Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
دراسات حول تطبيقات
قانون البيئة بالكويت/
المؤلف
خلف ، فايز منشد عجيل .
هيئة الاعداد
باحث / فايز منشد عجيل خلف
مشرف / محمد عادل عبد الرحمن
مشرف / محمد فتحي عزازي
مناقش / محمد منصور حمزه
الموضوع
حمايه البيئه - قوانين وتشريعات. القانون - الكويت . القانون الاداري - الكويت.
تاريخ النشر
2019
عدد الصفحات
170ص. ؛
اللغة
العربية
الدرجة
ماجستير
التخصص
علم البيئة
تاريخ الإجازة
1/9/2019
مكان الإجازة
جامعة مدينة السادات - المكتبة المركزية بالسادات - قسم مسوح الموارد الطبيعية في النظم البيئية
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 168

from 168

المستخلص

تعد مشكلات البيئة( ) من أعقد المشكلات التي تواجه العالم حاضرا، والمشكلة البيئية ليست وهما بل غدت واقعا ملموسا يعاني منه كل إنسان في هذا العالم، ويعاني منها الأفراد،لاسيما بعد ما أحدثته التقنيات الحديثة والصناعات المتقدمة من أضرار داهمة للبيئة باتت تهدد حياة الإنسان، وتنذر بفناء العديد من النباتات والكائنات الحية واستنزاف الموارد الطبيعية.
ومشكلة التلوث البيئي( ) ليست جديدة أو طارئة بالنسبة لكوكب الأرض، إنما الجديد فيها هو زيادة شدة التلوث كما وكيفا، حيث تعاني البيئة حاليا من تلوث خطير وتدهور جسيم يشمل كل صورها، فمن تلوث الأرض ماهو ناجم عن تبوير الأراضي الزراعية، وإقامة المباني عليها، واستخدام المدخلات الكيمياوية وقطع الغابات والتصحر، إلى تلوث الهواء والمياه الناجم عن الصناعات الحديثة، وانتشار الحروب بما تؤدي إليه من دمار بيئي شامل بمنطقة النزاع، وغالبا ما تمتد آثاره إلى مناطق أخرى من العالم مما دفع الكثيرين إلى الاقتناع بأن الإنسان هو مشكلة البيئة.
ويلاحظ أنه بالرغم من أن البشر في العالم متباعدون جغرافيا، وتختلف ثقافتهم ولغاتهم وثقافتهم السياسية، إلا أن هناك خطرا مشتركا أصبح يهددهم اليوم، وهذا الخطر وليد عدد من الظواهر المتعددة التي تؤثر على البيئة وتلحق وتتباين بمعدلات غير مسبوقة، مما ينذر بمخاطر داهمة ليس على الأجيال القادمة فحسب، بل على الحياة على كوكب الأرض.
لقد أصبح الإنسان العادي يسمع عن البيئة أكثر من أي موضوع آخر في العلوم، إن الإنسان في هذه الأيام، يغمره سيل متدفق من الأخبار بالوسائل المرئية والمسموعة والمكتوبة وجميعها تنبؤ عن كل جديد ومستجد عن أي مشكلة من مشكلات البيئة والكوارث الكامنة لهذه البشرية في المحيط الذي يعيش فيه علما بأن علم البيئة حاليا هو من أهم العلوم في العالم، لأنه يعني بكافة أمور الحياة فهو يدرس القوانين الطبيعية ويهتم بالتوازن الطبيعي ففي كل سنة تتدمر ملايين الهكتارات من الغابات، وتتحول معظمها إلى أراضي زراعية عاجزة عن تأمين الطبيعية التي يقطنوها في مختلف أنحاء العالم، وتقتل الأمطار الحمضية ثروات الغذاء للفلاحين الذين يستغلوها فمنها ما يدمرالغابات والبحيرات ومنها ما يدمر التراث الفني والمعماري للعالم، وربما في الحاضر أدت زيادة نسبة غاز ثاني أكسيد الكاربون في الجو إلي التسبب في الزيادة التدريجية لدرجة حرارة الغلاف الجوي.
