الفهرس | يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام |
المستخلص لئن كانت جهة الإدارة ملتزمة بمقتضى القوانين واللوائح بأن تقوم بإصدار القرارت الإدارية - التنظيمية والفردية – فإنها ملتزمة وبذات القدر بألا تمتنع عن إصدار مثل هذه القرارات بالمخالفة لنص فى قانون أو لائحة, وإلا عد موقفها السلبي بالامتناع عن إصدار قرار إدارى معين بمثابة عمل غير مشروع يستوجب الطعن عليه أمام محاكم القضاء الإدارى إلغاءً وتعويضًا. كذلك المشرع العادى, فلئن كان الأخير ملتزمًا بعدم سن أو إقرار تشريعات تتعارض فى مضمونها أو فحواها مع النصوص الدستورية, فإنه - ومن وجهة نظر الباحث – يكون ملتزمًا وبقدر أكبر بألا يمتنع عن سن تشريع معين ألزمه الدستور بإقراره وسنه, وكذلك ألا يغفل أو يهمل – فى قانون أُصدر - أحد جوانب التنظيم القانونى والتى لا يكتمل هذا الأخير - وفق النصوص الدستورية - إلا بها, وإلا عد موقفه السلبي بالامتناع ـ بمثابة مخالفة دستورية, يكون الجزاء عليها هو عين الجزاء المقرر على مخالفة النصوص القانونية الصريحة للدستور, والذى يتمثل فى القضاء - من قبل المحاكم المختصة بالفصل فى المسائل الدستورية - بعدم دستورية هذا الامتناع التشريعي. وآية، ذلك أن الدستور إذ نص على خضوع الدولة للقانون, فقد دل بذلك على أن الدولة القانونية هى التى تتقيد فى ممارستها لسلطاتها وكافة مظاهر نشاطها - وأيًا كانت طبيعة سلطاتها أو وظائفها أو غاياتها - بقواعد قانونية تعلو عليها, وتكون بذاتها ضابطًا لأعمالها وتصرفاتها فى أشكالها المختلفة, بما مؤداه انتفاء تمتع أى من السلطات العامة فى الدولة بسلطة مطلقة أو سيادة أيهما على السلطات الأخرى. على أن الرقابة على دستورية الامتناع التشريعي, لم تسلم من النقد من جانب بعض الفقهاء, تمامًا مثلما لاقت الرقابة على دستورية القوانين فى أول عهدها, العديد من الانتقادات, ومما زاد من حدة هذا الخلاف هو صمت بعض الأنظمة القانونية عن النص على الرقابة على الامتناع التشريعي, وأن هذه الرقابة ترد – من وجهة نظرهم – على قواعد لا وجود لها, وأنها قد تمس سلطة المشرع التقديرية, إلا أن الفقه الراجح يؤيد هذه الرقابة ويرى حتميتها, وذلك لما شهده القضاء الدستورى من تطور, حيث لم يعد يقصر الأخير رقابته على دستورية القوانين واللوائح الإدارية النافذة, وإنما امتدت هذه الرقابة لما سكت عنه المشرع العادى واللائحى بالمخالفة للدستور, ورؤى أن الامتناع التشريعي لا يعد من الملاءمات التشريعية ولا يعتبر أحد مفرداتها, بل هو عمل تشريعي سلبي ينتج عنه قواعد سلبية مخالفة للدستور, وأضحت الأخيرة محلًا للرقابة الدستورية. |