الفهرس | يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام |
المستخلص تمثل الحرية على مر العصور منزلة رفيعة في أفئدة البشر لكونها ضرورة حيوية لا يتحقق للإنسان بدونها حياة إنسانية كريمة، فهي من أسمى القيم الإنسانية إن لم تكن أسماها على الإطلاق، وحقيقة اجتمعت البشرية في أطوارها المختلفة على الإيمان بها، فهي من مقومات وجود الإنسان وحياته، ولدت معه، ولا حياة ولا غناء لإحداهما عن الآخر؛ لذلك تغدو كفالة الحريات العامة الغاية الوحيدة لكل ما يوضع من نظم وقواعد قانونية وغير قانونية. فقد ساد عصرنا هذا اتجاه فلسفي يدعو إلى كفالة أكبر قدر من الحقوق والحريات العامة للأفراد في مواجهة الدولة باعتبارها مستودعها ومقرها، بحيث تتبلور المهمة الأساسية الموكلة للدولة في المحافظة على تلك الحقوق وحمايتها من الاعتداء عليها أو المساس بمضمونها، ويأتي هذا الاتجاه كرد فعل تلقائي للعصور السابقة التي أهدرت فيها تمامًا معاني الحرية وانعدمت في ظلها الضمانات الكفيلة بتوفير الحياة الإنسانية الكريمة( ). إن حرية الإنسان هي أعز ما يملك وقوام حياته ووجوده، وكلما كانت هذه الحرية مصونة، ومكفول لها ضمانات وجودها، كلما ازدهر المجتمع وتقدم في مدارج الرقي، ولقد أبرزت محكمة القضاء الإداري المصرية في باكورة أحكامها كل هذه المعاني، وهي بصدد الحديث عن إحدى الحريات العامة بقولها: ”إن الحرية الشخصية هي ملاك الحياة الإنسانية كلها لا تخلقها الشرائع، بل تنظمها، ولا توجدها القوانين بل توفق بين شتي مناحيها ومختلف توجهاتها تحقيقًَا للخير المشترك للجماعة ورعاية للصالح العام، فهي لا تقبل من القيود إلا ما كان هادفًا إلى هذه الغاية مستوحيًا تلك الأغراض. |