كما أدي حرق الوقود إلى زيادة نسبة غاز ثاني أكسيد الكربون في الجو مما يتسبب بدوره أيضا في الزيادة التدريجية لدرجة حرارةالغلاف الجوي.
كما تهدد غازات صناعية أخري وخاصة الكلوريد فلوريد كربون (C. F. C ) بتدمير طبقة الأوزون والتي تشكل درعا واقيا، يحمي الكائنات الحية التي تعيش على سطح الأرض من أضرار الأشعة فوق البنفسجية وتطرح الصناعة مواد سامة في مكونات الدورة الغذائية للإنسان، في طبقات المياه الجوفية والسطحية إلى الحد الذي يتجاوز إمكانية التطهير.
فمنذ وجود الإنسان على الأرض أخذ يعمل علي استغلال مواردها الطبيعية في بناء الحضارة الإنسانية ونظرا لخطورة مشكلة تلوث البيئة، فقد بدأت دول العالم في شتى أنحاء المعمورة علي المستوى الوطني أو الإقليمي أو الدولي بالعديد من المحاولات للحفاظ على البيئة واستحداث الوسائل القانونية بقصد الحدومن الإستغلال السيء للبيئة وفي إطار هذه الفكرة التي لم تعد تعوقها الحدود الجغرافية أو السياسية كما أن التصدي لها يتجاوز حدود وإمكانيات التحرك الفردي لمواجهة مخاطرها الرهينة، والتي لا تقل خطرا على الحروب والنزاعات المسلحة والأمراض الفتاكة إن لم تردعليها.
كما أنه لا توجد مؤسسة في هذا العالم أو أي جهة حكومية يمكنها السيطرة بمفردها على البيئة بشكل كلي، فهي لا تمتلك الموارد الكافية من أجل ذلك، كما أن البيئة تعد تراثا مشتركا للإنسانية والحفاظ عليها، ومن بين هذه المنظمات الدولية الحكومية وغير الحكومية اخترنا منظمة دولية حكومية وهي منظمة الأمم المتحدة لدراسة دورها في حماية البيئة من التلوث ولدراسة هذا الموضوع يلتزم الباحث بإجراء دراسة تحليلية متعمقة بكل جزئية من جزيئات البحث فلا يكتفي بعرض وتجميع ما هو كائن بل يتوجب عليه أن يتناول كل جزئية بعد الوصف بالتحليل وهذا يستلزم أن يطرح الباحث وجهة نظره الذاتية حين قيامه بإجراء التحليل اللازم.
فبداية ذي بدء فإن مفهوم حماية البيئة تبلور من خلال إتجاهين رئيسيين : -
أولهما تبناه العالم الغربي:-
ويقوم على تحقيق التوازن بين حماية البيئة والتنمية .
وثانيهما تبنته دول العالم الثالث :-
ومن بينهم الكويت ( ) وقام على معارضة الطرح الغربي لحماية البيئة باعتباره شكل جديد من أشكال القضاءعلى حق التنمية لهذه الدول. وعلى الرغم من أنه من غير الإنصاف إنكار أهمية وحيوية الخيارالتنموي لدول العالم الثالث في تحقيق مصالح اجتماعية واقتصادية( ) إستراتيجية، فإن آثار هذا الخيار الذي انتهجته دول العالم الثالث كان وخيما على البيئة والتنمية على حد السواء وبمرور الوقت تغيرت مواقف الدول النامية بما فيها موقف الكويت بسبب التدهورالخطير الذي نجم عن الآثار السلبية للحركة التنموية .
ولم يعد لتباين مواقف الدول حول موضوع حماية البيئة أي معنى وبخاصة خلال ندوة ريوديجانيرو، وعلى إثر هذا الاقتناع تطور قانون حماية البيئة في العديد من الدول وأفرز آليات متنوعة تسعى كلها لتحقيق حماية فعالة للبيئة.وعلى غرار بقية الدول يعرف قانون حماية البيئة في الكويت تطورا مستمرا في الوقت الراهن.
