الفهرس | يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام |
المستخلص عني ابن سينا بالدراسات السيكولوجية عناية فائقة من القليل أن نجد لها نظيرا في التاريخ القديم ، فألف فيها ولما يبلغ العشرين، واستمر يتعهدها طوال حياته. وقد كتب فيها ملخصا، وخلف عدة رسائل لها وزنها وقيمتها ، وكتب فيها محللا ومفصلا، شارحا وموضحا، ومن أوسع هذه الكتابات ”كتاب النفس”، وقد ألحقها بالدراسات التجريبية ويعد ”كتاب النفس” جزءاً من طبيعيات ”الشفاء” وتلك ناحية لها شأنها في نهضة علم النفس حديثا. ولم يكن غريبا أن يعني ابن سينا بدراسة النفس، فقد سبقه إلي ذلك مفكرون مختلفون، وانضم إليهم الأطباء والفلاسفة. وحاولوا أن يقفوا علي كل ما دار حولها في الفكر القديم، شرقيا كان أو غربيا، وأخذوا عن الهند والفرس كما أخذوا عن اليونان. ويوم أن توفرت لديهم هذه المصادر بدأوا يبحثون بأنفسهم، ويكتبون علي طريقتهم، وظهرت في القرنين الثالث والرابع الهجري دراسات سيكولوجية علي أيدي الكندي (256هـ) والفارابي (339هـ) بين الفلاسفة، وعلي أيدي قسطا بن لوقا (300هـ) وأبي بكر الرازي (311هـ) بين الأطباء، وقد مهد كل ذلك لما اضطلع به ابن سينا (428هـ) في القرن الخامس الهجري.( ) وقد اهتم كثير من الباحثين في مجال الفلسفة الإسلامية بدراسة ابن سينا من جوانب عديدة، كالجوانب الإلهية والمنطقية، بل أسهبوا في أبحاثهم تلك، غير أن الجانب النفسي، والبحث في أسسه ومبادئه الفلسفية والمنهجية، أي التطرق إليه من منظور علمي معاصر، لايزال حقلاً بكراً في مجال الأبحاث الفلسفية العلمية، ذلك أنه لم ينل بعد القدر الوافي من الدراسة والتحليل والنقد، وهذا ما دفعنا لاختيار موضوع الدراسة. |