الفهرس 
المقدمة
سيرتة وأعمالةيوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام
 |  | from | 196 |  |  |
| | | from | 196 | | |
المستخلص
كان لابد لقضية تخلف العالم العربي عن ركب الحضارة المعاصرة أن تفرض نفسها وبقوة على مفكري العرب المعاصرين، ولما كانت قضية التخلف ترتبط بقضايا أخرى, مثل: قضية الديمقراطية، والموقف من الآخر, والعلمانية, والاستشراق وغيرها؛ كان لابد لمفكرينا أن يتعرضوا لمثل هذه القضايا, رغبة منهم في وضع أيدينا على أسباب التخلف, والعمل على الخلاص من هذه الأسباب التي تحول بين عالمنا العربي واللحاق بركب الحضارة المعاصرة. إزاء الاعتزاز بالأنا العربية الاسمية والموقف من الآخر، انقسم المفكرون إلى ثلاثة تيارات: التيار الأول يعتز بالأنا على الرغم مما تعانيه من التخلف، والتيار الآخر يرفض الذات ويرى أن التقدم لا يتم إلا بالانخلاع من هذه الذات واللحاق بالحضارة الغربية بحلوها ومرها، والتيار الثالث الذي يعتز بالذات مع ضرورة الانفتاح على الآخر والاستفادة من تجاربه، من حيث إن العقول والأفكار والحضارات تتصل ببعضها, وتستفيد من منجزاتها. ومن هذا التيار الوسط الذي يشكل قطاعا لا بأس به من مفكري العرب, استدعى الباحث أحدى الشخصيات التي تنهج هذا النهج الوسط, رغبة منه في الحفاظ على الهوية العربية، والاستفادة من الآخر، من حيث إن الحضارات والأفكار والعقول في نظره ليست صفرية المنشأ والنهاية، بمعنى أن كل حضارة, وكل عقل, وكل فكرة لابد أن تستفيد من الحضارات, والعقول, والأفكار السابقة، ثم تترك نتائجها لتستفيد منها الحضارات والعقول والأفكار اللاحقة. مفكرنا هذا هو جورج طرابيشي، وهو المفكر والكاتب, والناقد والمترجم العربي السوري، الذي انتقل بين مسارات فكر متعددة, منها الفكر القومي, والثوري, والوجودية والماركسية، وانتهى جورج طرابيشي إلي تبني نزعة نقدية جذرية, يرى أنها الموقف الوحيد الذي يمكن أن يصدر عنه المفكر، وبالتالي يقودنا إلى اللحاق بركب الحضارة.