Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
قاعدة اليقين لا يزول بالشك» ضوابطها وبعض تطبيقاتها الفقهية /
المؤلف
سويلم، حمدي محمد إبراهيم،
هيئة الاعداد
باحث / حمدي محمد إبراهيم سويلم
مشرف / السيد عبد المقصود جعفر
مناقش / محمود عبد الرحمن عبد المنعم
مناقش / عطية السيد فياض
الموضوع
اليقين. اليقين (تصوف اسلامى).
تاريخ النشر
2013.
عدد الصفحات
634 ص. ؛
اللغة
العربية
الدرجة
ماجستير
التخصص
علم النفس
الناشر
تاريخ الإجازة
1/1/2013
مكان الإجازة
جامعة بنها - كلية الاداب - اللغة العربية
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 634

from 634

المستخلص

خرج هذاالبحث بخلاصة النتائج التي توصلت إليها من خلاله: (أولا): إن الله تعالى قد وفر دواعي الأمة للذب عن الشريعة, والمناضلة عن الملة جملة وتفصيلا؛ فقد قيض من الأمة رجالا حفظوا مقاصد الشرع, وضبطوا أصوله وقواعده, فجعلهم الله تعالى سببا, مع أهل العلوم الأخرى في حفظ دينه, واستنباط أحكامه, وتيسير فهم مقاصده وقواعده. (ثانيا): القاعدة الفقهية هي: قضية كلية أو أكثرية, منطبقة على جميع جزئياتها, أو أكثرها.
(ثالثا): من القواعد الفقهية ما صاغه أهل العلم من النص الشرعي, مثل «الأمور بمقاصدها», و«اليقين لا يزول بالشك», و«لا ضرر ولا ضرار», ومنها ما صاغها العلماء من استقراء الأحكام الشرعية, والفروع الفقهية في شتى أبواب الفقه؛ مثل: «المشغول لا يشغل», و«الحكم يدور مع علته وجودا وعدما», و«من سبق إلى مباح فهو أحق به».
(رابعا): الراجح صحة الاستدلال بالقواعد الفقهية؛ لأن الاستدلال بها هو في الحقيقة استدلال بالأدلة التي استندت إليها؛ فالقواعد الفقهية ليست معاني مفتقرة إلى دليل, بل لا تصح القاعدة إلا بصحة أدلتها. كالاستدلال بقاعدة «الأمور بمقاصدها», ما هو إلا استدلال بحديث: «إنما الأعمال بالنيات», ونحوه.
(خامسا): بقدر الإحاطة بالقواعد الفقهية يعظم قدر الفقيه, وتتكون لديه الملكة الفقهية, وتنضبط لديه مناهج الفتوى, وتنتظم لديه الفروع والمسائل على كثرتها البالغة, ويفهم مقاصد الشرع, ويدرك أسرار الديانة.
(سادسا): القاعدة الجليلة: «اليقين لا يزول بالشك» من أوسع القواعد الشرعية؛ إذ تدخل في جميع أبواب الفقه, والمسائل المخرجة عليها قد تبلغ ثلاثة أرباع الفقه أو أكثر؛ ولذا تعد إحدى القواعد الفقهية الكلية الخمس التي تتفرع عنها, وترد إليها أكثر القواعد الفقهية على تنوعها.
(سابعا): قاعدة: «اليقين لا يزول بالشك» مع أنها من قواعد الفقه إلا أنها كذلك أصل من أصول الإسلام, وهي من أوائل القواعد التي تأصلت في الفقه الإسلامي. وكذلك تعد أساسا لباب مهم من أبواب أصول الفقه, ألا وهو الاستصحاب.
(ثامنا): تدور معاني اليقين لغة على الثبوت, والاستقرار, والتحقيق, والوضوح. وربما أطلقوا –أعني معشر العرب- العلم, واليقين على الظن, بشرط أن يستند إلى دليل, وبرهان, وإلا فلا. واليقين اصطلاحا: هو الاعتقاد الجازم, الموافق للواقع.
(تاسعا): هناك فرق دقيق بين العلم واليقين, ألا وهو: أن العلم هو اعتقاد الشيء على ما هو عليه, على سبيل الثقة والجزم به, ويزيد اليقين عليه سكون النفس, وثلج الصدر, وطمأنينة القلب به.
(عاشرا): يطلق الفقهاء اليقين على معنى أعم من «الاعتقاد الجازم الموافق للواقع», بل يراد عندهم مطلق الاعتقاد القوي, المستقر في النفس. سواء كان قطعيا, أو ظنيا غالبا, أو حتى مطلق الظن, بشرط أن يستند إلى دليل صحيح في الحكم الشرعي, أو أمارة معتبرة في مناط الحكم الشرعي.
