Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
نظرية الدولة والحكم عند محمد رشيد رضا /
المؤلف
شافعي، حسن محمد حسن أحمد.
هيئة الاعداد
باحث / حسن محمد حسن احمد شافعى
مشرف / نجاح محسن مدبولى
مشرف / عادل خلف عبد العزيز
مشرف / عادل خلف عبد العزيز
الموضوع
الفلسفة - نظريات.
تاريخ النشر
2019.
عدد الصفحات
302 ص. :
اللغة
العربية
الدرجة
الدكتوراه
التخصص
Multidisciplinary تعددية التخصصات
تاريخ الإجازة
1/1/2019
مكان الإجازة
جامعة حلوان - كلية الاداب - الفلسفة
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 297

from 297

المستخلص

الملخص والنتائج :
مثل الإشكال السياسي أحد أبرز التحديات أمام الإصلاح الحضاري في العالم العربي والإسلامي، ولعل هذا يعود إلى سببين رئيسين هما: سقوط الخلافة العثمانية، والانفتاح على قيم الحداثة الغربية والتعرف على أنظمة الحكم النيابة وقيم الديمقراطية والتي تمثلت في ظهور الدولة الحديثة.
فقد عاصر الشيخ محمد رشيد رضا حقبة زمنية تميزت عما سبقوه بأنها شهدت سقوطًا للخلافة العثمانية، وهو الحدث الأبرز سياسيًا في العام العربي والإسلامي في ذلك الوقت، لما تحمله الخلافة من رمزية سياسية في التاريخ الإسلامي استمرت لعدة قرون.
لذلك لم تكن جهود الشيخ محمد رشيد رضا للإصلاح الفكري والحضاري بمنأى عن الإصلاح السياسي، ولعل هذا ما دفعه إلى التفاعل الفكري مع القضايا السياسية المعاصرة والتشابك مع الوقائع السياسية التي عاصرها. ولعل أبرز سمات النظرية السياسية لدى الشيخ محمد رشيد رضا، هو انفتاحة على الأفكار السياسية للحداثة الغربية، وتعاطيه الإيجابي معها ووعيه بالمتغيرات الاجتماعية والسياسية التي شهدها العالم.
ويمكن القول أن ثمة استنتاجات لرؤية الشيخ محمد رشيد رضا المتعلقة بالإصلاح السياسي، والذي اعتبره جزء من الإصلاح الفكري والاجتماعي هي:
أن الإصلاح السياسي يعد أبرز مجالات الإصلاح الفكري التي عنى بها السيد محمد رشيد رضا، فقد ساءه ما كان يراه هو وأبناء عصره مما أصاب الأمة من التخلف الفكري والتراجع الحضاري، ومفاسد ومنكرات اجتماعية وسوء أخلاق، وهو ما أنتج ضعف سياسي، أدي إلى استعمار القوى الأجنبية للبلدان العربية والإسلامية.
احتلت قضية التجديد والإصلاح الفكري اعتناء الشيخ محمد رشيد رضا؛ فمشروعه الفكري للتجديد تأسس باعتبار أن الإسلام دين والعقل والبرهان، والضمير المؤسس على الحرية. فالإصلاح الديني لدى رشيد رضا يسعى إلي إقامة علاقة متوازنة بين القيم الروحية والعقلية وبين القوة المادية، حتى يحدث العمران الحضاري الذي لا يهمل كل من الارتقاء الفكري والأخلاقي التقدم المادي في المجتمع.
دعا الشيخ رشيد رضا إلي استقلال الفكر ومنع التقليد والجمود علي اتباع الآباء والأجداد استنادًا إلي آيات القرآن الكريم التي تحث علي إعمال العقل وذم التقليد، فقد أكد رشيد رضا أن حرية الاجتهاد كانت هي أساس ظهور هذه المدارس الفقهية في الإسلام، بل إن توقف حركة الاجتهاد كان وراء ما أصاب الكيان الإسلامي من جوانبه كافة بحالة من الجمود المعرفي؛ لذلك أنكر رشيد رضا التعصب للمذاهب الفقهية، الذي اعتبره تقليدًا غير واع للمذاهب الفقهية.