ولعرض مختلف هذه الآليات القانونية لحماية البيئة في الكويت، ينبغي ابتداء ضبط المفاهيم الخاصة بمضمون الحماية ومداها،ومضمون البيئة والعناصر التي تشملها. ونظرا للتباين الفقهي والعلمي الواسع حول تحديد مضمون حماية البيئة، فإنه سوف يتم اعتماد مفهوم الحماية باللجوء إلى المعيار التشريعي لتحديده مضمون الحماية، والتي تشمل الدفاع والوقاية والتسيير العقلاني والمحافظة والإصلاح والترميم وإعادة الحال.
ولأجل ضبط عمليات الحماية في مختلف أشكالها وصورها بدقة، نطبق المعيار المؤسسي الذي يحدد صلاحيات ومجالات تدخل وزارة تهيئة الإقليم وبقية الوزارات الأخرى في مجال حماية البيئة. ويتم حصرمضمون البيئة باعتماد المعيار التشريعي الذي يعتبر أن:-
”البيئة تتكون من الموارد الطبيعية اللاحيوية والحيوية كالهواء والجو والماء والأرض وباطن الأرض والنبات والحيوان، بما في ذلك التراث الوراثي وأشكال التفاعل بين هذه الموارد وكذا الأماكن والمناظر والمعالم الطبيعية التي تفرض المعالجة القانونية لحماية البيئة حماية منهجية محكمة في توظيف مختلف الآليات القانونية المتاحة لحماية البيئة، من أجل التدخل بطريقة متكاملة وفعالة على مستوى مختلف مراحل التلوث بأساليب وقائية.
ومن ناحية أخرى ترتبط دراسة الآليات القانونية الداخلية لحماية البيئة بسياق عام يؤثرعلى فعاليتها، إذ يشمل هذا السياق العام معطيات متعددة التخصصات، فنجد منها ما يتعلق بالجوانب الدولية والجوانب الداخلية والتخطيط، والسياسة المالية، والجوانب التنظيمية والمؤسسية، ومشاركة مختلف الفاعلين، وكذا تقريرالمسؤوليةالإدارية والمدنية والعقابية في حالة تلويث البيئة.
وإلى جانب ارتباط الآليات القانونية لحماية البيئة بمعطيات متنوعة، نجدها في ذات الوقت متشعبة ومتداخلة فيما بينها وبين بقية الآليات الأخرى غير القانونية المأثرة في عملية حماية البيئة. ونظرا لهذه الخاصية اعتمدت الدراسة على نوع من الربط بين مختلف المعطيات السياسية والاقتصادية والمالية والقضائية، وبالرغم من ذلك لا يمكن الإدعاء بأنها تلم بكل المعطيات اللازمة لمعالجة هذه الآليات في جميع جوانبها، لأن هناك معطيات أخرى لا يمكننا التطرق إليها أو التوسع فيها بحكم التخصص، منها ما يتعلق بمعطيات إيكولوجية بحتة،ومعطيات شرعية، واجتماعية، وتربوية، وإعلامية، وأخلاقية، وتاريخية وغيرها.
وبذلك فإن هذه الدراسة تتطلع إلى تحقيق تحليل قانوني شبه شمولي لمختلف العوامل المؤثرة في الآليات القانونية لحماية البيئة، لتوضيح النقائص والثغرات التي تعتري النظام القانوني لحماية البيئة في الكويت .
لذلك سوف لا يقتصر التحليل على مجرد عرض للقواعد البيئية وإنما سيتم مناقشة فعاليتها ومدى ملائمتها لمواجهة حالات التدهور الخطيرة التي تعرفها البيئة في الكويت ، مع بيان أوجه المقارنة والتحديث الذي تعرفه الآليات القانونية لحماية البيئة في الأنظمة الأخرى المتاحة دون أن يعني ذلك أن هذه الدراسة مقارنة.
ولغرض استكمال البناء الشمولي لهذا الموضوع سيتم عرض جملة الآليات القانونية الوقائية والإصلاحية المتباينة والمتعلقة بحماية البيئة في إطار نسق منهجي متكامل، يهدف إلى إيجاد صيغة ترتيبية وتنسيقية بين مختلف هذه الآليات التي يتضمنها النظام القانوني لحماية البيئة،لتحقيق فعالية أكبر في مجال حماية البيئة.