(حادي عشر): الاعتقاد هو: الحكم الذي لا شك فيه عند معتقده, وعليه فقد يكون الاعتقاد في حقيقة الأمر خطأ, وإن ظنه صاحبه حقا, إذا لم يك مطابقا للواقع, حتى وإن جزم به صاحبه. وهو ما يطلق عليه الاعتقاد الفاسد.
(ثاني عشر): الشك لغة الارتياب والالتباس, وهو التردد بين شيئين, سواء استوى طرفاه, أو رجح أحدهما على الآخر. والشك ضرب من الجهل, وهو أخص منه, لأن الجهل قد يكون عدم العلم بالنقيض أصلا, ولذلك فإن كل شك فهو جهل, وليس كل جهل شك. أما الشك اصطلاحا فهو: التردد بين أمرين متقابلين, أو أكثر, لا ترجيح لأحدهما على الآخر.
(ثالث عشر): لا يكون الشك إلا مع قيام السبب المقتضي لكل واحد من الأمرين, ومجرد التردد بين أمرين لا يسمى شكا؛ فمن غفل عن شيء بالكلية لا يسمى شاكا.
(رابع عشر): الشك عند الفقهاء يطلق على مطلق التردد بين احتمالين, أو أكثر, سواء كان الطرفان متساويين, أو أحدهما راجحا, والآخر مرجوحا. كل ذلك شك, ما لم يستند إلى دليل صحيح, أو أمارة معتبرة شرعا.
(خامس عشر): المراد بالشك في هذه القاعدة الجليلة: (اليقين لا يزول بالشك), أن يكون هذا الشك -الذي لم يستند إلى دليل صحيح, أو أمارة معتبرة- طارئا على يقين متقدم, وليس كونه شكا في حصول اليقين ابتداء, لأن اليقين لا يتصور حصوله إذا رافقه شك منذ وجوده.
(سادس عشر): ليس في شرع الله  شيء مشكوك فيه ألبتة, إنما يعرض الشك للمكلف, بسبب جهله بالحكم الشرعي, أو اشتباهه عليه, أو بسبب جهله بمناط الحكم الشرعي, أو اشتباهه عليه. وقد يكون الأمر يقيني عند طائفة من أهل العلم, ومجهول, أو مشكوك فيه عند طائفة أخرى. وهذا يدل على استيلاء النقص على بني آدم, وفوق كل ذي علم عليم.
(سابع عشر): الوهم هو: الاحتمال المرجوح في مقابل الظن, أو غلبة الظن, ومن ثم لا يصح بناء الأحكام الشرعية, أو المصالح الدنيوية على الوهم, وكيف يترك العمل بالاحتمال الأقوى للأضعف!! وإذا لم يصح بناء الأعمال على الشك, فمن باب أولى عدم صحة بنائها على الوهم؛ لأن الوهم أضعف من الشك.
(ثامن عشر): معنى قاعدة: «اليقين لا يزول بالشك», أن كل أمر ثابت, ومقرر بدليل شرعي صحيح, أو أمارة معتبرة, لا يرفع حكمه بالشك الطارئ عليه, ومن ثم يبقى حكم اليقين ساريا, ثابتا, يجب استصحابه, حتى يصح الدليل المعتبر على خلاف حكم اليقين.
(تاسع عشر): ثبتت هذه القاعدة الجليلة بالأدلة النقلية من الكتاب, والسنة الصحيحة, والإجماع, وبالأدلة العقلية, وإن كانت آحاد الأدلة النقلية من الكتاب العزيز -على قول- ظنية الدلالة, إلا أن باجتماعها جميعا, أو اجتماع بعضها تدل على القطع بصحة دلالتها على معنى هذه القاعدة الجليلة, وكذلك إن كانت آحاد الأدلة من الحديث الصحيح -على قول- ظنية الدلالة, إلا أن باجتماعها جميعا, أو اجتماع بعضها, تصل إلى دليل قطعي الثبوت, قطعي الدلالة على صحة القاعدة.
(عشرون): إن العقلاء إذا تحققوا وجود شيء, فإنهم يسوغون الحكم بهذا الشيء, والعمل بمقتضاه, وذلك في زمان مستقبل, لا ينافي وجوده؛ فلولا أن الأصل عندهم: بقاء ما كان على ما كان, إلا ما صح البرهان على خلافه, ولولا أن اليقين لا يزول بالشك عندهم, لما ساغ عندهم الحكم بشيء كان, حتى يجددوا الدليل عليه في كل لحظة, وبرهة, وهذا خلاف حكمة العقلاء.
