Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
الفضاء المكاني في السرد السكندري المعاصر /
المؤلف
عبد المتجلي، ولاء محمد.
هيئة الاعداد
باحث / ولاء محمد عبد المتجلي
مشرف / عبد الرحيم محمد عبد الرحيم الكردي
مشرف / حسن عبد العليم يوسف
مشرف / احمد محمد عوين
الموضوع
القصص العربية
تاريخ النشر
2013.
عدد الصفحات
192 ص. ;
اللغة
العربية
الدرجة
الدكتوراه
التخصص
الآداب والعلوم الإنسانية (متفرقات)
تاريخ الإجازة
11/6/2013
مكان الإجازة
جامعة قناة السويس - كلية الاداب - اللغة العربية
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 191

from 191

المستخلص

يمثل الفضاء المكاني في الرواية ، ملمحا مهما في الدراسات السردية عموما أو الروائية خصوصا ، لما له من هيمنة على باقي العناصر الروائية ، فلا أحداث ولا شخصيات يمكن أن تلعب دورها في الفراغ أو اللامكان ، ومن هنا تأتي أهمية المكان بوصفه عنصرا حكائيا قائما بذاته إلى جانب العناصر الأخرى المكونة للرواية ، لا محتوى للشخوص والأحداث فحسب وعلى الرغم من أهمية المكان في الحكي ، فإن الدراسات السردية لم تتفق حول مصطلح محدد للمكان فاختلف النقاد حول أي هذه المصطلحات الأشمل في الدلالة ( الحيز والفضاء والمكان ) فمال عبد الملك مرتاض لمصطلح الحيز أو الفضاء ( ) ، وتميل الباحثة لمصطلح الفضاء لما فيه من رحابة واتساع أكثر من المكان أما حميد لحمداني ، فقد بنى تصوره للفضاء على أن ” الحيز المكاني في الرواية ... يطلق عليه عادة الفضاء الجغرافي ...( ) ” ، وتؤيد الباحثة هذا الرأي ؛ لأن المكان برغم كونه أقدم المصطلحات غير أنه يبعث في ذهن المتلقي بالأبعاد الجغرافية المحيطة بالشخصية .
ومن ثم ارتأى لحمداني أن التمييز بين الفضاء والمكان ضرورة تفرضها طريقة وصف الأماكن في الرواية التي تتشكل عادة على نحو متقطع من ناحية ، واتصال ضوابط المكان بلحظات الوصف من ناحية أخرى ، وهي بدورها لحظات متقطعة أيضا تتبادل الظهور مع السرد ، والحوار، فضلا عن أن تنوع الأحداث وتطورها في الرواية يحتم تعددا في الأمكنة ، واتساعها، وتقلصها ؛ ولهذا قد تتعدد الأماكن في الرواية( ) ؛ لأنها مهما حدد الكاتب أمكنتها ، تفتح الطريق دائما لخلق أمكنة أخرى ، حتى لو كان ذلك المكان في ذهن الشخصية ،فطريقة وصف المكان وعرضه في الرواية هو الذي يمنحه المصطلح الأدق والأنسب، ومن هنا تتضح نقطة الاختلاف بين الفضاء والمكان في الرواية التي خلص إليها لحمداني ، حيث قال : ” إن مجموع هذه الأمكنة هو ما يبدو منطقيا أن نطلق عليه اسم فضاء الرواية ؛ لأن الفضاء أشمل وأوسع من معنى المكان ... ( ) ” ، وهذا يؤكد أن المكان جزء من الفضاء وأنه مهما تعددت الأماكن ، وتفاوتت في الرواية ، فإن الفضاء هو الذي يشملها جميعا نميل وهذا الرأي الذي دفع الباحثة لتفضيل مصطلح الفضاء الروائي – الذي هو عنوان البحث -، ومن ثم غدت الأماكن المتعددة في الرواية وحدة مكونة للفضاء الأشمل الذي يلف أحداث الرواية ، ويعد مسرحا رحبا لكل أحداث الرواية ،
فمصطلح المكان صار ” متعلقا بمجال جزئي من مجالات الفضاء الروائي ... ( ) ” ، مما جعل الباحثة تربط بين كلا المصطلحين من خلال عنوان الرسالة ( الفضاء المكاني ) حتى يتسنى لها التعرض للمكان السكندري في الرواية السكندرية بحرية دون القيد بمصطلح ضيق الحدود .
وكان تعرض الباحثة لتحديد مصطلح الفضاء الروائي على هذا النحو، وتمييزه عن الحيز والمكان تأييدا لرأي عبد الملك مرتاض الذي تناقله عنه نقاد كثيرون مثل سمر روحي الفيصل ، زياد محبك . وقد أشار مرتاض إلي أن نقاد الرواية والمنظرين لها لم يعيروا هذا الرأي اهتماما إلا حميد لحمداني الذي اختص هذه المسألة بفصل مستقل تحت عنوان ( الفضاء الحكائي ) ( ) .
ونجد – أيضا - تبنى محمد عزام لوجهة النظر نفسها غير أنه برر غفلة الكثير من نقاد الرواية عن عنصر المكان ، بسبب ” انشغال الأبحاث النقدية بالمضامين الفكرية ، والاجتماعية ، والسياسية للرواية…( ) ” ، أي أن النقاد انصرفوا عن المكان والفضاء - وأيهما أفضل وأكثر دلالة – مهتمين بالفكرة التي يحاول الروائي التعبير عنها من خلال روايته.