تظهر أهمية المعالجة القانونية لفعالية الآليات القانونية لحماية البيئة( ) في دراسة الأسباب التي تقف وراء ضعف هذه الآليا ت لمواجهة التدهور الذي تعرفه البيئة في الكويت ، إذ أشارت الوكالة الوطنية لحفظ الطبيعة في أول تقرير لها ”حفظ الطبيعة، أنه يجب اعتماد سياسة للمحافظة على التراث الطبيعي، كالمساحات الغابية والسهوب والصحراء، وأبرزت التدهور الذي تعاني منه هذه الأوساط الطبيعية في الكويت، من جراء تطور الطرقات والهياكل القاعدية والتعمير والحرائق والقضاء على المساحات الغابية وإهمال الأراضي وانتشار الزراعة في مناطق الأنظمة البيئية الهشة وانجراف التربة والرعي المركز والجفاف. وأضاف تقرير آخرفي إطار عرض حالة البيئة أشارالمخطط الوطني للأعمال من أجل البيئة لسنة 1996 إلى مؤشرات تدهور خطيرة وأعاد المخطط الوطني للأعمال من أجل البيئة علي العديد من الآليات:-
- تتمثل هذه الآليات في التخطيط، والآليات الاقتصادية، والمالية، وآليات الشراكة، ومشاركة أعوان الإدارة في حماية البيئة، وتدخل القضاء والتي حددها المخطط الوطني لسنة 1996 وفيما يلي المؤشرات الخطيرة التي تم عرضها ضمن المخطط الوطني من أجل البيئة لسنة 1996:-
- ارتفا ع عدد السكان بثلاث مرات خلال 2020 ، و سيقطن 82 % من مجموع السكان فيما يمثل 4 % من التراب الوطني.
- تقلص المساحات الزراعية وزحف التصحر حيث توجد 200 مليون هكتار مهددة بالتصحر في المناطق السهلية.
- فقدان ما بين 20.000 و 30.000 هكتار في السنة من الغابات نتيجة الحرائق.
- ندر ة مصادر المياه إذ يبلغ المعدل الاستهلاكي لكل مواطن كويتي ما بين 500 و 600 م 3 / السنة لكل مواطن، مما يعني بلوغ العتبة النظرية للندرة.
- ارتفاع نسبة التلوث البحري وتدهور الاحتياطات السمكية.
- تضاؤل الثروة الحيوانية والنباتية، إذ تم إعلان 640 نوع من النباتات في طريق الانقراض.
- ارتفاع حجم النفايات الصناعية التي أصبحت تساهم في تدهور الأوساط الطبيعية وفي انتشار الأمراض المعدية والأوبئة.
وأكدت التنمية المستدامة لسنة 2001 على استمرارية وجود إهمال كلي للجوانب الإيكولوجية ( وضعف الإطار التشريعي والمؤسسي وعدم ملاءمته للاضطلاع بمهمة حماية البيئة) ومواجهة منه لهذا التدهور المستمر بسبب الضعف التشريعي والمؤسسي لحماية البيئة،حدد المخطط الوطني من أجل البيئة والتنمية المستدامة لعام 2001 إستراتيجية عشرية شاملة لمواجهة مختلف المشاكل البيئية المتراكمة، لتدارك حالة التدهور الخطير وضعف الإطارالتصوري والمؤسسي والتشريعي.
وبناء على هذا التحول الجذري يحسن بنا مناقشة فعالية مختلف الآليات القانونية المعتمدة لحماية البيئة، سواء التي سبقت وجود هذه الإستراتيجية، أوالتي تلتها وجاءت نتيجة لتبلور إرادة سياسية لمواجهة حالة التدهور البيئي المتصاعد.اتجهت غالبية الأنظمة القانونية الدولية لحماية البيئة حديثا إلى اعتماد أسلوبين رئيسيين لحماية البيئة :-
1- يقوم أحدهما على اتقاء وقوع التلوث، ويقوم الثاني على إصلاح الأضرار البيئية ومواكبة منه لهذا التطور سعى المشرع الكويتي إلى تطوير الآليات الوقائية والتدخلية لحماية البيئة. غير أن تجسيد الطابع الوقائي للسياسة البيئية تأثر بضعف وعدم استقرار الإدارة البيئية بشقيها المركزي و المحلي طيلة الثلاث عقود السابقة لاستحداث وزارة تهيئة الإقليم والبيئة. كما تأثر الطابع الوقائي بتأخر اعتماد القواعد التصورية وبرامج ومخططات اقتصادية وقطاعية وبيئية متخصصة. وعرف تطبيق الأساليب المرنة ذات الطابع المالي والتحفيزي التي تقوم على تشجيع الملوثين وحثهم على تخفيض التلوث مقابل حصولهم على مزايا مالية مباشرة، بطئا شديدا.
