Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
جامعة براغ ودورها في الصراع بين التشيك والألمان (1347م-1409م)/
المؤلف
محمد، أمل رمضان عبد المقصود
هيئة الاعداد
باحث / أمل رمضان عبدالمقصود
مشرف / صلاح محمد ضبيع
مشرف / أسامة إبراهيم حسيب
مشرف / صلاح محمد ضبيع
الموضوع
تاريخ اوربا - العصور الوسطي.
تاريخ النشر
2022.
عدد الصفحات
251 ص. ؛
اللغة
العربية
الدرجة
الدكتوراه
التخصص
التاريخ
تاريخ الإجازة
15/11/2022
مكان الإجازة
جامعة سوهاج - كلية الآداب - التاريخ
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 251

from 251

المستخلص

ظلت مملكتا بوهيميا وألمانيا خاليتين من الجامعات حتى منتصف القرن الرابع عشر الميلادى على الرغم من أنها لم تكن بمعزل عن نهضة القرن الثانى عشر الميلادى فى أوروبا، ولكن كانت الأوضاع الداخلية والخارجية بها متدهورة، مما أدى إلى عدم مواكبتهما للتطورات العلمية التى نتجت عن نهضة القرن الثانى عشر الميلادى فى أوروبا، وعلى الرغم من ذلك كانت هناك محاولات لبعض ملوك بوهيميا لإنشاء جامعة فى القرن الثالث عشر لكنها باءت بالفشل، لعدم استقرار البلاد أيضا، وظلت هكذا حتى جاء الإمبراطور شارل الرابع عام 1346م، الذى قام بالكثير من الإصلاحات فى مملكة بوهيميا حتى قبل وصوله للعرش، كان دائم السعى لتطوير بلاده فى كافة المجالات، ولأنه كان محبًا للعلم والمعرفة لتأثره بالحياة التى كان يعيشها فى فرنسا منذ الطفولة، لذلك عندما عاد إلى مملكة بوهيميا كانت أولى الإنجازات التى قام بها فى مملكة بوهيميا هى البدء فى اختيار أفضل مقٍر لإنشاء جامعة فيه وكانت مدينة براغ هى المقر الذى اختاره شارل لإنشاء الجامعة، لأنها مقر لملوك بوهيميا منذ نشأتها ومن ثم قام بالعديد من الإصلاحات بها لكى تصبح مؤهلة كمقٍر لمؤسسة مثل جامعة براغ.
ونتيجةً لتلقى الإمبراطور شارل الرابع تعليمه فى فرنسا، وقضائه الكثير من حياته بها، جاءت جامعة براغ نموذجًا مشابهًا لجامعة باريس، فى التنظيم والإدارة، حيث ضمت نفس الكليات التى كانت تتضمنها جامعة باريس وهى كلية الفنون الحرة (الآداب)، وكلية اللاهوت، والطب، والقانون، لكن جامعة براغ انفردت عن بقية جامعات أوروبا فى انفصال كلية القانون عن الجامعة الأم فى براغ وقام أساتذتها بإنشاء جامعة خاصٍة بالقانون، كما تم تقسيم طلابِ وأساتذةِ الجامعة إلى نظام الأممِ الموجود فى جامعة باريس أيضًا، لكن اختلفت أيضا جامعة براغ عن الجامعات الأوروبية فى عدم قدرتها على السيطرة على نظام الأمم وتطبيق العدل والمساواة بينهم، مما أدى إلى سيطرة عنصٍر واحٍد فقط على الجامعة هو الألمان الذين وقفوا فى وجه الأمة البوهيمية، التى كان من المفترض أن تقوم بإدارة جامعة بلادها، فنتج عن ذللك سلسلة من الصراعات بين هذين العنصرين فى جامعة براغ.
ومن أسبابِ الصراع بين التشيك والألمان فى جامعة براغ فى العصور الوسطى، سيطرة الألمان على جامعة براغ فى كافة المجالات، مما جعلهم يريدون فرض مذهبهم الفلسفى على جميع أمم الجامعة وهو مذهب الفلسفة الاسمية، لكن التشيك عارضوهم وأيدوا مذهب الفلسفة الواقعية الذى جاء عن طريق دخول كتابات الأستاذ الإنجليزى يوحنا ويكليف التى قام طلاب التشيك بإحضارها معهم أثناء عودتهم من إنجلترا للدراسة بها، وبالتالى نشب الصراع نتيجة هذا الاختلاف الفلسفى بين العنصرين فى الجامعة، مما دفع أساتذة الجامعة لعقد العديد من الاجتماعات التى تضم العناصر التشيكية والألمانية كمحاولة لإنهاء هذا الصراع فى الفترة من عام 1403-1408م، لكن تمسك كل طرف من أطراف الصراع بتأييد مذهبه الفلسفى أدى إلى فشل هذه الاجتماعات فى التوصل إلى اتفاق بينهما.
