Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
السطوة السياسية للآلهة الرئيسة فى بلاد الرافدين
(دراسة تاريخية حضارية)/
المؤلف
احمد، زياد طارق حاتم
هيئة الاعداد
باحث / زياد طارق حاتم احمد
مشرف / عائشة محمود عبد العال
مشرف / شاكر محمود اسماعيل
مناقش / خالد محمد الطلي
تاريخ النشر
2021
عدد الصفحات
أ-ل ؛373ص.:
اللغة
العربية
الدرجة
الدكتوراه
التخصص
التاريخ
تاريخ الإجازة
1/1/2021
مكان الإجازة
جامعة عين شمس - كلية البنات - قسم التاريخ
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 393

from 393

المستخلص

تمكن العراقيون القدماء من الوصول إلى مرحلة متقدمة من النضج الحضاري مع بداية العصور التاريخية، مكنتهم من تأسيس أول نظام سياسي في العالم، بهدف تنظيم حياتهم، والوصول بها إلى مراحل متقدمة في سلم التطور الحضاري، وقد عكس هذا التطورحديثهم عن الرفاهية والعدالة وغيرها من المفردات التي تسعى الشعوب الى اليوم بهدف الوصول إليها، والتي يتوجب على الحاكم توفيرها لأبناء شعبه.
ارتبط النظام السياسي الذي أقامه العراقيون القدماء منذ البداية بالدين فكريا وعمليا، فهو الأساس الذي قامت عليه الملكية في بلاد الرافدين، وما يتعلق بها من اختيار الملك إلى كل ممارساته السلطوية الأخرى، فقد دأب أغلب الباحثين والمختصين في تاريخ بلاد الرافدين على القول، إن الإنسان العراقي في عصوره القديمة جعل من الدين جوهر حياته، يدير من خلاله نشاطاته المختلفة، بما فيها السياسية، وهذا نابع من عمق إيمانه بإلآلهة. لكننا نرى أن السياسي العراقي القديم حين أدخل الدين في عمله السياسي لم يكن همه الأول الإيمان بالآلهة، على الرغم من إظهار الملك نفسه بمظهر التقوى والورع، وتأكيده مسألة الإيمان بالآلهة؛ لأن الواقع العملي يشير إلى أن هذه المسألة تقدم له فائدة جليلة تقربه من المجتمع، بل كان همه أن يوفَق في عمله السياسي، وأن تكون أوامره نافذه وقراراته مطاعة من الجميع، ولم يجد وسيلة أنجح توصله إلى هدفه من الدين، لذلك جعل منه أساسا في عمله السياسي. من هنا جاء اختيارنا لموضوع السطوة السياسية للآلهة الرئسية في بلاد الرافدين.
كان للدين اثر كبير في تحقيق الأهداف السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي ترغب بها السلطة السياسية في بلاد الرافدين.
ظهرت في بلاد الرافدين عادات وتقاليد اجتماعية جديدة تنظم العلاقات بين السكان توجت بتنظيم عدة قوانين، وذلك من أجل تنظيم حياة المجتمع ولمعرفة الحقوق والواجبات بين افراده.
أمتازت الديانة في بلاد الرافدين بمبدأ التعددية، أي أنها آمنت بتعدد الآلهة التي وصلت بالآلاف تتباين فيما بينها من ناحية الأهمية والعمق التاريخي، وهي نتيجة لتعدد المظاهر الكونية والطبيعية التي جسدها العراقيون القدماء بهيئة آلهة.
اعتقد العراقي القديم أن الإنسان خُلق من الطين بموجب الأساطير السومرية، ومن الطين الممزوج بدم إله على وفق الأساطير البابلية، وأن خَلْق الإنسان لم يكن غاية في حد ذاتها، أو نتيجة مكملة لمراحل خَلْق الكون، وإنما خُلق من أجل خدمة الآلهة، ورفع عناء العمل عنها.
