الفهرس | يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام |
المستخلص تتناول هذه الدراسة (صور ودلالات المُخلِّص في الفكر الفلسفي الإسلامي ومصادرها القديمة)، وتنطلق من حرص الإنسان الدائم على بلوغ الهدف الأسمى من الحياة الإنسانية، وهو السعادة أو التحرُّر من كل الشرور والآلام، الذي كان دافعاً للإنسانية دائماً وراء السعي نحو التعلق (بالخلاص)، إما عن طريق بعض الطقوس والإعدادات، وإما انتظار ذلك الشخص أو الرمز (المُخلِّص) الذي يحقق للإنسان طموحاته وآماله، وإما التعلق بمجموعة من الأفكار والمبادئ التي تشكل هدفاً سامياً نحو ذلك التحرر. ومنذ بداية الوعي الإنساني قدَّمت بواكير الفكر الفلسفي لدى الحضارات القديمة المُخلِّص كـ (فكرة)، تعني: خلاص النفس وتحرُّرها من شرور الجسد، بواسطة عدة وسائل تؤدي دور التطهير، وكان البحث عن الخلاص أو المخلص والمُنقذ في هذه الآونة التاريخية له دلالاته القوية على ساحة الفكر الفلسفي السياسي وفي حياة الإنسان؛ حيث تعلق الناس منذ البداية بالطريق نحو تحرُّر وخلاص النفس من سجن الجسد المظلم وقيوده وشروره. وهذا ما جسَّدته الحضارة الشرقية القديمة من خلال مفهوم التناسخ عند المصريين القدماء؛ حيث كانوا أول القائلين بالتناسخ وخلود الروح، واعتقدوا بدخول الروح بعد فناء الجسد في سلسلة من الاستحالات والأجسام المختلفة، إلى أن يتم لها التتطهير وتعاود الدخول ثانيةً في جسم إنسان. وكذلك عند الهنود الذين أطلقوا على التناسخ (تجوال الروح، أو تكرار المولِد)، واعتقدوا بأنه رجوع الروح بعد خروجها من جسم إلى العالم الأرضي في جسم آخر؛ وسبب التناسخ: هو خروج الروح من الجسم ولا تزال لها أهواء وشهوات مرتبطة بالعالم المادي لم تتحقق بعد؛ أو لأنها خرجت من الجسم وعليها ديون كثيرة في علاقاتها بالآخرين لابد من أدائها. |