Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
التنافس الدولي في آسيا الوسطى: الصين وروسيا الفترة من 2001حتى 2018م /
المؤلف
مكاوي، عارف عبد اللطيف إبراهيم.
هيئة الاعداد
باحث / عارف عبد اللطيف إبراهيم مكاوي
مشرف / هشـــــام محمد بشــــير
مشرف / هشـــــام محمد بشــــير
مشرف / هشـــــام محمد بشــــير
الموضوع
دراسات وبحوث العلوم السياسية والاقتصادية العلوم السياسية.
تاريخ النشر
2022.
عدد الصفحات
370 ص. :
اللغة
العربية
الدرجة
الدكتوراه
التخصص
العلوم الاجتماعية
الناشر
تاريخ الإجازة
1/1/2022
مكان الإجازة
جامعة الزقازيق - معهد الدراسات والبحوث الأسيوية - دراسات وبحوث العلوم السياسية والاقتصادية
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 271

from 271

المستخلص

مع انهيار الاتحاد السوفيتي في نهاية القرن الماضي، وانشغال الدول التي كانت تنظم عقده بترسيخ استقلالها وسيادتها، وترسيم حدودها وبناء علاقاتها الاستراتيجية والسياسية مع بقية دول العالم، بدت دول وسط آسيا ذات الغالبية المسلمة، والتي تتمتع بموقع جغرافي مهم ومميز، وبثروات معدنية ونفطية كبيرة، تستقطب دول العالم الكبرى، وتجتذب الاستثمارات الأجنبية لتمويل مشاريع استثمار ثرواتها الباطنية الهائلة والسيطرة على واحد من أهم طرق تصدير منابع الطاقة البترولية إلى أوربا وآسيا الشرقية، ومكن الفراغ الاستراتيجي الذي شهدته منطقة آسيا الوسطى بعد انهيار الاتحاد السوفيتي العديد من الدول من لعب دور فاعل في هذه المنطقة الحيوية من العالم بشكل دفع عدداً من المحليين إلى الحديث عما يمكن تسميته اللعبة الكبرى الجديدة بين المتنافسين على بسط السيطرة والنفوذ على المنطقة، خاصة بعد اكتشاف احتياطياتها النفطية الهائلة . وتتناول الدراسة سياسات القوى الكبرى للسيطرة على آسيا الوسطى لتحقيق مصالحها على المستويين الدولي والإقليمي
الأهمية الاقتصادية والاستراتيجية لآسيا الوسطى:
تقع آسيا الوسطى في الرقعة الممتدة من ساحل بحر قزوين الشرقي حتى تخوم منغوليا الواقعة بين الصين وروسيا، وتقع آسيا الوسطى في المنطقة الممتدة من شمال أفغانستان وحتى وحدود روسيا الجنوبية. ويضم الإقليم السياسي الخاص بمنطقة آسيا الوسطى خمس دول: كازاخستان، تركمانستان، أوزبكستان، طاجيكستان، قيرغيزستان، وتقول المعلومات التاريخية إن هذه المنطقة ظلت لفترة طويلة تحمل اسم تركستان، ولكن بعد ضمها إلى الاتحاد السوفيتي السابق، وتحديداً في فترة حكم جوزيف ستالين، أطلقت كتب الجغرافيا السوفيتية عليها تسمية منطقة آسيا الوسطى التي كانت ضمن الاتحاد السوفيتي واستقلت بعد انهياره مكونة دول آسيا الوسطى الخمسة.
ويصل مجموع مساحتها نحو 4 ملايين كم مربع، أي ما يساوي 29.5% من مجموع مساحة الدول العربية، والمنطقة لها تعريفات مختلفة تضيف إلى ما سبق دولاً وأراضي أخرى، فآسيا الوسطى ليست مساحة جغرافية جامدة، وإنما نظام إقليمي يتسع ويضيق وفقاً للمعيار الذي يأخذ به الباحثون، والمعيار الذي تأخذ به الدراسة وتعتمده كثير من وزارات الخارجية عبر العالم هو معيار سياسي خالص يعتبر أن هذه الدول الخمس بالتحديد تشكل منطقة قائمة بذاتها لأن علاقات القوة السياسية التي ربطتها بروسيا تغيرت 180 درجة بحلول عام 1991م، فروسيا وإن كانت قد ألفت التدخل في مناطق قريبة من تلك الجمهوريات مثل أفغانستان، فإن الدول الخمس وحدها هي التي قبعت لأكثر من قرن خلف الستار الحديدي إلى أن سقط لتجد نفسها فجأة في مرحلة السيولة الإقليمية، التي أتاحت لعديد من القوى الإقليمية والدولية النفاذ إليها وهي حالة فرضتها الجغرافيا الحبيسة للمنطقة، وحاجتها إلى شركاء خارجين جدد إلى جانب روسيا يمكنونها من النفاذ إلى العالم عبر أراضيهم، ويقدمون لها سنداً يستطيع موازنة النفوذ الروسي الذي لا تزال جمهوريات المنطقة تحمل تجاهه شكوكاً تاريخية عميقة .
