Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
الأبعـاد الثقافية في السَّـرديات الخليجية المعاصرة /
المؤلف
البـيـل، فـارس توفيـق محـمد.
هيئة الاعداد
مشرف / محمـــد عبـد المطلب
مشرف / إسلام الشرقاوي
مناقش / محمـــد عبـد المطلب
مناقش / إسلام الشرقاوي
الموضوع
الادب العربي - نقد.
تاريخ النشر
2014.
عدد الصفحات
262ص. :
اللغة
العربية
الدرجة
الدكتوراه
التخصص
الأدب والنظرية الأدبية
تاريخ الإجازة
1/1/2014
مكان الإجازة
جامعة عين شمس - كلية الألسن - اللغة العربية وادابها
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 262

from 262

المستخلص

وقد وصلت الدراسة إلى نهايتها؛ يمكن الحديث المجمل عما توصلت إليه من نتائج جرّاء التحليل والبحث في الأبعاد الثقافية للسرديات الخليجية، التي اختيرت في موضع الدرس.
لقد انطوى منهج النقد الثقافي على مهمة عظيمة، في سبيل تذوق النص؛ باعتباره قيمة ثقافية لا مجرد قيمة جمالية مبتورة عن واقعها وثقافتها، وماتزال القراءة الثقافية تسهم في بيان قيمة النصوص، من حيث مدلولاتها التي تتجاوز القالب الأدبي، وهو ما يشجع ويقود إلى أن تعتني النصوص الأدبية بهموم الإنسان وقضاياه، وتنخرط أكثر في سياقاته الثقافية، مما يجعل من النصوص الثقافية مدار نقاش عام، ومصدر معرفة وتوجيه للإنسان، ورافد من روافد ثقافته، علاوة على جمالياتها المؤثرة في الحياة.
انخرطت الرواية الخليجية منذ ظهورها في تناول هموم الإنسان وقضاياه المختلفة، إذ إن الرواية سجلٌ اجتماعي وثقافي، ووعاء فكري يصهر بداخله أنساق الثقافة الواقعية، ويعيد إنتاجها على شكل لافتات، بُغية قراءتها ومعالجتها في الواقع. ولعل الرواية الخليجية المعاصرة، وهي تنمو بتسارع، قد تمكنت من إدراك حاجة الإنسان في بيئتها، ولاحظت بعناية التغيرات التي تحيط به، والتحولات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، إثر التطور وتقدم الحياة المادية، التي تزيد معها تعقيدات الحياة، وارتباك علاقاتها، وهو ما حمّل الرواية عبء مضامين الحياة الواعية، فكانت قادرة إلى حد كبير على تناولها، والإرشاد إليها، فانعطفت مع معطيات حياة الإنسان الخليجي، وعكست وعيًا بهمومه وثقافته، وما تزال الحاجة قائمة لنضوج الرواية الخليجية في بنيتها وتناولاتها واستشرافها.باتت الدراسات الحديثة تراهن على ما يقع خارج النص من مداخل عديدة، مثل العنوان والراوي وغيرها، تنتج دلالات واسعة لا تقل عما ينتجه النص، إن لم تكن موازية لما يتغياه، ورافدة له في خطابه، عبر دلالاتها الواسعة في تكثيف يختزل مضامين النص وإشاراته، وهو ما يدعو للعناية بهذه المداخل، بوصفها نصوصًا موازية تسير إلى جانب النص الرئيسي، وتحمل معه، أو قبله، دلالاته ورؤاه. على أن هذه المداخل في الرواية الخليجية، قد تعلقت بمضامين الثقافة المجتمعية، وناوشت استقرارها، في سبيل تقديم مطالبها المتضمنة حاجات المجتمع النسوي - تبنته السرديات النسوية – من العدالة، والحرية، وحضور الذات، وممارسة الحقوق، أو مطالب إصلاح الحياة، وتعاملات الإنسان كما تطالب بها الروايات عمومًا.
