Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
تأويل النبوة عند الفلاسفة المسلمين دراسة في فلسفة الدين /
المؤلف
عبد الرحيم، هاني محمد عبد الفتاح.
هيئة الاعداد
باحث / هاني محمد عبد الفتاح عبد الرحيم
مشرف / إبراهيم محمد إبراهيم صقر
مشرف / شريف مصطفى أحمد
مناقش / شريف مصطفي أحمد
الموضوع
qrmak
تاريخ النشر
2023
عدد الصفحات
253 ص. :
اللغة
العربية
الدرجة
الدكتوراه
التخصص
فلسفة
تاريخ الإجازة
11/1/2023
مكان الإجازة
جامعة الفيوم - كلية الاداب - الفلسفة
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 258

from 258

المستخلص

تتمحور الدراسة حول قضية "النبوة" ، باعتبارها حدثا برز عنه قضايا الدين نفسه، إذ هي
الرحم الذي يولد منه الدين (السماوي) نفسه، فإذا كانت الفلسفة هي أم العلوم، فإن النبوة هي أم
القضايا الدينية التي تمخضت عنها تصورات الدين كله بعد ذلك ( 1 ) ، وهي الرافد الذي أتى من
خلاله الدين نفسه، إذ عليها ترتكز معظم المسائل الدينية الأخرى, فهي تتضمن بداخلها قضايا
الدين بجملتها وتفصيلها مثل ؛ الإيمان بالله, واليوم الآخر, والكتب السابقة, والرسل, والجنة,
والنار, والشعائر الدينية, وجملة الاعتقادات, والعبادات, والمعاملات, والأخلاقيات. ومن ثم فهي
كموضوع فلسفي هام وديني حيوي في الوقت ذاته، لأنها من أكثر الموضوعات الدينية في
الفلسفة الإسلامية التي أضيف لها عناصر فلسفية متنوعة ومخلفة الجذور تم في النهاية صياغته
صياغة فلسفية بامتياز في بيئة الفلسفة الإسلامية.على هذا النحو، كل هذا وأكثر، كان مثيرا
للترحيب بفلسفة الدين داخل حقل الفلسفة الإسلامية ( 2 ) .
وللدراسة هدفان مباشران، الأول خارجي، يختص بمجال الدراسة، وهو المساهمة في إيجاد
مجال فلسفي جديد في الحقل الإسلامي تتبلور هذه المساهمة حول ما يسمى بـ"فلسفة الدين" . أما
الثاني فداخلي، يختص هذا الهدف بمحتوى الدراسة؛ هو محاولة تأسيس النبوة تأسيسا فلسفيا.
أما المنهج المتبع؛ فإن طبيعة الدراسة هي التي تفرض نوع المنهج، وبما أن الإشكالية التي
يثيرها الموضوع هي بطبيعتها هي معرفية تاريخية, فسوف تلاقي الدراسة تنوعاً وتعدداً في
المنهجية المطروحة، ومن أهم هذه المناهج التي اعتمدها الباحث, منهج القراءة ( 3 ) وتحليل
المضمون، وتحليل المضمون هنا لا على طريقة الوضعية المنطقية. فالتحليل هنا لا يريد أن
"يبرهن" على الظاهرة، بل "يكشف" عنها، لأن البرهنة أسلوب اعتقادي، وفلسفة الدين أسلوب
1)) إذا أدركنا جيدا أن الدين هو العمود الفقري للحضارة الإسلامية؛ باعتبار أن النبوة جوهر الدين، أدركنا
بطبيعة الحال أهمية النبوة كمصدر للدين نفسه.
2 ) قد يستنكر القارئ _في الوهلة الأولى_ هذا الترحيب لعدة اعتبارات ذكرناها باستفاضة في الفصل الأول
على نحو ما عرضنا.
3 ) والقراءة يعني فهم النص الأول فهمًا واعيـًا ثم التعبير عنه بلغة العصر الثاني ومصطلحاته وتصوراته للعالم،
فهو نص ثان على النص الأول، وهو إعادة توظيف نص بشكل مختلف وبمقصد آخر، وهو ما فعله القرآن مع
اليهودية والمسيحية بإعادة عرضها بعد عدة قرون وفي سياق عربي، وليس في سياق يهودي أو روماني
وخطوات المنهج هي : أولا تفكيك النص الأول من مضمونه البيئي والتاريخ ثم ثانيـًا: إعادة تركيبه على سياق
تاريخي آخر كما فعل الفلاسفة المسلمين أنفسهم مع النص اليوناني خاصة، والروماني والفارسي والهندي عامة،
وهو ما فعله هيجل مع كانط، وكانط مع ديكارت، وبهذا المعنى أيضـًا قرأ أفلاطون سقراط حين حوّل الفضائل
إلى مُـثل، والأخلاق إلى معرفة، وبهذا المعنى أيضـًا قرأ أرسطو أفلاطون حينما رد المثل إلى العالم الواقعي،
فالقراءة لا تعني مجرد الشرح والالتزام، بل تعني المعنى الأبعد، وربما قلب المعنى إلى ما يضاده. ومنهج
القراءة هذا يسميه البعض (التأويل) أو يعرب بلفظ أجنبي ذا أصل يوناني إلى ( هيرمنيوطيقـا). انظر حسن
حفني : هيجل والهجليون الشبان ، مطبوعات الجمعية الفلسفية المصرية، القاهرة ، 2018 ، ص9 وما بعدها.