وفى هذه الفترة من الصراع الذى نشب بين التشيك والألمان فى جامعة براغ تظهر شخصية هامة فى مملكة بوهيميا هو الأستاذ واللاهوتى يوحنا هس الذى كان من أول المؤيدين للفلسفة الواقعية وصاحب الفضل الأكبر فى نشر هذه الفلسفة والمبادئ الخاصة بيوحنا ويكليف فى مملكة بوهيميا وجامعة براغ، مما دفع الشعب البوهيمى إلى أن يعلن أن يوحنا هس هو الزعيم الوطنى لهم، وعليه قضى يوحنا هس حياته مؤيدا لمبادئ وفلسفة يوحنا ويكليف، والسعى الدائم لنشرها فى مملكة بوهيميا، كما أن ظهور يوحنا هس والمكانة التى حظى بها وسط الشعب التشيكى وفى البلاط الملكى لمملكة بوهيميا فضلا عن مكانته الكبرى فى جامعة براغ كأستاذ فى الفلسفة واللاهوت، ازداد موقف العناصر التشيكية قوة فى الوقوف ضد الألمان ومذهبهم الفلسفى الاسمى.
لكن ازدادت حدة الصراع مرة أخرى مع اتخاذ الملك فاتسلاف الرابع ملك بوهيميا موقف الحياد من أزمة الانقسام البابوى، وعدم دعم أى من البابوين سواء البابا الموجود فى روما أو البابا الموجود فى أفينون، وبالطبع أيده شعبه من التشيك فى هذا الموقف وعلى رأسهم الزعيم الوطنى التشيكى يوحنا هس، الذى كان دائم السعى لإصلاح الكنيسة، لدرجة أنه كان يعارض البابوية ورجال الدين، بسبب النزاع على المناصب الدنيوية، والاهتمام بجمع الثروات أكثر من نشر التعاليم الدينية والوعظ فى الكنيسة، لكن العناصر الألمانية كانت تؤيد بابوية روما، وهنا يتجدد الصراع بين التشيك والألمان حول أزمة الانقسام البابوى فى جامعة براغ، والذى نتج عنه أيضًا العداء بين الألمان وملك بوهيميا.
وبالإضافة إلى ذلك فقد نشب الصراع بين التشيك والألمان فى جامعة براغ فى بداية القرن الخامس عشر الميلادى، حول نظام التصويت الذى يمنح الألمان ثلاثة أصواٍت فى مجلس الجامعة مقابل صوت واحد للتشيك وهم سكان البلاد الأصليين الذين ينبغى أن تكون لهم الغلبة فى نسبة التصويت فى مجلس الجامعة مقارنة بالأمم الأجنبية بها، وهذا ما دفع الأمة التشيكية للاجتماع بالزعيم يوحنا هس وعدد من الأساتذة التشيك بجامعة براغ، لتقديم التماس للملك فاتسلاف الرابع، لتعديل دستور الجامعة خصوصًا فيما يتعلق بنظام التصويت.
وعلى كٍل فقد تزامنت هذه الأحداث الواقعة فى جامعة براغ، وتدخل الملك فاتسلاف بها مع النزاع بينه وبين الملك روبرت بالاتين على العرش الإمبراطورى، فكانت تلك النقطة محورًا جديدًا للصراع بين التشيك والألمان فى جامعة براغ، حيث تأييد الألمان للملك روبرت بالاتين ضد ملك بوهيميا الذى حصل على تأييد شعبه، مقابل مساعدتهم فى القضاء على الهيمنة الألمانية على الجامعة ومملكة بوهيميا، حيث وجدوا أن الوقت قد حان لذلك بعد رفض الألمان طاعة الملك فاتسلاف فى الحياد من أزمة الانقسام البابوى، ثم تأييدهم للملك روبرت بالاتين ضده، وعليه كان إقناع الملك بفكرة تعديل دستور جامعة براغ سهلًا، ومن هنا تكاتفت جهود التشيك وزعيمهم يوحنا هس وأساتذة جامعة براغ تجاه الملك فاتسلاف، فأصدر مرسوم كوتنا هورا عام 1409م ذلك المرسوم الذى صرح فيه بتعديل نظام التصويت فى مجلس جامعة براغ، بمنح التشيك ثلاثة أصواٍت، مقابلَ صوٍت واحٍد للأمم الأجنبية فى الجامعة، فكان هذا المرسومُ بمثابة النقطة الحاسمة فى الصراع بين التشيك والألمان داخل جامعة براغ، فعقب صدوره خرج الألمان من جامعة براغ ومملكة بوهيميا، وسيطر التشيك على الجامعة، ومنها ساد المذهب الواقعى لويكليف أيضا.