تكمن أهمية منطقة آسيا الوسطى باعتبارها تمثل المتغير الجيو سياسي اللازم الذي يمثل مفتاح السيطرة على العالم، فالتمركز في آسيا الوسطى يتيح الإطلالة الأكثر سهولة والأقل تكلفة باتجاه العمق الحيوي الروسي باتجاه الشمال. والعمق الحيوي الصيني باتجاه الجنوب الشرقي، علاوة على العمق الحيوي لشبه القارة الهندية باتجاه الجنوب والعمق الحيوي الإيراني باتجاه الجنوب الغربي. والعمق الحيوي لكامل منطقة بحر قزوين باتجاه الغرب، علاوة على أن السيطرة على موارد آسيا الوسطى تتيح التحكم في إمدادات النفط والغاز والمعادن والموارد الزراعية إلى روسيا والصين وشبه القارة الهندية ودول الاتحاد الأوربي، والسيطرة على ممرات آسيا الوسطى تتيح السيطرة على الممرات البرية والجوية التي تربط بين شبه القارة الهندية وروسيا والصين، وغير ذلك من الطرق والممرات التي تتيح ضبط التفاعلات والعلاقات البينية التي تربط بين الأقاليم المحيطة بمنطقة آسيا الوسطى. كما تمتع باحتياطيات نفطية تعادل في كميتها تلك الموجودة في منطقة الخليج، وعلى سبيل المثال تمتلك كازاخستان قدرات وطاقات علمية كبيرة. وكانت واحدة من أكثر الجمهوريات السوفيتية تقدماً من الناحية العلمية. كما يوجد بصحراء كازاخستان مطار بايكونور الفضائي الشهير، وهو مركز إطلاق سفن الفضاء وتجارب الصواريخ وأبحاث حرب النجوم في العهد السوفيتي، ولا تزال روسيا تستأجره وتستخدمه لنفس الأغراض حتى الآن. وأوزبكستان تتمتع بثروات طبيعية كبيرة من الذهب والفضة واليورانيوم والنحاس والزنك، فضلاً عن الغاز الطبيعي والنفط والفحم وغيرها، وهي تعتبر سادسة دول العالم في إنتاج الذهب ورابعتها من حيث احتياطيات الخام الفضي، ومعروف أن لديها القدرة على تخصيب اليورانيوم، وطاجيكستان تمتلك مناجم كبيرة من اليورانيوم تم اكتشافها في الثلاثينيات، وقرغيزستان ترقد على مناجم هائلة من الذهب .
وتخبئ سلاسل الجبال الممتدة على مساحات شاسعة، والتي تتمتع بقمم شاهقة ثروات ضخمة من المعادن، كما أن سهولها ووديانها خصبة وغنية بالإنتاج الزراعي الوفير، لكن أياً ما كان الحديث عن ثروات آسيا الوسطى والقوقاز، فإن الثروات النفطية المخبوءة تحت سطح بحر قزوين تغطي دائماً على أي حديث آخر . ولقد اعتبر بحر قزوين بحراً سوفيتياً إيرانيا منذ 1920 وحتى عام 1970، وفي عام 1970 قامت وزارة النفط السوفيتية بتقسيم ”القطاع السوفيتي” لبحر قزوين إلى قطاعات بين جمهوريات روسيا السوفيتية، أذربيجان وتركمانستان وكازاخستان، وفي هذه الأثناء أتخذ خط التوسيط البحري أساساً للتقسيم، وهو الأسلوب الشائع أتباعه في الممارسات الدولية عند تعيين الحدود على البحيرات الدولية، ومنذ ذلك التاريخ صارت لكل جمهورية من الجمهوريات السوفيتية الأربع المطلة على قزوين قطاع على هذا البحر، ذلك القطاع الذي أصبح بعد تحول الحدود الإدارية إلى حدود دولية بسقوط الاتحاد السوفيتي قطاعاً يخص هذه الدولة المستقلة . ويعد تصميم الحدود بين جمهوريات آسيا الوسطى أحد أهم أسباب التوترات الأمنية، حيث لم يراع التكوينات الاجتماعية وتجانسها، مما تسبب في حركات انفصالية وعدم استقرار لهذه الدول الجديدة، فهناك على سبيل المثال أكثر من مليون طاجيكي يقيمون في أوزباكستان، ومليون أوزبيكي يعيشون على الجانب الآخر في طاجيكستان، كما أن لدى تركمانستان مشكلات مع أوزبكستان، حيث دخلت العاصمة التركمانية القديمة خوارزم في زمام الحدود الأوزبكية، ونخب الحكم لا تعطي أولوية لمسألة الديمقراطية، مما يجعل السياسات الخارجية حكراً لقلة مسيطرة هذه القلة عادة ما تبحث في الخارج وليس في الداخل عن مظلة حماية سواء كانت لأمن النظام أم لأمن الوطن، كما تبحث أيضاً عن مخارج لبيع منتجاتها الأمر الذي يفتح الباب في آسيا الوسطى على مصراعيه أمام الاختراق الخارجي، فهذه المنطقة لا تحكم تفاعلاتها الإقليمية بنفسها إنما تقررها منافسات عالمية كبيرة تتجاوز قدرتها .