(حادي وعشرون): من محاسن الشريعة التيسير على المكلفين؛ ومن ذلك أن المكلف إذا لم يستطع تحصيل العلم الجازم, واليقين القاطع, بنى أعماله على غلبة الظن, أو حتى الظن؛ بشرط أن يستند هذا الظن على برهان صحيح, أو بينة معتبرة, والظن بهذا الشرط يقين معتبر, أو على الأقل في حكم اليقين المعتبر شرعا. الذي تبنى عليه الأحكام الشرعية, والمصالح الدنيوية. ومن ذلك العمل بخبر الآحاد, وقبول شهادة العدول.
(ثاني وعشرون): هناك قواعد كثيرة متفرعة من القاعدة الكلية الكبرى: «اليقين لا يزول بالشك», ومن منبثقة عنها, مما يدل على سعتها وأهميتها, وهذه القواعد تبين كيفية إعمال هذه القاعدة الكلية الكبرى, وتضبط طريقة تطبيقها على فروعها المختلفة والكثيرة جدا؛ ومن ثم يحسن دراسة هذه القواعد المتفرعة من باب دراسة القاعدة الأم: «اليقين لا يزول بالشك», والبراعة في إعماله وتطبيقاتها.
(ثالث وعشرون): من هذه القواعد المتفرعة من القاعدة الكلية الكبرى والمنبثقة عنها على سبيل المثال ما يلي: قاعدة: «الأصل بقاء ما كان على ما كان», وقاعدة: «القديم يترك على قدمه», وقاعدة: «الضرر لا يكون قديما», وقاعدة: «الأصل براءة الذمة», وقاعدة: «الأصل في الصفات والأمور العارضة العدم», وقاعدة: «الأصل إضافة الحادث إلى أقرب أوقاته» أو «الأصل في كل حادث تقديره بأقرب زمن», وقاعدة: «الأصل ألا ينسب إلى ساكت قول».
(رابع وعشرون): من تطبيقات القاعدة في باب الطهارة: إذا شك: هل تنجس الماء؟ ألغي هذا الشك؛ لأن الأصل في الماء, والأعيان الطهارة. وإذا شك: هل أجنب, أم لا؟ لم يجب الغسل؛ لأن الأصل عدم الجنابة. وإذا شك: هل طهر الثوب النجس, أم لا؟ لزم تطهيره, لأن الأصل بقاء النجاسة. وإذا شك: هل توضأ, أم لا؟ لزم الوضوء؛ لأن الأصل العدم. وإذا شك: هل نومه مما ينقض الوضوء, أم نعاس, وسنة لا تنقض الوضوء؟ لم يلزمه تجديد الوضوء.
(خامس وعشرون): ومن تطبيقات القاعدة في باب الصلاة: إذا شك في دخول وقت الصلاة, فليس له أن يصلى حتى يثبت عنده دخول الوقت, بسؤال, أو تحرٍ, ونحو ذلك. وإذا شك: هل أدى ما عليه من الصلوات, أم لا؟ وجب الإتيان بها, لأنه على يقين من شغل ذمته بالصلاة. والأصل عدم الفعل. وإذا شك أثناء الصلاة: هل أحدث, أم لا؟ فلا يخرج من الصلاة لمجرد الشك, دون أن يثبت لديه أنه أحدث. وإذا شك أثناء الصلاة في شيء من واجباتها: هل أداه, أم لا؟ بنى على اليقين, وهو الأقل؛ لأن الأصل عدم الفعل. وإذا شك في شيء من شروط الصلاة بعد الانتهاء منها. فإنه انصرف منها على اعتقاد الصحة. فلا تعاد بالشك.
(سادس وعشرون): ومن تطبيقات القاعدة في باب الزكاة: إذا شك: هل أخرج ما وجب عليه من الزكوات, أم لا؟ وجب إخراجها؛ لأنه على يقين من شغل الذمة بوجوب الزكاة, فلا تبرأ الذمة بالشك. وإذا شك: هل بلغ المال النصاب؟ فلا شيء عليه؛ لأن الأصل عدم الوجوب وبراءة الذمة, فلا تشغل الذمة بمجرد الشك. وإذا تحرى فيمن يستحق الزكاة, ثم شك فيمن أعطاه: هل هو من أهلها, أم لا؟ فلا تجب عليه إعادة إخراج الزكاة؛ لأنه فعل ما وجب عليه من التحري, فبرأت ذمته, فلا تشغل بمجرد الشك.