ولأن الباحثة تتعرض للمصطلحات المكانية فلابد من الحديث عن مصطلح الحيز الذي نادى به عبد الملك مرتاض ، والذي ينصرف إلى الحركة والبعد والمسافة والوزن والمساحة والحجم والارتفاع والانخفاض والامتداد في العمل السردي عامة ، والعمل الروائي خاصة ، فإن البحث لن يغفله ، بل سوف يتعامل معه لا بوصفه مجرد مكان ضيق ، أو واسع ، ولكن من خلال كونه رؤية فنية تتشكل لدى الشخصية ، ” فالمكان لا يعني الشارع أو البيت أو القرية ، ولا يعني الأوصاف الميتة المنثورة ، وإنما يتسع فيشمل الرقعة ومحتواها الجغرافي والتاريخي والبيئي والطبيعي ، ومن هنا يتحول إلي ملامح ، وإلي شخصية نحس بوجودها في القصة ، وبضغطها على سير الأحداث... ” ( ) .
كما أن الرؤية الفنية التي تشكل معالم المكان ، في الروايات السكندرية لا تقف عند المظاهر المادية ، بل فيما يتصل بتلك المظاهر المادية ، ويحيط بها من سلوكيات وفنون ومعتقدات وتقاليد وأنماط حياة، بشكل يجعل المكان في العمل الأدبي ” يتحول من مجرد إطار ، أو أرضية إلى عنصر مشارك في العمل الأدبي إلى واحد من أبطاله ، بل إنه قد يصبح هو البطل الأول ، أو الأساس ... ( ) ” .
وتؤيد الباحثة هذا الرأي مستشهدة بالنصوص الروائية السكندرية ، فأغلب الروايات السكندرية تعنى بالمكان وتعده شخصية مستقلة بذاتها ، ويتمخض عنه نماذج وشخصيات ابنة بيئتها بما فيها من عادات وتقاليد ، ومظاهر حياة تختلف من مكان لآخر ومن بيئة إلى نظيرتها .
ومن ثم كانت سطوة الفضاءات الثابتة في الرواية ، مثل : الشارع والحارة والمسجد والكنيسة والدير والمنزل والمقهى والبار ، والفضاءات المتحركة ، مثل القطار ، الترام ، قارب الصيد والسيارة والكارو والحنطور ، وغيرها .
ومن أجل التحديد ، فإن البحث سيتناول تشكيلات الفضاء في الروايات السكندرية ، وطبيعة تناولها التي اختلفت من رواية لأخرى ، ومن مشهد لآخر تبعا لرؤية الكاتب للمكان ، فالمكان نفسه يراه كل روائي من منظوره الذي يختلف فيه عن غيره من الروائيين ، كما أن طريقة وصفه وعرضه له – أي المكان – تختلف أيضا ، ففي بعض المشاهد اقترن المكان بالرؤية التسجيلية وذلك عندما يسرد المكان سردا تسجيليا بغية استكمال جوانب الصورة الروائية التي لا يكون المكان فيها هو الأساس في الصورة ، لكنه يكون تابعا لأركان الصورة ، وفي بعض المشاهد الأخرى يكون المكان متبوعا ، أي يكون هو الأصل في الصورة ، وما عداه تابعا له ، ونجد ذلك في العديد من المشاهد الروائية ؛ لأن المكان هو الدعامة الأساسية التي قامت عليها الرواية .
ومن ثم اختارت الباحثة بعض النماذج الروائية من الروايات السكندرية التي تجلى فيها المكان بشكل واضح من العتبة الأولى للنص – العنوان – فكان مؤطرا للأحداث ومهيمنا على الشخوص بل مشاركا لها في البطولة ، وقد ينفرد بها أحيانا ، ومن ثم كانت الروايات محط التطبيق تمثل شريحة معبرة دالة على هيمنة الفضاء المكاني السكندري على الروائيين السكندريين وانعكاسها على الإنتاج الروائي السكندري .
وقد تناولت الباحثة بالتطبيق إحدى وعشرين رواية من تأليف عشرة روائيين سكندريين في حقبة زمنية محددة ما بين ( 1976 – 2009 ) ؛ وذلك لأن الرواية السكندرية لم تحظ بالدراسات النقدية الكافية ، فالمكان السكندري له خصوصية برزت على مستوى الرواية العالمية بداية من ( رباعية الإسكندرية ) للكاتب الإنجليزي ( لورانس داريل ) وكذلك الرواية العربية مثل رواية ( ميرامار ) لنجيب محفوظ ، ثم رواية ( إسكندرية 2050 ) للكاتب الأردني صبحي فحماوي ، و( الصيف في الإسكندرية ) للكاتب العراقي برهام الخطيب ، وقد تجلى واضحا وازدهر في الرواية السكندرية واحتل مكانة بارزة في ربع القرن الأخير وهي المدة التي تناولتها الباحثة بالدراسة ، كما أن بغية الباحثة في هذا البحث هم الروائيون سكندريو الأصل والمنبت الذين تربوا على شواطئ الإسكندرية وتشبعوا بيود البحر المنعش الذي لا يعرفه سوى أهل الإسكندرية ، وقد بدا هذا واضحا في النماذج الروائية التي تعرض لها البحث بالتطبيق ، فالفضاء المكاني محور عناية الروائي السكندري من عتبة النص الأولى( عنوان الرواية ) ، فمثلا (أبو العباس المرسي – أبوقير - بوابة مورو – العطارين - كوم الدكة - ليالي غربال– وكالة الليمون) وغيرها من الروايات محط التطبيق التي احتل فيها المكان السكندري عنوان الرواية، فهذه العناوين هي أماكن موجودة في الواقع ويعرفها أهل الإسكندرية .
وفي ضوء ذلك تجد الباحثة أن المشهد السكندري برز في الرواية السكندرية خلال هذه الحقبة الزمنية التي عنيت بها الدراسة ، وهذا ما دفعنا لاختيار هذه الروايات لهؤلاء الروائيين في هذه الفترة الزمنية تحديدا .