وبموازاة اهتما م الإستراتيجية الوطنية بمختلف الآليات وتحديثها، كان الاهتمام الأكبرمنصبا على تحديث أسلوب إدارة البيئة، من خلال التركيز على طرق التسيير المرنة والتفاوضية الشكلية وغير الشكلية الرسمية منها وغير الرسمية مع المؤسسات الملوثة وإشراك الجمعيات في تجسيد السياسة البيئية الوقائية. ويتوقف نجاح هذه الشراكة بين الإدارة والمؤسسات الاقتصادية والجمعيات، على درجة الشفافية ومدى تجسيد الحق في الإعلام والإطلاع على البيانات والمعلومات المتعلقة بحالة البيئة.
وفي جانب تطوير وتحديث الطابع التشريعي، ركزت الإصلاحات على تفعيل الطابع التقني والعلمي للقواعد البيئية المتعلقة بمظاهر التلوث والتدهور البيئي، الأمر الذي جعل تطبيق المخطط الوطني للأعمال من أجل البيئة والتنمية المستدامة، الذي أعدته وزارة تهيئة الإقليم والبيئة. وتقوم السياسة البيئية الوقائية على تجسيد الأبحاث والنتائج والتدابير العلمية المبرهن عنها في قواعد قانونية. غير أن تضارب المصالح الاقتصادية والاجتماعية مع تطبيق النتائج العلمية حال دون تطبيق القواعد التقنية. وعلى الرغم من التغيير الجذري الذي أحدثته القواعد التقنية في أساليب التدخل الوقائي لحماية البيئة ، إلا أنه لا زالت تعتر ضها بعض الصعوبات المتعلقة بيقينية الحقيقة العلمية ذاتها ، وبالانعكاسات الاجتماعية والاقتصادية لتطبيق هذه المعايير الوقائية، والاستثناءات التشريعية أو الإدارية للتنصل من تطبيق هذه القواعد.
بالرغم من الأهمية البالغة التي تكتسيها الآليات الوقائية في ضمان توفير حماية وقائية للبيئة، إلا أنها لا يمكن أن تضمن في كل الحالات عدم وقوع أضرار تصيب البيئة سواء بفشل قواعد الاحتياط أو بسبب وقوع حوادث، الأمر الذي يستوجب البحث عن آليات ملائمة لإصلاح هذه الأضرار التي لم يتم التمكن من اتقائه وفي هذا الإطار يتولى القضاء المدني بوظيفته الإصلاحية تجسيد آليات إصلاح الأضرار الإيكولوجية.
يحظى القضاء المدني بالقسط الأوفر في تحميل المتسببين في الأضرار الإيكولوجية تبعات مسؤوليتهم ، الأمر الذي يدفعنا للبحث عن مدى تحقيق المسؤولية المدنية لوظيفتها الردعية للحد من الأضرار الإيكولوجية الخالصة، ودون التعرض إلى المسؤولية عن أضرارالتلوث التي تصيب الممتلكات الخاصة كما يواجه عملية إصلاح الأضرار الإيكولوجية الخالصة ذات الطابع الحديث صعوبتين:-
1- تتعلق أولاهما بإنكار التكييف القانوني الكلاسيكي لمركز قانوني واضح للعناصر أو الأملا ك الطبيعية والعلاقات الإيكولوجية غير مملوكة لأحد.
2- وتتمثل الصعوبة الثانية في عدم ملائمة القواعد التقليدية المتعلقة بتحريك الدعوى لإثار ة المسؤولية المدنية عن الأضرار الإيكولوجية الخالصة.
