يمكن التعبير عن قيم الأداء عن طريق القيم العددية. حيث يقدم المنهج اللغوي إطارًا أكثر مرونة للتعامل مع مشاكل القرار باستخدام المعلومات الكمية ، و أحد الجوانب المهمة لتحليل القرار اللغوي هو قابليته للتطبيق وفائدته في أطر اتخاذ القرار المختلفة. لذلك ، فهو أداة مناسبة لنمذجة المعلومات الكمية في مواقف قرار متعددة في العالم الواقعي.