لكن على الرغم من المكاسب التى حققها مرسوم كونتا هورا بالنسبة للتشيك وزعيمهم يوحنا هس الذى أصبح رئيسًا للجامعة بعد مرسوم كوتنا هورا، بالإضافة إلى الزعامة التى يتمتع بها فى الكنيسة البوهيمية أيضًا، إلا أنه جلب إليه الكثير من العداءات التى ظل يعانى منها حتى وفاته، وانتقال جامعة براغ من مرحلة العالمية إلى المحلية حيث أصبحت تقتصر على العناصر التسيكية والقليل من العناصر الأجنبية.
تستهدف هذه الدراسة الحديث عن جامعة براغ ودورها فى الصراع بين التشيك والألمان (1347-1409م)، حيث إن نشأة الجامعات فى العصور الوسطى كانت من أهم معالم نهضة القرن الثانى عشر الميلادى فى أوروبا، لكن مملكة بوهيميا وألمانيا لم تواكب هذ النهضة وتطوراتها حتى منتصف القرن الرابع عشر، عندما جاء الملك شارل الأول ملكا على بوهيميا وكان أهم إنجازاته الحضارية هو إنشاء جامعة براغ عام 1348م، كأول جامعة فى هذه المنطقة من أوروبا.
ونظرًا لأن الملك شارل قضى معظم حياته فى فرنسا وتلقى تعليمه فى جامعة باريس كانت جامعة براغ نموذجًا مماثلًا لجامعة باريس فى النظام الإدارى، والدستور، والكليات التى تضمنتها الجامعة ككلية الآداب، واللاهوت، والطب، والقانون التى انفردت عن جامعات أوروبا فى انفصالها عن جامعة براغ وإنشاء جامعة القانون، وكذلك نظام الدراسة وتقسيم الطلاب والأساتذة بنظام الأمم.
لكن جامعة براغ كانت تختلف عن جامعات أوروبا فى أن نظام الأمم الذى نتج عنه سيطرة عنصر واحد على الجامعة وهم الألمان، ذلك النظام الذى جعل الجامعة تصبح مقرًا لسلسلة من الصراعات بين التشيك والألمان، حيث شعور التشيك بالظلم فى بلادهم بسبب سيطرة الألمان عليها لدرجة أنهم فرضوا عليهم مذهب الفلسفة الاسمية فى الجامعة، مما كان بداية الصراع بينهما لأن التشيك رفضوا اتباع الفلسفة الاسمية، بسبب تأييد الألمان لها، وقاموا بتبنى مذهب الفلسفة الواقعية ليوحنا ويكليف.
ثم ينتقل الصراع بين التشيك والألمان إلى نقطٍة أخرى تتعلق بنظام التصويت الذى يمنح الألمان ثلاثة أصوات فى مجلس جامعة براغ، مقابل صوت واحد للتشيك سكان البلاد، وعليه قاموا بتقديم التماس لملك بوهيميا لحل هذه الخلافات وإعادة الحق لشعبه بالقضاء على الهيمنة الألمانية، وقد دعم التشيك فى هذا الصراع القائد والزعيم الدينى وأستاذ الفلسفة واللاهوت يوحنا هس، بالإضافة إلى ملك بوهيميا الذى كان يريد الحصول على الدعم من الشعب التشيكى فى اتخاذ موقف الحياد من أزمة الانقسام البابوى لحين حلها، وكذلك فى صراعه ضد الملك روبرت بالاتين ملك ألمانيا، خصوصًا بعد رفض الألمان تأييده فى أى من المسألتين، حيث دعمهم لملكهم روبرت ضده، وتأييد بابوية روما.
وعندئذ استغل التشيك هذا العداء فى إقناع الملك فاتسلاف بتعديل دستور جامعة براغ خصوصًا فيما يتعلق بنظام التصويت، وبالفعل تم إصدار مرسوم كوتنا هورا من قِبل ملك بوهيميا الذى يقضى بمنح الأمة البوهيمية ثلاثةَ أصواٍت فى مجلس الجامعة، مقابل صوت واحد فقط لباقى الأمم الأجنبية فى الجامعة، وبموجب هذا المنشور تم القضاء على سيطرة الألمان على جامعة براغ، بل وخروجهم بشكل نهائى من مملكة بوهيميا وبالتالى سيطرة الفلسفة الواقعية بدلًا من الفلسفة الاسمية للألمان فى الجامعة وتولية زعيم الأمة التشيكية يوحنا هس رئيسًا لجامعة براغ، لكنه ظل يعانى من العداءات نتيجة لدعمه للتشيك، ومبادئ يوحنا ويكليف والسعى الدائم لنشرها فى مملكة بوهيميا، خاصة من قِبل البابوية التى كانت تعتبر مبادئ يوحنا ويكليف تدعو إلى الهرطقة، كما شعر الألمان بالحزن والهزيمة لخروجهم من مملكة بوهيميا وجامعة براغ، فى حين شعر التشيك بالفخر والانتصار بالسيطرة على إدارة بلادهم.