ومن ناحية أخرى لا يلائم نظام التعويض الكلاسيكي المطبق في مجال جبر الأضرارالتي تصيب الممتلكات إصلا ح ا لأضرار الإيكولوجية الخالصة. لذا يتجه نظام التعويض الحالي عن الأضرار الإيكولوجية الخالصة إلى إعادة الحال إلى ما كان عليه قبل حدوث التلوث أوالتحطيم. كما شمل تحديث المسؤولية المدنية في مجال حماية البيئة الانتقال من المسؤولية المدنية التدخلية أو الجبرية التي لا تبحث في جبر الضرر إلا بعد وقوعه، إلى المسئولية المدنية الوقائية عن عدم اتقاء وقوع الأضرار والكوارث الإيكولوجية على أساس مبدأ الاحتياط.
ويؤدي القضاء الجنائي دورا بالغ الأهمية في ردع السلوكات الإجرامية الماسة بالبيئة إلى جانب الردع المدني، ونظرا لخصوصية الجرائم الإيكولوجية سوف يقتصر البحث على الخصوصيات المتعلقة بالمسؤولية الجنائية عن الجرائم البيئية ومدى ملائمتها للجيل الجديد من الجرائم، دون التفصيل في القواعد العامة للمسؤولية الجنائية.
وإذا كانت الفلسفة الحمائية في قانون العقوبات تقوم تقليديا على حماية عناصر الملكيةوسلامة الشخص، إلا أنه يثور التساؤل حول فعالية حماية العناصر غير القابلة للتملك من أفعال السرقة والتحطيم والحرق.
ولما كانت الجرائم البيئية لا يقوم بها الأشخاص الطبيعيون وحدهم وإنما ترتكبها أويتساهل في ارتكابها أشخاص معنويون أيضا استوجب الأمر البحث عن أساس لتجريم الإهمال أو التراخي الذي يرتكبه الموظف العام في اتخاذ التدابير الحمائية للبيئة، ومسئولية المنشآ ت المصنفة – باعتبارها أشخاص معنوية إلى جانب ممثليه لأنها تساهم بالقسط الأوفر في التدهورالبيئي، جراء عمليات الإنتاج والتحويل.
بالرغم من وجود ترسانة من القواعد والآليات الوقائية والتدخلية المتعلقة بحماية البيئة، إلا أن التدهور البيئي لا يزال مستمرا كما تشير إليه التقارير الوطنية حول حالة البيئة، الأمرالذي يثير تساؤلا جوهريا يتعلق بمدى فعالية وكفاية الآليات الوقائية لحماية البيئة لاتقاء هذا التدهور؟ أم أن هناك كوارث إيكولوجية لا يمكن اتقائها وتوقعها بفعل العوامل الطبيعية بسبب قصور في تنفيذ الآليات الوقائية ؟ الأمر الذي يجرنا إلى التساؤل من جديد عن ما إذا كنا بحاجة إلى تطبيق القواعد التدخلية والإصلاحية للبيئة، من خلال تطبيق قواعد المسؤولية المدنية والجنائية ؟
وإذا كان البناء المنهجي للموضوع يحتم علينا توزيع السؤال المحوري بين فعالية الآليات الوقائية والآليات التدخلية لحماية البيئة، فإن منهجية حماية البيئة تقتضي وجود مرونة وتكامل بين الأسلوبين، الأمر الذي يحتم علينا إثارة تسا ؤل آخر يتعلق بما إذا كانت هناك رؤية واضحة حول كيفية استخدام الآليات الوقائية والتدخلية لحماية البيئة بطريقة متكاملة تضمن تحقيق أقصى فعالية لحماية البيئة ؟
وبناء على ما تقد م؛ ولاستيفاء معالجة جميع عناصر الموضوع تضمنت منهجية البحث؛
التي اعتمدت على المنهج التحليلي والنقدي دراسة :-
أولا :- تقييم مدى فعالية مختلف الآليات الوقائية التي يتضمنها النظام القانوني لحماية البيئة (الباب الأول).
ولما كان التدخل الوقائي لحماية البيئة قد يتعرض للفشل في بعض الحالات، كان لا بد
من التطرق إلى :-
ثانيا :- معالجة مختلف الآليات القانونية التدخلية أو الإصلاحية المتعلقة بالنظام القانو ني لحماية البيئة (الباب الثاني).