أن الفكر السياسي في العراق القديم قد تأثر كثيراً بالفكر الديني، واستمر مرتبطاً به طوال مراحله التاريخية، وبقيت اليد الطولى للدين توجهه نحو المسار الذي ترغب فيه، إلا في بعض المراحل التي تم فيه تشكيل حكم أمبراطوري فصلت فيه السياسة عن الدين.
إن اشاعة مبدأ اختيار الآلهة للملوك باعتبارهم ممثلين لها في حكم البلاد يضفي الشرعية على سلطة الملوك، وتلك الشرعيـة تجعـل كـل مـن يقتـرف ذنبـا تجـاه الملـك يكـون مذنبـا بحـق الآلهة.
كان لمبدأ الاختيار او التفويض الإلهي صلاحيات واسعة للملك تمكنه من السيطرة على جميع أبناء المجتمع فهو ممثل الآلهة على الأرض، وتربطه بها علاقة تختلف عن بقية أبناء المجتمع، وما يقوم به من أفعال، إنما هو تجسيد لأوامر الآلهة، لذلك يتوجب الطاعة له من أبناء المجتمع ولا يحق لأحد الاعتراض عليه.
لقد جمع النظام السياسي في العراق القديم بين وراثة العرش وبين مبدأ الاختيار الإلهي، ففي حين كانت الممارسة السياسية الفعلية تقوم على أساس نقل السلطة من الملوك إلى أبنائهم بطريقة وراثية، مع وجود المعتقد الديني الذي عد نقل السلطة الى الابناء هو إرادة الآلهة.
كان الغرض من تأليه الملك في العراق القديم لتسهيل عملية السيطرة على البلاد وليحظى باحترام أكبر من رعاياه و لم يكن همه مساواة نفسه بالآلهة، والوصول إلى الدرجة التي يسمو فيها ليصبح إلها حقيقيا.
تميزت الآلهة عن البشر بصفة بارزة ومهمة، إلا وهي صفة الخلود والقوة الخارقة فهي لا تموت ولديها امكانية التحكم بموجودات الكون، بعكس الإنسان الذي كتب عليه الموت والضعف.
مثلت رموز الآلهة بهيئة أشياء مادية كانت على صلة وثيقة بحياة السكان واعمالهم وأن تلك الرموز تمثل الآلهة في حال عدم تواجد هيئتها الإلهية بصورة فعلية وما توفره للمجتمع.
عدت الآلهة في نظر المجتمع العراقي القديم مصدر للخير والشر في آن واحد لتحكمها بالعوامل الطبيعية التي تؤثر سلباً وايجاباً على الإنسان وموارده الغذائية.
حسب الفكر العراقي القدماء فإن الآلهة لها أرقاماً تمثلها عرف بالنظام الستيني إذ أن أعلى رقم فيها هو الرقم (60) للإله (آنو) وذلك لأهمية مكانته في مجمع الآلهة العراقية.
أولى الملوك في بلاد الرافدين أهمية كبيرة لمعابد الالهة ، إذ أن الملك سرجون الأكدي وهب ابتنه (انخيدوانا) للخدمة في معبد الإله ننار – سين في أور وأصبحت كاهنة عليا فيه.
كان الإله (آنو) في تصور العراقيين القدماء أعلى المراتب شأناً في مجمع الآلهة، فهو إله السماء وكانت سماء هذا الإله حسب اعتقادهم أعلى السماوات السبعة.
قام الإله (أنليل) حسب الفكر الديني العراقي القديم بفصل السماء عن الأرض واخرج بذرة البلاد من الأرض واوجد كل ما يحتاج إليه البشر.
يعد للإله (انكي) معلم الإنسان لعناصر الحضارة كافة ،فهو الذي أوجد الصناعات اليدوية وفن الكتابة وهو من اخترع المحراث والمعول والقوالب لتشكيل الطابوق، وهو من صاغ القوانين والمراسيم وغيرها.