تعاطى الشيخ محمد رشيد رضا مع إشكالية العلاقة والحضارة الغربية برؤية إيجابية وسيطة، باعتبار أن الغرب حاضر في قضية الإصلاح الفكري بوصفه نموذجًا حداثيًا للنهضة، وباعتباره مستعمرًا من الناحية السياسية. وذهب رضا إلي موقف يتسم بالانفتاح علي الحضارة الغربية، مادام أن هذا الانفتاح سيعود بالنفع علي المسلمين والإسلام، فالعلوم الغربية في العمران الحضاري لا تتناقض مع روح الأصل الإسلامي الأول ”القرآن الكريم” مادام أنها تسعى إلي تقدم المجتمعات ونهضتها.
رأى السيد محمد رشيد رضا أن قضية الخلافة تعد إحدى وأبرز الإشكاليات الكبرى في تاريخ الفكر الإسلامي بل والمعاصر، والذي كان محلاً للخلاف بين المدارس الفكرية، فقد مثل سقوط الخلافة العثمانية على يد آلترك تصدعًا سياسًا وأزمة فكرية في العالم الإسلامي، لما تمثله الخلافة من رمزية تاريخية في العالم الإسلامي، هذا بجانب أن هذا الحدث قد أثار تساؤلات حول المستقبل السياسي للدول الإسلامية والعربية بعدما تفكك الكيان السياسي الحاضن لها. وبالطبع لم يكن الشيخ محمد رشيد رضا بمنأى عن هذا السجال الفكري والسياسي حول قضية الخلافة، فقد أدرك أن النظام المركزي للخلافة العثمانية لم يعد مناسبًا لطبيعة العصر وتحولاته، بعد ظهور مفهوم الدولة الحديثة في العالم الغربي.
سعى السيد محمد رشيد رضا أن تكون دعوته لإصلاح الخلافة العثمانية تتناسب مع مستجدات العصر، ولا تكون رد فعل على سقوطها، فقد سبقت رؤيته الإصلاحية لعلاجها إعلان سقوطها، إلا أن الإرث التاريخي وتحديات الواقع لم يسمح بالاستجابة لمحاولات الإصلاح. والحقيقة لم تكن دعوة الشيخ محمد رشيد رضا هي الأولى لإصلاح الخلافة العثمانية، فقد سبقه السيد جمال الدين الأفغاني الذي دعا إلى إصلاح نمط الحكم المركزي للخلافة العثمانية، وقد قدم مشروع للإصلاح للسلطان عبد الحميد الثاني.
تشكل مفهوم الدولة الحديثة لدى الشيخ محمد رشيد رضا من رؤيته الإصلاحية، فالدولة بوصفها مصطلحًا سياسيًا يتأسس لديه على أصول المدنية الاجتماعية، التي يرى أن الإسلام قد وضع لها قواعدًا عامة، وفتح أفاق التجديد لصياغتها وفقًا لتغير الزمان والمكان، فهي ليست لها شكل محدد وثابت، بل إنه يرى أن من أسباب ضعف المسلمين هو عدم التجديد السياسي الذي يناسب عصرهم.
استعار الشيخ رشيد رضا مفهوم الجمهورية وهو مصطلح غربي النشأة، لوصف الحكومة التي تدير الدولة في الفكر الإسلامي، وهو يؤكد أن مصدر السلطة السياسية للحكم هو الشعب، كما يرى أن سبب ضعف المسلمين يتجسد في التقييد بنظام محدد لشكل النظام السياسي، وإهمال الاجتهاد في صياغة نظام سياسي يناسب العصر، ويرى أن التجديد في الشأن السياسي يستند إلى أن السياسية مؤسسة في التصور الإسلامي علي قواعد عامة، وأسس كلية، الأمر الذي يتيح درجة مرونة عالية في بناء النظم والأفكار السياسية.
