Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
التطورات السياسية والاقتصادية والاجتماعية في سورية 1936 – 1946 /
المؤلف
شرار، إياد عادل خلف.
هيئة الاعداد
باحث / إياد عادل خلف شرار
مشرف / آمـال السبكي
مناقش / نجلاء عبد الجواد
مناقش / آمــال السبكي
الموضوع
التاريخ الحديث. سوريا السياسة الإجتماعية.
تاريخ النشر
2019.
عدد الصفحات
289 ص. :
اللغة
العربية
الدرجة
ماجستير
التخصص
التاريخ
تاريخ الإجازة
1/1/2019
مكان الإجازة
جامعة بنها - كلية الاداب - التاريخ المعاصر
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 269

from 269

المستخلص

بدأت الحرب العالمية الأولى التي تسمى بالحرب العظمى في أوربا في 28 يوليو 1914 وانتهت في 11 نوفمبر 1918، وعدت من أكبر حروب التاريخ بين دول الحلفاء (المملكة المتحدة بريطانيا وايرلندا والامبراطورية الفرنسية والامبراطورية الروسية) مع دول المركز (الامبراطورية الالمانية والامبراطورية النمساوية والدولة العثمانية ومملكة بلغاريا)، وفي 4 نوفمبر دخلت القوات العثمانية الحرب مع دول المركز حسب الاتفاقية السرية المعقودة مع المانيا وبسبب ضرب الموانئ الروسية في البحر الأسود من قبل القوات العثمانية أعلنت روسيا الحرب عليها تلاها إعلان مشابه من فرنسا وبريطانيا.
سادت في سورية عند مطلع صيف عام 1914م أوضاع سياسية واجتماعية غير طبيعية، وذلك بسبب السياسة التي انتهجها الاتحاديون ضد أبنائها، ومنها سياسة التتريك، وكثرة الضرائب، ومصادرة الأملاك والأموال العامة، فعم السخط بين الأهالي ولاسيما بين الفئات المثقفة التي شكلت جمعيات وأحزاباً ومؤتمرات ومنتديات سياسية للمطالبة بحقوق العرب في الحرية والعدالة والمساواة أسوة بأبناء الملة العثمانية، وكانت القوة والتقاليد في الغالب هي تقاليد إقطاعية تحكم الأمور في الأرياف، وفي تلك الظروف عمدت الدولة العثمانية إلى تعيين (جمال باشا) ناظر الحربية قائدا عاما للجيش العثماني في سورية لإحكام السيطرة على الأوضاع المتأزمة، فقام بإعدام الكثيرين ونفي آخرين فعرف بـ(السفاح).
عملت القوات العثمانية على المواجهة في جبهتين عسكريتين، الأولى الجبهة البريطانية في صحراء سيناء والمناطق الساحلية من البحر المتوسط، والثانية كانت ضد الجيش العربي الذي تشكل عام 1916 بقيادة الشريف (حسين)، وبإمرة ابنه الأمير (فيصل) الذي انطلق من الحجاز.
بدأ الجيش العربي بالتحرك عندما أطلق الشريف (حسين) الرصاص من إحدى نوافذ قصره على ثكنات الجيش العثماني في 10 يونيو 1916م، وفي عام 1917م أتم الشريف (حسين) السيطرة على الحجاز، ثم شكل ثلاثة جيوش بقيادة أولاده الثلاثة (علي وعبد الله وفيصل)، وكانت مهمة الأخير التوجه إلى (دمشق)، وتحالف فيصل مع القبائل في بلاد الشام، وبدأت بالسيطرة على المدن السورية، وذلك في الأول من اكتوبر 1918م، وتبعتها مدن (حماه) و(حمص) و(حلب)، وعلى إثرها شكلت أول حكومة عربية في سورية (1918 – 1920) بقيادة الأمير (فيصل).
استبشر السورين بالعهد الجديد، ولكن هذا الاستبشار لم يدم طويلاً بسبب إقدام (فرنسا) و(بريطانيا) على تنفيذ بنود اتفاقية (سايكس – بيكو) السرية المنعقدة في عام 1916م، لذلك اخذ العرب ينتظرون نتائج تضحياتهم وتحالفهم مع (بريطانيا) لتأسيس الدولة العربية المنشودة، ولما انعقد (مؤتمر الصلح) في (باريس) في 18 يناير 1919 لبحث نتائج الحرب العالمية الاولى وتسوياتها، سافر (فيصل) لحضوره والمطالبة بحقوق العرب، مع نخبة من أعضاء جمعيتي (الفتاة) و(العهد)، فتبين لهم فرقاً شاسعاً بين ما يطالب به العرب وبين ما ترضى الحكومة البريطانية أن تعترف به، فقد أقر (مؤتمر الصلح) فصل البلاد العربية عن (تركيا) ووافق على ميثاق (عصبة الأمم) التي تنص مادته الثانية والعشرون على فرض نظام (الانتداب)، وعلى اثر ذلك تقدمت القوات الفرنسية صوب (دمشق)، فخرج الشعب والجيش بقيادة (يوسف العظمة) وزير الحربية، فواجهوا القوات الفرنسية قرب منطقة (ميسلون)، فاستبسل الوطنيون، ولكن دون جدوى فاستشهد (يوسف العظمة) في 24 يوليو 1920 وعدد كبير من أفراد الجيش العربي، فواصلت القوات الفرنسية تقدمها حيث أصبح الطريق مفتوحا أمامها إلى (دمشق)، وعلى اثر ذلك سقطت الحكومة العربية بعد أربعة أشهر من قيامها، وفي 27 يوليو أذاع الجنرال (جورو) بياناً أعلن فيه الإدارة العرفية في سورية، وبذلك وقعت سورية في قبضة الاحتلال الفرنسي التي اتبعت ابشع اساليب العنف والتعسف، مما دفع الشعب السوري الى القيام بثورة عرفت باسم (الثورة السورية الكبرى) عام 1925، وتزعمت الحركة الوطنية مقاومة الاحتلال الفرنسي.