التنافس الدولي في آسيا الوسطى على مستوى القوى الكبرى:
يضم هذا المستوى التنافس عدة لاعبين هم روسيا، والصين، والاتحاد الأوربي، ويتم تناولها على النحو التالي:
أولا: روسيا:
- تعتبر آسيا الوسطى المجال الحيوي لروسيا والمحور الأساسي لنفوذها، وتقوم روسيا بالدفاع عن مصالح المواطنين الروس المنتشرين في دول آسيا الوسطى، ويمثلون نسبة يعتد بها من سكان هذه الدول مثل كازاخستان يمثلون 23.7% من السكان، وفي كل من قيرغيزستان وتركمانستان يمثلون12.5%، وفي أوزباكستان يمثلون 5.5% ومنذ انهيار الاتحاد وروسيا تسعى للحفاظ على مركزها كقوة عظمى، وتستهدف السياسة الروسية الخارجية بشكل أساسي جمهوريات آسيا الوسطى، وتعتبر روسيا حدود تلك الدول حدوداً أمنية لها، ولاسيما من جهة جمهورية طاجكستان التي يوجد فيها عدد كبير من القوات الروسية على الحدود مع أفغانستان، مما دفع الكرملين إلى تضخيم الأخطار التي تواجه أمن آسيا الوسطى من جماعات إرهابية، واحتمال نشوب حروب وصراعات على السلطة في بعض دولها، وأن دولاً أجنبية قد تتدخل لدعم التطرف، وتستخدم موسكو هذه الأوراق لزيادة نفوذها ووجودها العسكري هناك .
ثانيا الصين:
-تعتبر الصين من أوائل الدول التي اعترفت بدول آسيا الوسطى بعد استقلالها عن الاتحاد السوفيتي السابق، وأقامت معها علاقات دبلوماسية قوية وتبادلت معها الزيارات الرسمية، وبدت ملامح السياسة الصينية الجديدة تجاه هذه المنطقة عام 1969، حينما تحركت بكين لإيجاد إطار رسمي يربطها بالمنطقة، فجاءت فكرة منظمة شنغهاي للتعاون الاقتصادي بالتعاون مع روسيا وكل من كازاخستان وقرغيزستان وطاجيكستان، والتي انضمت إليها أوزبكستان عام 2001، وكان واضحاً أن بكين تستغل نفوذ روسيا للتحرك نحو آسيا الوسطى في حين كانت موسكو تبحث عن حليف قوي في آسيا لوقف الزحف الأوربي الأمريكي نحو مناطق نفوذها . وفي ظل حاجة الصين الملحة للطاقة بشكل متزايد وارتفاع أسعار النفط والغاز، كان على بكين البحث عن بدائل رخيصة وأكثر أماناً تلبي احتياجاتها. ومن هنا برزت أمامها مصادر الطاقة في آسيا الوسطى التي هي قريبة منها ليتحقق لها هذا الحلم، غير أن الأمر يحتاج لمزيد من المقايضات مع روسيا التي تتخوف من أن الصين تزاحمها في السيطرة على خطوط نقل النفط والغاز. وفي نفس الوقت تشكل آسيا الوسطى سوقاً استهلاكياً رائجاً للسلع الصينية، ومعظم واردات الصين من آسيا الوسطى هي المواد الخام التي تفتقر إليها الصين، وتصدر الصين السلع الاستهلاكية لهذه الدول، وقد لعبت الاستثمارات الصينية في آسيا الوسطى دوراً في حل ما تعاني منه هذه الدول من نقص رؤوس الأموال، وبالنسبة للصين فآسيا الوسطى هي معبر لا يمكن الاستغناء عنه لأوروبا ومنطقة غرب آسيا فهي شريان مواصلاتها، وخلافاً لأهداف الدول الأخرى في آسيا الوسطى فإن الصين لا تسعى إلى الوجود العسكري فيها، وإنما أو النظر إليها على أنها مناطق نفوذ لها بل تأمل في التعاون الاقتصادي واستتباب الاستقرار في هذه الدول بما ينعكس على الأمن القومي الصيني، وفي عام 1999م أبرمت الصين سلسلة من الاتفاقيات لإعادة رسم الحدود المشتركة مع دول المنطقة، وتعتبر الصين ثاني أكبر شريك تجاري مع كازاخستان وقيرغيزستان، وتزخر آسيا الوسطى حالياً بمئات المشاريع الكبيرة والصغيرة التي ينفذها الصينيون في مجالات متعددة أهمها: التنقيب وبناء خطوط أنابيب نقل الطاقة، وبناء الطرق وسكك الحديد، كما توجد اتفاقيات مبدئية مع كل من أوزبكستان وإيران حول مشاريع نقل الغاز إلى الصين أو حتى الدول الأخرى مثل مشروع نقل الغاز التركماني عبر أفغانستان إلى باكستان والهند. وحتى الان لازالت الصين تمد نفوذها الناعم خطوة بخطوة فى منطقة اسيا الوسطى.