يمكن القول إن اعتبار الشيخ محمد رشيد رضا النظام الديمقراطي والحكم النيابي لهما سندات فكرية في الشريعية الإسلامية، بل اعتباره لفترة الخلافة الراشدة تمثل نموذجًا للحكم الديمقراطي نتج عن قدرته على التحليل الفلسفي لمفهوم الديمقراطية، الذي يبدو نموذجًا لقيمة الحرية في الإسلام يتجلى في الشأن السياسي. هذا بجانب رؤيته بأن النظام السياسي في الفكر الإسلامي ليس له شكل محدد، بل إنه نظام يعبر عن قيم العدل والحرية التي دعا إليها الإسلام، ويتجدد وفقا لمقتضيات الواقع. لذلك أيد الشيخ محمد رشيد رضا نظم الحكم النيايبة، ودعى إلى تبني قيم الديمقراطية والحكم المدني في المجتمعات العربية والإسلامية.
- تصدى الشيخ محمد رشيد رضا لإشكالية الخلاف بين السنة والشيعة إذ شكلت حيزًا من اهتمامه ، إذ تناول إشكالية الخلاف بينهما حول قضية الإمامة، ووجه انتقاده إلى ما ذهب إليه غلاة الشيعة، الذين جعوا قضية الإمامة تنتقل من حيز المجال السياسي إلى مجال الاعتقاد، إلا أن الخلاف بين السنة والشيعة لم يمنعه من محاولة التقريب بينهما؛ فقد اعترف بأن محاولاته للتقريب تعارضت مع مصالح علماء الشيعة الشخصية. وقد رأى السيد محمد رشيد رضا مع قضية العلاقة بين السنة والشيعة ليس باعتبارها قضية دينية فحسب، بل اعتبارها إشكالية تاريخية لها مظاهر فقهية واجتماعية وسياسية، أدت إلى انقسامات وصراعات داخل المجتمع الإسلامي منذ بداية ظهور التشيع.
-على الرغم من أن الشيخ محمد رشيد رضا كان أبرز تلاميذ الإمام محمد عبده، إلا أن المسار الفكري للشيخ محمد رشيد رضا تمايز عن المسار الفكري للإمام محمد عبده، ولعل أبرز أوجه هذا التتمايز هو اعتناء الشيخ محمد رشيد رضا بالشأن السياسي، على مستوى التنظير الفكري للقضايا السياسية المطروحة آن ذاك، والممارسة السياسية العملية الأمر الذي أعطى للنظرية السياسية لدى الشيخ محمد رشيد رضا تمايزًا عن رواد مدرسة الإصلاح والتجديد، نتيجة للمتغيرات الاجتماعية والسياسية التي عاصرها الشيخ محمد رشيد رضا. فالشيخ محمد رشيد رضا قد شهد حراكًا سياسيًا في العالم العربي لم يعهد من قبل، وقد تمثل في ظهور دعوات لدولة قومية عربية وأفكار سياسية جديدة، فقد عاصر الشيخ محمد رشيد رضا الحياة شبه الليبرالية في المجتمع المصري، التي بزغت مع بدايات القرن العشرين، بجانب ظهور الدولة القومية في سوريا، والتي أسهم في تأسيسها ووضع دستورها. لذلك يمكن القول إنه ثمَّة مقاربة فكرية بين المنهج الإصلاح للشيخ محمد رشيد رضا ومدرسة الإصلاح والتجديد المنتمي إليها، والتي ارتكزت على تجديد الخطاب الديني، والدعوة إلى العقلانية المنهجية، بجانب الاعتناء بالتربية وإصلاح التعليم، وثمَّة اختلافًا في مسار الإصلاح السياسي.