وفي مطلع عام 1936 بدأ عهد جديد من التعاون والتفاهم، وطرأ تحسن ملحوظ على العلاقات بين السلطات الفرنسية والحركة الوطنية بعد ان وصل الوفد السوري إلى (باريس)، وبدأت المفاوضات والمطالبة بحقوق السوريين الذين عانوا ظروفاً اقتصادية صعبة، فضلاً عن التدهور والمعاناة اثر الحروب التي شهدتها بلادهم إلى جانب الحربين العالميتين التي القت بنتائجها ولاسيما على الفئات المتوسطة والفقيرة، فضلاً عن أن (فرنسا) فرضت بعد احتلالها لسورية، سياسة اقتصادية جديدة، وجعلت منها مصدراً مهماً لاستيراد الخامات وسوقاً واسعة لتصريف منتجاتها الصناعية، ومن أجل تطبيق هذه السياسة سعت (فرنسا) إلى ايجاد قوة محلية موالية تعتمد عليها، بعد ان استمر النظام الإقطاعي أثناء مراحل الاحتلال الفرنسي، إذ حكمت سورية قلة تتألف من خمسين أسرة تقريباً كانت تقطن مدن (حلب) و(دمشق) و(حمص) و(حماه)، وكانت أسماء هذه الأسر تتكرر نفسها دائماً مثل: (مردم والاتاسي) و(الحكم)، فضلاً عن أسر أخرى معظمها إقطاعية.
إن هذه الطبقة المتنفذة لأوامر المحتل الفرنسي مثلت ثقلاً أساسياً على المجتمع السوري عن طريق سيطرتها على الاقتصاد، فضلاً عن تقوية (فرنسا) لهم عن طريق تركيز ملكية الأراضي الزراعية بيد الاقطاعيين وتجريد الفلاحين من أراضيهم، وفي حقل الصناعة، والتي كانت تعتمد على أصحاب الحرف والأعمال اليدوية، فقد تعرض نشاطها للانحسار والتضييق على يد سلطات الانتداب، فأصيبت الصناعة بشلل تام بعد أن توسع إنتاجها مع سعة أسواقها، ولاسيما في المدن العربية.
كان الوضع الاقتصادي المتردي بوجه عام، يساعد على قيام تفرقة اجتماعية لها دور كبير في عدم استقرار المجتمع السوري، وهذه التفرقة لم تكن حديثة، وإنما تعود إلى خلفيات تاريخية ظهرت في مراحل متعاقبة من تاريخ تطور الدول العربية الإسلامية، وعززتها سياسات متخلفة وخاطئة استُغِلت فيما بعد لتحقيق مآرب الاحتلال الخبيثة.
كانت هناك فجوة بين الشعب، ثم اتسعت تلك الفجوة؛ لأن المرحلة الاجتماعية التي كان يعيش فيها الشعب السوري ظلت لا تسمح ببقاء تلك المدة طويلاً، نتيجة جملة عوامل كان من شأنها أن تبعث التذمر في أوساط الشعب، ففضلاً عن التجنيد الاجباري الذي فرضته الحكومة على المواطنين الذي كان من أهم عوامل التذمر، كانت العلاقة ما بين الريف والمدينة متسمة بطابع سيطرة التجار والملاك الكبار في المدن على مقدرات الطبقة الفلاحية في الأرياف، بحيث اصبحت فيه العديد من القرى ملكاً صرفاً لهم.
كانت ظواهر التحول والحداثة والتطور المتسارع بالمجتمع السوري فيما بين الحربين العالميتين. وهي ظواهر انتقال يصعب عدها مفيدة دائماً ويمكن ردها إلى عوامل عدة إلى جانب التأثيرات الفرنسية المباشرة، وبحكم الضرورة أقل بروزاً بين القبائل وفي قرى الريف والمدن الكبرى. فالواقع أن الحياة الريفية احتفظ فيها الاقطاعيون أو ملاك الاراضي بهيمنتهم، وظلت حياتهم قاحلة غير متفائلة، وعلى الرغم من تلك الأحداث تمكنت سورية من الحصول على الاستقلال والتخلص من السيطرة الفرنسية بعد جلاء آخر جندي فرنسي عن أراضيها في 17 أبريل عام 1946.
يعد موضوع ”التطورات السياسية والاقتصادية والاجتماعية في سورية 1936 – 1946” من المواضيع المهمة ليس على صعيد سورية فحسب، بل على صعيد الوطن العربي ككل لأهمية سورية بوصفها واحدة من الدول العربية التي لها حضور فعال على الساحة العربية، وعلى هذا الأساس جاء اختيار هذا الموضوع لما له من اهمية وتأثير على جميع البلدان العربية