تحليلي، إنما هو تحليل لمضمون النص والحدث، وذلك لأن النبوة حدث أفرز نصا، ونص أفرز
حدثا أيضا في الوقت نفسه.
وقد يقال : إن الأسلوب الذي تم الاعتماد عليه في الدراسة قائم على ( الانتقائية ) ، فنقول :
هذا صحيح ولا ضير ، فهذه طبيعة المنهج التأويلي القائم في الأساس على إعادة التوظيف، وهو
ما حدث بالفعل في عدة مشروعات فكرية عربية مثل البحث عن العنصر المادي في "النزعة
المادية في الفلسفة العربية " لحسين مروة ، وتثوير الدين كما في " من العقيدة إلى الثورة"
لحسن حنفي، أو الجدل الماركسي كما في " من التراث إلى الثورة " لطبيب تبزيني ، أو محاولة
اكتشاف بنية العقل كما في " نقد العقل العربي " لمحمد عابد الجابري. فكل تلك المشاريع تقريبـًا
قائمة على هذا الأسلوب الانتقائي الذي يرمي في النهاية إلى إعادة توظيف المحتوى من جديد.
وعلى هذا المنوال فإن محاولة هذه الدراسة تعد مساهمة في بناء النبوة على نسق فلسفي، كما
إنها محاولة لاكتشاف المكوّن البشري في المكوّن الإلهي في دائرة النبوة والوحي على طريقة
فلسفة الدين.
وأهمية الدراسة تكمن في أنها:
1- إجراء فلسفي لمحاولة الكشف عن مباحث لـ"فلسفة الدين" في حقل الفلسفة الإسلامية.
2- نؤمن بأن أي فهم هو نوع من "التأويل", ومن ثم فإن إعادة تأويل الفلسفة الإسلامية هو
نوع من تدويرها مرة أخرى وإعادة بنائها من جديد مع ما يتوافق ويتوازى مع روح
العصر وقضاياه.
3- خلق مناخ حيوي لتجديد الفكر الديني نحاول أن نُجلّيه في حقلٍ فلسفي مهم, هو حقل
"فلسفة الدين" حتي تتماهى التجربة الدينة مع العقل, فيكون ثمة عقل مؤمن وإيمان
معقول.
4- سد ثغرة قد تصل إلى حد الفجوة الواسعة في حقل الفلسفة الإسلامية وعلم العقائد, فلم
توجد أي نوع من "فلسفة الدين" كتب بالغة العربية سوى كتابات ومحاولات قليلة( 4 ).
5- محاولة التأسيس النظري لما يسمى باسم "فلسفة الدين" في الفكر الفلسفي في الإسلامي.
4 )) لم تظهر مؤخرا تقريبا سوى في محاولتين؛ الأولى: محاولة محمد عثمان الخشت في تنظيراته حول فلسفة
الدين, لكنها دراسة "عن" فلسفة الدين وليست "في" فلسفة الدين, والثانية: مع عبد الجبار الرفاعي في محاولاته
المستميته والمتفانية لإيجاد مكان لفلسفة للدين في حقل الفكر العربي المعاصر, وإن كان الأخير قد وفق في ذلك
على نحو أكبر.
وفي دراستي هذه لا أعرض فقط النبوة بسردها أو بيان مفهومها كما هي عند الفلاسفة
المسلمين، فقد سبقني إلى هذا الدرب دراسات عدة( 5 )، لكنني أحاول جهد طاقتي أن آتي بجديد،
وهذا الجديد يتجلى في إدخال نوع مختلف للدراسة في حقل الفلسفة الإسلامية، هو "فلسفة
الدين"، واستعنت في ذلك بـ"التأويل" كآلية حاضرة بقوة في التراث الإسلامي، وكانت النبوة هي
"موضوع" الدراسة، ترمي في النهاية لتكوين فلسفة دين في الفلسفة الإسلامية على هذا النحو.
وبالتالي فسيكون لدينا ثلاثة محاور؛ محور طبيعة البحث، وهو "فلسفة الدين"، وحور آلية
البحث وهو "التأويل"، ومحور موضوع البحث وهو "النبوة".
بصورة أخرى، يمكن القول؛ إن الفرق بين هذه الدراسة وبين الدراسات السابقة ، أن الدراسات
السابقة تناولت النبوة في لحظة الوحي وما بعدها، أما هذه الدراسة فهي تتناول النبوة في لحظة
الوحي وما قبلها ، فالدراسات السابقة تحدثت عن المنجز النبوي باعتبار غائيته (بعدي) أما هذه
الدراسة فهي تتساءل أولا كيفية حدوث هذا المنجز وما هي أسبابه ومثيراته واستجاباته قبل
لحظة نزوله وأثناء نزوله (قبلي).
