الفهرس | يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام |
المستخلص كرس المشرع الدستوري في فرنسا ومصر والعراق مبدأ ازدواجية القانون والقضاء, حيث أنشأ المشرع الدستوري العراقي مجلسًا للدولة على غرار مجلسي الدولة الفرنسي والمصري, مما أوجب على المشرع العادي أن يضع من القواعد ما يكفل استقلال جهتى القضاء عن بعضهما البعض, وأن يعمل على توزيع الاختصاص الوظيفي بينهما. والحقيقة أن المشرع العادي قد سلك في هذا الشأن مسلكًا تصفه الباحثة بالسلبي, حيث لم يضع من القواعد ما يكفل توزيع هذا الاختصاص بشكل كاف, وإنما ترك الأمر لاجتهاد الفقه وأحكام المبادئ التى تصدر عن جهات القضاء. وكان من أثر ذلك بطبيعة الحال أن تداخلت اختصاصات جهتى القضاء العادي والإداري في هذه الأنظمة القانونية, بل وعملت كل جهة قضائية على بسط رقابتها على منازعات تعد من صميم اختصاص الجهة الأخرى, بحيث وسعت بعض المحاكم من نطاق اختصاصها على حساب اختصاص غيرها من الجهات القضائية, تأسيسًا على عدم وجود نص يجعل من الاختصاص بنظر بعض المنازعات مقصورًا على احداها دون سواها, وعلى اعتبار أن كل جهة قضائية ترى أنها صاحبة الولاية العامة بنظر المنازعات إلا ما أستثنى منها بنص خاص. ولعل التنظيم غير الكافي لمسألة توزيع الاختصاص بين جهتى القضاء العادي والإدارى, قد نشأ عنه ما يعرف بظاهرة تنازع الاختصاص وتعارض الأحكام, ويرجع ذلك لمجموعة من الأسباب التشريعية والقضائية, تولد عنها آثارًا سلبية على حسن سير العدالة وعلى حقوق المتقاضين. وإذا كان المشرع في الأنظمة القانونية سالفة الذكر قد وضع آليات محددة لمجابهة هذه الظاهرة, منها ما هو وقائي, ومنها ما هو علاجي, غير أن هذه الآليات لم تعد – اليوم - كافية في ظل تزايد أعداد الدعاوى وكثرة المنازعات المنظورة أمام جهات القضاء, ومن ثم يتعين على المشرع التدخل ليضع حدًا للأسباب المؤدية إلى حدوث هذه الظاهرة, وذلك حتى يمكن تلافي وقوع التنازع قدر الإمكان, وهو ما ينعكس بالإيجاب على حسن سير جهاز العدالة, وعلى حقوق وضمانات وحريات الأفراد. |