Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
مفهــوم السـعادة عـند التيار السقراطي بـين المــادية والمثــالية /
المؤلف
عـــــــلي، ســـــــارة حســـــــين كامـــــــل.
هيئة الاعداد
باحث / ســـــــارة حســـــــين كامـــــــل عـــــــلي
مشرف / محمــــود الســــيد مــــراد
مشرف / شرف الدين عبد الحميد أمين
مناقش / حماده محمد على محمد
مناقش / مصطفى عبد الرؤوف راشد
الموضوع
السعادة (فلسفة).
تاريخ النشر
2022 م.
عدد الصفحات
134 ص. ؛
اللغة
العربية
الدرجة
ماجستير
التخصص
فلسفة
تاريخ الإجازة
1/9/2022
مكان الإجازة
جامعة سوهاج - كلية الآداب - فلسفة
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 144

from 144

المستخلص

كانت السعادة -ولا تزال -حلمًا يراود الإنسان في كافة العصور التي عاشها، فما من إنسان ظهر على مسرح الوجود إلا وحلم الوصول إلى الحياة السعيدة الصافية من الآلام والمنغصات التي يسيطر على تفكيره بين الحين والآخَر، وما الإنجازات الحضارية التي حققتها البشرية على مدى تاريخها الطويل في هذا الكون إلا محاولات منها لقهر أشكال التعاسة والشقاء في هذه الحياة، والوصول إلى هذا الفردوس المفقود، وكان الإنسان كلما ازدادت حدة القسوة والظلام من حوله، جد هو في السعي وراء هذا الحلم المتباعد العنيد.
وإذا كان الإنسان العادي قد انشغل بين الحين والآخر بالوصول إلى السعادة اللحظية أو اليومية، وجد واجتهد طيلة فترات حياته المختلفة – من أجل أن يخلد يومًا ما إلى الراحة والنعيم المقيم، فقد كان الفلاسفة بدورهم – عبر عصور الفلسفة المختلفة -أكثر انشغالًا منه بهذا الحلم، صحيح أن طبيعة الحلم قد تباينتْ بين الفلاسفة والرجل العادي، فبينما سعى هذا الأخير إلى السعادة اللحظية، سعى الفلاسفة إلى السعادة الدائمة الكلية، لكن يظل الحلم مشتركًا بين الطرفين ألا وهو السعادة، بل نستطيع القول إن معظم الأنساق الفكرية التي طرحها هؤلاء الفلاسفة – بما فيها حتى تلك الأنساق الفلسفية التي تدور حول الطبيعيات وما بعد الطبيعيات - كانت في مجملها محاولات منهم لتحقيق المثالية المتمثلة في الحياة السعيدة للبشر في هذا العالم. واختلف البشر العاديون في فهم الوسيلة التي تمكنهم من بلوغ هذه السعادة، فرأي فريق منهم ذلك في الثروة، والفريق الآخَر رآها في المناصب والجاه، وفريق ثالث رآها في العبادة والتقوى، ورآها الفريق الرابع في المتعة واللذة الحسية، والفريق الخامس رآها في الزهد والتقشف ....الخ. والفلاسفة قد اختلفوا- أيضًا- في تحديد ماهية السعادة (حسية كانت أم معنوية)، واختلفوا اختلافاً شديدًا في تعيين السبل التي تقود الإنسان إلى هذه السعادة . وليست الاختلافات المذهبية بين أنساق فلاسفة الأخلاق عبر عصور الفلسفة المختلفة سوى ترجمات تنظيرية لاختلاف رؤى الفلاسفة حول وسيلة تحقيق السعادة الإنسانية في هذه الحياة.
وإن كان سقراط والسفسطائيون قد ظهروا في عصر واحد، واتفقوا في اتخاذ منحى إنساني جديد للفلسفة اليونانية فقد اختلفوا فيما وراء ذلك، فالسفسطائيون يرون السعادة عند المدارس السقراطية الصغرى في هذه الحياة في المنفعة العملية، وفي تحقيق الفرد النجاح المادي فيحوذ بذلك الفضيلة السياسية، في حين رآها سقراط في الحكمة النظرية (المعرفة) وعيش حياة التأمل والانصراف عن متع الحياة المادية، والسعادة عند السفسطائيين فردية ومكتسبة، في حين أنها كانت عند سقراط جماعية وفطرية.
وقد كانت شخصية سقراط شخصية محورية جذبتْ إليها كثيرًا من الشخصيات، فلقد أعجب كثيرون بشخصية وحياة وفلسفة سقراط، والتفوا حوله في حلقة علمية تصحبه في كل مكان يذهب إليه، يتلقون منه الحكمة وفصل الخطاب. وقد هزت فجيعة إعدامه هؤلاء الحواريين هزة روحية عنيفة، فتفرقوا من بعده شيعًا متعددة، وقفل عدد منهم إلى مسقط رأسه، وعلم الحكمة السقراطية كما يتصورها هو لا كما قدمها الأستاذ. وكانت هذه الحلقة الفلسفية السقراطية تضم كثيرين من الأتباع، لكن جاءت على رأسها أربع شخصيات: أفلاطون، وأنتستنيس الكلبي، وأرستيبوس القورينائي، وإقليدس الميجاري، وكل واحد من هؤلاء الحواريين عاش فترة تشرد عقب فجيعة إعدام سقراط، ثم استقر أخيرًا ليؤسس مدرسة فلسفية تُدرس فيها الحكمة السقراطية، حيث أقام أفلاطون الأكاديمية بأثينا، واهتم بنشر تعاليم أستاذه كاملةً بلا نقص، فاستحق بذلك لقب السقراطي الكامل، في حين تمسك الأعلام الثلاثة الآخرون بجانبٍ واحدٍ فقط من جوانب فلسفة سقراط ألا وهو الفضيلة، وأضافوا إليه جوانب أخرى غريبة على شخصية سقراط وفكره؛ فقيل عنهم أنهم صغار السقراطيين.
لقد أسس هؤلاء التلاميذ –بدورهم- ثلاث مدارس فلسفية أُطلق عليها اسم المدارس السقراطية الصغرى، ادعتْ جميعها الانتساب إلى سقراط وتعاليمه، جمعت الأولى بين الفضيلة والزهد وهى المدرسة الكلبية
Cynics School The التي أسسها أنتيسثينيس Antisthenes في أثينا، وساوتْ الثانية بين اللذة والفضيلة وسميت بالمدرسة القورينائية The Cyrenaic School، وأسسها أرستيبُّوس Aristippus في قورينا بشمال أفريقيا مسقط رأسه. واتفقت المدارس جميعها على التوحيد بين الفضيلة والسعادة؛ هربًا من عالم كانت تتقاذفه التعاسة من كل جانب؛ وبحثًا عن الطمأنينة والسعادة، ولقد استمرت هذه المدارس زمنًا طويلًا حتى اندمجت داخل المدارس الكبرى في العصر الهيللنستي.
واستعرضت الدراسة الحالية موقف هذا التيار السقراطي من السعادة البشرية من حيث ماهية هذه السعادة؟ والأسس الإبستمولوجية التي أقاموا عليها مفاهيمهم عن السعادة هل كانت أسسًا مادية حسية أم مثالية عقلية؟ واستعرضت أيضًا نظرية السعادة عند سقراط وكيف أقامت علاقة عملية وثيقة بين التأمل والفلسفة الأخلاقية، إضافة إلى ذلك كونه أول من قدم مذهبًا أخلاقيًا متكاملًا للسعادة والفضيلة من خلال نظريته للسعادة أو الهيدامونيا.