وتكمن صعوبة الدراسة في أنها تفسير لـ"ظاهرة النبوة"، وهي ظاهرة فريدة، لا تتكرر على
المستوى البشر إلا نادرًا، علاوة على ذلك، فهي لم تعد موجودة، كي يرصدها الباحث ويضعها
الباحث تحت أدواته مباشرا، فلقد انقضى عهدها، وأصبحت حدث في التاريخ، وعليه فالاعتماد
لا يكون عليها مباشرا؛ بل على منجزاتها، وهو أمر من الصعوبة بمكان.
وسؤال الدراسة المركزي _ومشكلتها أيضا_ التي تحاول الدراسة أن تقاربه ، هو : هل ثم
اتصال بين عالم الغيب وعالم الشهادة؟ المطلق والنسبي؟ بين الله والإنسان؟ وإن كان ذلك كذلك،
فكيف يتم؟
كيف يؤثر الميتافيزيقي في الفيزيقي ، أو المجرد في المادة ، أو العقلي في المحسوس، أو
المطلق في النسبي ؟ كيف يتجلى الإلهي على البشري في صورة ما يسمى بـ (الوحي) ؟ وبأي
شكل يحدث هذا التجلي ؟ وعلى أية حال يستقبل الثاني من الأول ، أو الإنسان من الله ؟ هل
الوحي نازل فقط, أم صاعد فقط، أم جدل بين هذا وذاك؟ وما الضامن لصدق هذه العملية
برمتها؟و..على هذا، تم تقسيم الدراسة إلى مقدمة وأربعة فصول وخاتمة كالتالي:
5 )) كـ"تفسيرات الحلم وفلسفات النبوات" لعلي زيعور, دار المناهل, بيروت, 2000, وهي متضمنة تفسيرا
للنبوات والرؤى والأحلام بشكل "سيكولوجي" بمنهجية تفكيكية شملت جانب الفكر الإسلامي كله ,الكلامي
والصوفي والفلسفي. و"النبوة من علم العقائد إلي فلسفة التاريخ" وهي لعلي مبروك, دار التنوير, بيروت,
1993, وهي محاولة لإعادة بناء العقائد, معتمدا في ذلك علي منهجية الانثروبولوجيا الدينية.
الفصل الأول بعنوان: "فلسفة الدين وتأويل النبوة":
وهو فصل بمثابة التمهيد، لتصور وتحرير مفاهيم ومصطلحات الدراسة الأهم كـ"فلسفة
الدين" و "التأويل" و"النبوة" وغيرها، مع عرضٍ وجيز لتاريخ النبوة في الأديان المختلفة،
ومبحث أخير ينصرهر فيه تلك المفاهيم والمصطلحات ليرسم أولا خريطة مفاهيمية ويدلل ثانيا
على وجود وكيفية تناول الفلسفة الإسلامية لفلسفة دين.
أما الفصل الثاني فقد جاء بعنوان : "النبوة وتأويل صياغة المرسِل (الفاعل)"
وهو أول دائرة من دوائر الدراسة الثلاث ، إذ تعد هذه الدوائر ركائز الدراسة لفهم النبوة،
وهي "الفاعل" و "القابل" و"الخارق"، الدائرة الأولى "الفاعل" هي مصدر الوحي، والثانية
"القابل" هي المستقبل، والثالثة "الخارق" هي الضامن لصدق العملية بين الأولى والثانية. تسمى
هذه العملية بالاتصال، ويمسى مصدرها باسم العقل الفعال، فهو على ذلك عنصر مركزي في
الوحي، وقد جاء هذا الفصل معبرا عن الدائرة الأولى والعقل الفعل على نحو مبسوط.
وأما الفصل الثالث فقد جاء بعنوان : "النبوة في تأويل صياغة الرسول (القابل)"
وهو يعد من أهم الفصول، إذ فيه محاولة لتكوين نظرية في الوحي، وذلك بعد محاولة
تنظير شائكة لوضع الوحي من منظور نفسي لاشعوري، وطرح تشكّلات معقدة كالوحي،
والمخيلة، والنبوة والعبقرية، واللاشعور النبوي، وفي النهاية صياغة خاصة للوحي في نهاية
الفصل قامت على مكونات ثلاث: الإلهي والواقعي والنفسي.
وأما الفصل الرابع والأخير فقد جاء بعنوان : " النبوة وتأويل صياغة المعجزة (الخارق)"
وهو محاولة لإعادة مفهوم المعجزة وتقويمها في النماذج الدينية والفلسفية التي حاولت
تفسير المعجزة، وقد قسمناها على نوعين من الخوارق؛ خارق حسي وخارق معنوي، ثم قدمنا
في نهاية الفصل مقترحا لمحاولة فهمها، والذي تجلى في دلالة "الآية" لا "المعجزة".
وقد صدّر الباحث كل فصل بتمهيد وأردفه بتعقيب، وقد ذيل الدراسة بخاتمة بها أهم النتائج
والتوصيات..