الفهرس | يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام |
المستخلص في النصف الثاني من القرن الثامن ق.م, هاجر الإغريق من بلدانهم التي عانوا فيها من نقص ضروريات الحياة, وأقاموا مستوطنات توفر لهم حياة أفضل في جزيرة صقلية, وذلك بعد أن بدأت المدن الإغريقية تعاني من الفوضى والإضطرابات في أحوالها السياسية والاقتصادية والاجتماعية من بداية القرن الثامن ق.م. ولذلك نالت حركة الاستيطان في صقلية أهمية خاصة بالنسبة للمدن الإغريقية التي خرجت لتأسيس مستوطنات؛ وذلك لأنها كانت حركة مدعومة من الأنظمة الحاكمة, فقد كان تأسيس المستوطنات يتم عن طريق مجموعة من الإجراءات المحددة, وبعض الشعائر الدينية التي تعطي صفة رسمية لهذه المستوطنات. وعلى الرغم من أن الإغريق نقلوا تنظيم مماثل لمؤسساتهم السياسية في أنظمتهم الحاكمة التابعين لها إلى مستوطناتهم في صقلية, إلا أن تطور ذلك النظام وتحوله إلى نظام آخر منوط بالظروف التي تمر بها تلك المستوطنة أو غيرها, وذلك وفق تطور الظروف الاقتصادية والاجتماعية التي مرت بها هذه المستوطنات من بداية القرن السابع ق.م, وهو الأمر الذي سمح لها أن تصبح كيانات قادرة على رسم سياسة خارجية خاصة بها لتسير بها مع البلدان الأخرى سواء أكانت مجاورة أو غير مجاورة, وتسعى من خلاله لحماية مصالحها الوطنية وأمنها الداخلي. وهكذا, تطورت مستوطنات صقلية, وأصبح لها تأثير حضاري سواء على الجانب الاقتصادي أو الاجتماعي والديني أو الأدبي والفني, ليس فقط على السكان المحليين في صقلية, وإنما أيضًا على بلاد الإغريق وحضارات العالم القديم التي تفاعلت معها تأثيرًا وتأثرًا. |