الفهرس | يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام |
المستخلص الْحَمْدُ للهِ الَّذِى تَحَيَّرْتِ الْأَفْهَـامُ فِي قُدْرَتِهِ, وَتَطَلَّعَتِ النُّفُوسُ إِلَىَ حِمَىَ طَاعَتِهِ, وَأُشْرِبَتِ الْقُلُوبُ كَـأْسَ مَحَبَّتِهِ, وَصَلَاَةً وَسَلَاَمًا عَلَىَ سَيِّدِ الْخَلْقِِ بِكَمَالِ نُبُوَّتِهِ, الْحَمْدُ للهِ شُكْرًا, وَالْمَنُّ مِنْكَ فَضْلًا, وَنحْنُ عَبِيدُكَ رِقًا؛ وَأَنْتَ لَمْ تَزَلْ لِذَلِكَ أَهْلًا؛ فَيَسِّرْ اللَّهُمَّ عَلَيْنَا الْعَسِيرَ؛ فَتَيْسيرُ الْعَسِيرِ عَلَيْكَ يسِيرُ. وَبَعْدُ ... فَهَذِهِ رِسَالَةٌ مُقَدَّمَةٌ إِلَىَ قِسْمِ الدِّرَاسَـاتِ الْإِسْلَاَمِيَّةِ, بِكُلِّيَّةِ الْآدَابِ- جَامِعَةِ الْمِنْيَا-؛ لِنَيْلِ دَرَجَةِ الْعَالَمِيَّةِ الدُّكْتورَاه تَخَصُّصِ الْفِقْهِ الْإِسْلَامِيِّ وُأُصُولِهِ. وَعُنْوَانُهَا: ©مَزَاعِمُ الْأُصُوْلِيِّيْنَ بَيْنَ التَّأْيِيْدِ وَالتَّبْدِيْدِ- دِرَاسَةً أُصُوْليَّةً تَحْلِيْلِيَّةً®. وَقَدِ اِشْتَمَلَتْ الرِّسَـالَةُ عَلَىَ: ثَلَاَثَةِ فُصُولٍ, تَسْبِّقُهَا مُقَدِّمَةٌ، وَفَصْـلٌ تَمْهِيدِيٌّ، وَتَعْقُبُهَـا خَاتِمَةٌ، وَفَهَارِسُ عِلْمِيَّةٌ، كَمَا هُوَ مُوَضَّحٌ فِي صُلْبِ الرِّسَالَةِ. أَوَّلًا: التَّعْرِيفُ بِمَوْضُوعِ الْبَحْثِ: وَلَقَدْ سَخَّرَ اللهُ– عزَّ وَجَلَّ- لِهَذَا الْعِلْمِ الْمُبَارَكِ كَوْكَبَةً مِنَ الْعُلَمَاءِ الْأَجِلَّاَءِ فَقَعَّدُوا قَوَاعِدَهُ، وَقَرَّرُوا دَلَاَئِلَهُ، وَحَلُّوا غَوَامِضَهُ، وَكَشَفُوا دَقَائِقَهُ، وَأَوْضَحُوا مَسَـائِلَهُ, مُشَمِّرِينَ عَنْ سَوَاعِدِ الْجِدِّ بَاذِلِينَ مَا فِي وُسْعِهِمْ مِنْ جَهْـدٍ حَتَّى أَتَمُّوا بُنْيَانَهُ وَثَبَّتُوا أَرْكَانَهُ, فَتَرَكُوا لَنَا تُرَاثًا كَبِيرًا يُعَدُّ مَفْخَرَةً وَكَنْزًا لِهَذِهِ الْأُمَّةِ وَمَصْدَرًا لِنَهْضَتِهَا. وَمِمَّا لَاَ شَكَ فِيهِ أَنَّ هَذَا التُّرَاثَ يُعَدُّ صَرْحًـا كَبيرًا سَامِيًا مُتَرَامِيَ الْأَطْرَافِ, يَنُمُّ عَنْ عِظَمِ الْجُهُودِ وَأَصَالَـةِ الْأَفْكَارِ الَّتِي سُخِّرَتْ لِبِنَائِهِ, وَجَعَلَتْهُ بِهَـذَا الشَّمُوخِ الَّذِي يَفْخَرُ بِهِ كُلُّ عَرَبيٍّ وَمُسْلِمٍ يَعْتَزُّ بِالْعِلْمِ الشَّـرْعِيِّ, إلَّا أَنَّ هَذَا الصَّرْحَ تَخْلَّلَتْهُ ثَغَرَاتٌ أَحْدَثَهَـا مَا زَعَمَهُ الْأُصُولِيُّونَ فِي مُصَنَّفَاتِهِمْ مُنَبِّهِينَ عَلَيْهَا, مِنْ أَقْوَالٍ مُخْتَلِفَةٍ مُخَالِفَةٍ لِلْحَقِيقَةِ وَمُجَانَبَةٍ لِلصَّوَابِ, رَادِّينَ عَلَىَ أَصْحَابِهَـا, فَرَأَيْتُ أَنْ يَكُونَ مَوْضُوعُ رِسَالَتِي لِلدُّكْتورَاه: ©مَزَاعِمُ الْأُصُوْلِيِّيْنَ بَيْنَ التَّأْيِيْدِ وَالتَّبْدِيْدِ- دِرَاسَةً أُصُوْلِيَّةً تَحْلِيْلِيَّةً-®. واللهَ أَسْأَلُ فِي ذَلِكَ الْهُدَىَ وَالسَّدَادَ. ثَانِيًا: ضَابِطُ الْمَوْضُوعِ: الْمُرَادُ بِهَذَا الْمَوْضُوعِ: اِسْتِيضَاحُ الْمُلَاَبَسَـاتِ الَّتِي جَعَلَتْ الْعَالِمَ أَوْ الْأُصُوْلِيَّ يُعَدِّدُ مِنْ آرَائِه فَرُبَّمَا يَقُولُ الْعَالِمُ الـرَّأْيَ فِي ظُروفٍ خَاصَّةٍ وَمُلَاَبَسَاتٍ بِعَيْنِهْا فَيُعَمْمُهَا مَنْ نَقَلَ عَنْهُ ذَلِكَ, وَمِنْ ثَمَّ يَحْدُثُ هَذَا الْاِضْطِرَابُ. ثَالِثًا: الْغَرَضُ مِنْ دِرَاسَةِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ: لِكَيْ نَسْتَكْشِفَ الْمُلَاَبَسَاتِ الْمُخْتَلِفَةَ فِي وُجُودِ هَذِهِ الْآرَاءِ الْمُتَنَوِّعَةِ. وَلَقَدْ حَاوَلْتُ فِي هَـذَا الْبَحْثِ أَنْ أُقَدِّمَ خُلَاَصَةَ مَا تَبَيَّنَ لِي بَعْدَ طُولِ الْتَّنْقِيبِ وَالتَّحَرِّي، وَلَسْتُ أَدَّعِي فِي ظِلِّ هَـذَا الجُهْدِ الْمُتَّصِلِ أنِّيِ رَاضٍ تَمَامَ الرَّضِيَ عَمَّا صَنَعَتُ، وَلَكِنَّهَا مُحَاوَلَةٌ مِمَّن يَسْـأَلُ اللهَ-´- الْإِخْلَاَصَ فِيهَا؛ فَالْعِصْمَةُ للهِ-´- وَحْدَّهُ، وَالْكَمَالُ قَصْرٌ عَلَيْهِ. |