تميز الإله (ننار)عن بقية الآلهة الأخرى بكونه الإله الوحيد الذي له ثلاثة اخوه، وهم كل من الإله (ميسلام تاي) والإله (ننازو) والإله (انبيلولو).
وصف الإله (ننار) في النصوص بالسيد ذي الكلمة الثابتة وكبير الآلهة والملك وإله جميع الآلهة وتابع الآلهة العالي وإله السماء العالي وسيد العرش، ونسبت إليه صفات الرأفة والشفقة والرحمة على الناس.
اتصف الإله (اوتو) بصفات ابرزها القاضي الأعظم إذ كان يؤدي دوراً مهما في العقائد وكان قاضي قضاة الآلهة والقاضي السامي للآلهة العظيمة.
أهم المزايا التي اتصفت بها الإلهة عشتار أنها إلهة الحب والجمال والمتعة الجنسية فهي مصدر كل الحياة والخصوبة.
يعد العراقيون القدماء أول المبدعين في مجال الفكر الديني والسياسي الذي نجده لأول مرة عاى مستوى العالم في بلاد الرافدين، كما كانوا أول من أقام كياناً سياسياً هو مانسميه اليوم بالدولة المتمثلة بالملكية، غير أنه لم يقل بقداسة من يمارسها، وابتدع العراقيون القدماء فكراً كان له اثر مباشر على البيئة الطبيعية وظروف حياتهم المعيشية فقد دخل الدين في حياتهم الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وايظاً دخل في المجال العملي حين تم تصوير كل ما يقوم به الملك من اعمال سياسية على انهاتتم بأمر الآلهة ،وتم ادخال الدين في العمل السياسي بتقبل من ابناء المجتمع لحكم الملوك وطاعتهم بإضفاء الشرعية على حكم هؤلاء، والقدسية على كل ما يقومون به من اعمال ولكن هذا لا يعني الاستسلام المطلق من جميع ابناء المجتمع، فتاريخ بلاد الرافدين يطالعنا بكثرة الثورات والتمردات ضد السلطة الحاكمة، مما يعني ان هناك من لم بشرعية الملوك، فقد استفاد الثوار والمتمردين من الدين في محاولة انجاح ثوراتهم، اذ قدم الكهنة دعمهم للحكام والملوك في استخدامهم للدين في العمل السياسي لأن هؤلاء الكهنة كانو مدركين لحقيقة أن استمرار الحكم بالسير على هذا النهج اي ربط الدين بالسياسة، اذ كان الهدف من إدخال الدينفي العمل الساسيإخضاع المحكومين فكرياً لسلطة الحكام والملوك،وهذاالاخضاع من الناحية الجسدية باستغلال مجهودهم لتوفير بنية اقتصادية قوية تكون فائدتها بالدرجة الاولى إلى الطبقة العليا، اذ وضع الكهنة اساسيات العمل السياسي في بلاد الرافدين عندما كانو يمارسون الحكم في بداية العهود التاريخية، أما السياسيون فقد عملواعلى تطوير تلك الاساسيات عبر الحقب الزمنية المتعاقبة، وفي الوقت الذي ضمنت فيه السطوة السياسية الحاكمة لم تمهل الطبقة العامة إهتماماً تاماً ؛لإدراكها اهمية هذه الطبقة التي تشكل الركيزة الاجتماعية الأكبر، لذا نجدها تحاول توفير قدر من الرفاهية لها ،ومعالجة المشاكل التي تعاني منها عن تشريع القوانين، إمتلك العراقي القديم وعياً اجتماعياً جعله يدرك حقيقة استفادة الحكام والملوك من الدين لتحقيق أهداف وغايات سياسية، لذا نجده يوجه النقد اللاذع للآلهة التي تساند القوي ضد الضعيف، وهو حين يوجة نقده للآلهة فهو يوجه النقد للسلطة الحاكمة بطريقة غير مباشرة، وبمعنى آخر أنه يوجه النفد لتسيس الدين.