حفلت السرديات الخليجية في مدخلاتها بأبعاد ثقافية كثيفة، عبر البنية النصية المكونة لها، بدءًا من الحدث، مرورًا بالشخوص، والزمان والمكان، إلى اللغة. إذ تبنت كل واحدة من هذه المكونات عبر تشكيلها، دلالات ثقافية متعددة، رسمتها حاجة النص وظروفه، على أنه يمكن القول إن النص النسوي كان أكثر حمولة بهموم المرأة وحاجاتها، وأكثر جرأة في تبني قضاياها، إذ تضج هذه النصوص بالذات النسوية التي تشكي هيمنة السلطة الأبوية، وقمع الثقافة الذكورية، وتهميش صورتها وأدوارها في الحياة، وتنميطها في صورة الإغواء. بينما تبدو النصوص الأخرى أكثر التصاقًا بهموم الحياة العامة، والانشغال بالقضايا المركزية، مثل الهوية، وصراع القديم والحداثة، وأدوار السلطة، وإصلاح الذات، في حين تتهرب من غيرها.
صار المتلقي ركيزة مهمة في عملية إنتاج النص، وإن كان حضوره قد التُفت إليه قديمًا، بيد أنه بات يؤثر في النص ويدخل في عملية إنتاجه، وانتشاره أيضًا، ويبدو المتلقي الخليجي، على الأغلب، حاضرًا باستعداد مسبق في عملية القراءة، إذ يتبني موقف ثقافته وتصوراته المسبقة تجاه النص، يستوي في ذلك الذكر المتلقي والأنثى المتلقية، وتتشكل مواقف المتلقي تبعًا لنوعية النص ومضامينه، إذ يقف المتلقي الذكر في مواجهة النص النسوي، والعكس، دونما تأنٍ في الحكم أو تقبل لوجهة النظر الأخرى، على أن هذا ليس الموقف الأوحد، إذ إن أمام كل نص من يتفق، أو يعارض، أو يهادن، كما أن المؤسسة الدينية تدخل في مواجهة النصوص التي ترى خروجها عن القيم، وتسهم المؤسسة الثقافية بقدر من التفاعل مع النصوص. فالتلقي حالة من التفاعل الثقافي تعكس التصورات المختلفة للثقافة، وتظهِر إلى السطح قيمًا متعددة، تتبادل مع النص في الإنتاج ورد الفعل.
تبقى خصوصية الرواية الخليجية، في طبيعة تشكيلها، ومصادرها الثقافية التي تمتاح من تقاليدها بغرض التوافق أو التمرد، ومضامينها المهمومة بواقعها، المنتجة لقضاياها المشتركة، إذ تبدو الرواية الخليجية مزدحمة بمحيطها، تغذي مضامينها بكثافة؛ حالة الصراع المعنوي بين سلطة الثقافة التقليدية ونفوذ الحياة العصرية، حيث تتقابل الحمولة الثقافية التقليدية مع قيم التحديث، فيقود هذا الاشتباك إلى الكثير من الأسئلة والتحولات، ولعل هذه المواجهة هي البؤرة التي تحرك التصورات والأحداث، وتخلق المواقف والرؤى، ومنها تنتج الأبعاد الثقافية التي تتعاور في الواقع، وتتبناها النصوص.
ولعل أهم ما انطوت عليه السرديات الخليجية من أبعاد ثقافية كانت تدور حول الهامش النسوي وعذاباته، وصراعه مع المتن الذكوري المهيمن، كما حفلت السرديات بتناول ثنائية الذكورة والأنوثة في النسق الثقافي، محاولة فكك الالتباس في العلاقة بينهما وسبر أغوارها، واقتربت من الجسد وجدليته، وحاولت أن تقدم ازاءه تصورًا مغايرًا للثقافة التقليدية، كذلك اتجهت السرديات نحو صراع الهوية والقيم التي تفرزها تغيرات الحياة وتطوراتها، ومعها حاجات الذات المتجددة التي تواجه قوالب المجتمع وأنماطه الثقافية وعاداته، إذ يهيمن الشرط الاجتماعي في الواقع، بنفوذه الواضح على المرأة بشكل كبير وكذلك على الرجل، وتبدو تصورات المجتمع الثقافية نافذة حتى مع حركة الانفتاح التي يفرضها نمو الحياة المادية.
كما لا تغفل السرديات بعض المظاهر الثقافية في الحياة، وتتعرض لبعض القيم الممارسة في المجتمع مثل التأثيرات المذهبية، وأسلوب التدين، وتناقضات الإنسان، وأدوار المؤسسات المختلفة وأنماط وعيها في المجتمع، مثل المؤسسة الدينية، والمؤسسة التقليدية الأبوية، والمؤسسة الثقافية، وتناقش خطاباتها، كما تنفذ إلى بعض مظاهر الفساد السياسي والاجتماعي. وهي بكل هذه التناولات وغيرها؛ كانت في حالة التوافق مع السقف الثقافي وتقاليده في بعضها، وخارجة عليه في بعضها الآخر، إذ تحكمت الثقافة في مسار بعض السرد، وتجاوزها بعضٌ آخر.