الفهرس | يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام |
المستخلص بذل أهل الحديث جهوداً مُضنية في سبيل حفظ السنة المطهرة، وكان من ثمار هذه الجهود نشوءُ علم مصطلح الحديث، ووضعُ القواعد والأصول لتصحيح الأخبار ونقدها نقداً علمياً، حتى عُدّت هذه القواعد من أصح قواعد البحث العلمي المتعلق بتوثيق الأخبار والنصوص، وهي ميزة لا توجد في تراث أيّ أمة من أمم الأرض. وعلم نقد المتن ليس أمراً محدثاً، بل هو أمر سلكه علماء الصحابة وتبعهم في هذا أئمة الحديث من التابعين ومن بعدهم، وكان على رأس هؤلاء الصحابة أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، فقد كانت شديدة اللصوق بالنبي ، نشأت وترعرعت في بيت النبوة، تسمع منه ما لا يسمعه غيرها، وترى من أحواله ما لا يراه غيرها، فجاءت رواياتها للسنة النبوية المطهرة متميزة، وروت عنه الأحاديث الكثيرة بكل دقة وضبط وإتقان، فكانت رائدة في مجال التوثيق والتدوين، ولم يقف دورها عند هذا الحد، بل كانت تميز الصحيح من غيره، وتنتقد كثيرا من الروايات وترُدّ بالحجة والبرهان، وكانت تستدرك على روايات بعض الصحابة ؛ لما تميزت به من قوة الضبط والحفظ والإتقان، فضلا عن سعة علمها وفقهها وقوة ذكائها. |