(سابع وعشرون): من تطبيقات القاعدة في باب الصوم: إذا كان اليوم الذي يشك فيه: هل هو المتمم لشهر شعبان, أم هو الأول من شهر رمضان؟ فلا ينبغي صومه؛ لأنه يدخل في العبادة, وهو في شك من وقتها. كما لو دخل في صلاة, وهو في شك من وقتها. وإذا شك في طلوع الفجر, فليس عليه أن يمسك, ما لم يثبت عنده طلوع الفجر؛ لأنه في شك من طلوع الفجر الصادق, والأصل بقاء الليل. فلا يترك الأصل للشك المجرد. وإذا شك في غروب الشمس, فليس له أن يفطر, ما لم يثبت عنده دخول الليل؛ لأن الأصل بقاء النهار, فلا يترك للشك المجرد.
(ثامن وعشرون): من تطبيقات القاعدة في باب الحج: إذا غلب على الظن أمن الطريق, وجب الحج بشروطه, ولا يشترط القطع؛ لأن القطع بذلك يتعذر حصوله, فًيُكْتَفَى في ذلك بغلبة الظن. وإذا شك في عدد الأشواط من الطواف, والسعي بنى على اليقين, وهو الأقل؛ لأن الأصل بقاء العبادة في ذمته, وفي شك من أدائها, فلا يترك الأصل للشك. وإذا شك في عدد الجمرات بنى على اليقين وهو الأقل؛ لأن الأصل بقاء الرمي في ذمته, فلا تبرأ ذمته بالشك. وإذا رمى حصى الجمرات, وشك: هل وقعت في المرمى, أم لا؟ وجب إعادة ما شك فيه من الرمي, حتى يتيقن أنه رمى ما وجب عليه. ولا تبرأ ذمته بالشك.
(تاسع وعشرون): من تطبيقات القاعدة في أبواب فقهية مختلفة: إذا شك: هل طلق امرأته, أم لا؟ فليس عليه مفارقتها, لأن الأصل بقاء النكاح, وصحة العصمة, ولا يبطل النكاح الصحيح بالشك فيه. وإذا شك في امرأة: هل تزوجها, أم لا؟ لم تحل له, وليس له وطؤها؛ لأن الأصل أنها محرمة عليه, حتى يتحقق تزوجه بها اتفاقا, ولا يترك الأصل للشك المجرد. وإذا أخبرت امرأة عن نفسها أنها لا حيض عليها, أو أنها أحلت للنكاح بعد تحريم, وكان كان ذلك ممكنا, وعرف منها الصدق, والصلاح, صدقت في ذلك؛ لأن الأصل أن المرأة مؤتمنة على نفسها, فلا يترك هذا الأصل بالشك المجرد فيه. واليقين لا يزول بالشك.
(ثلاثون): من تطبيقات قاعدة: «اليقين لا يزول بالشك» في طائفة من النوازل والقضايا الفقهية المستجدة ما يلي: الماء المتغير بالمنظفات الحديثة طهور, أي: طاهر في نفسه مطهر لغيره؛ فيتطهر به من الحدث الأكبر و الأصغر, ويزال به النجاسة ما دام يسمى ماء. ومنها: صحة إزالة النجاسة عن طريق ما يسمى بالتنظيف الجاف إذا ذهبت النجاسة ولم يبق لها أثر. ومنها كذلك: أنه يصح للصائم استعمال بخاخ الربو لمن احتاج إليه, فالراجح أنه لا يفطر. ومنها: أنه يصح السعي في التوسعة الجديدة للمسعى بين الصفا والمروة طالما أن هذه التوسعة لم تخرج عن هذين جبلي: الصفا والمروة. ومنها كذلك: أنه لا ينبغي الحكم بالوفاة وترتيب أحكام الموت الخطيرة على ما يسمى بالموت الإكلينيكي حتى يتيقن خروج الروح, وإلا فلا. والله تعالى أعلم.
(حادي وثلاثون): استثنى بعض أهل العلم من هذه القاعدة الجليلة فروعا فقهية كثيرة, وقالوا بوجوب إعمال الشك فيها, وأن الشك فيها أزال اليقين, وعند التحقيق لم يترك اليقين في أكثر هذه الفروع, والمسائل بالشك, إنما عمل فيها بالأصل الذي لم يتحقق شرط العدول عنه, وأن ما خالف مقتضى هذه القاعدة هو من باب الاستثناء الذي يثبت القاعدة, ولا ينقضها. كما هو الحال في استثناء الخاص من جملة أفراد العام. والله تعالى  أعلى وأعلم. والحمد لله رب العالمين.
* * *
اللَّهمَّ لَكَ الحمْدُ أولا وآخرا, ظاهرا وباطنا كَمَا يَنْبَغِي لجلالِ وَجْهِكَ ولِعَظِيمِ سُلطانِك
فِي الصَّحِيحَينِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ  قَالَ: قَالَ النَّبيُّ ×: «كَلِمَتَانِ حَبِيبَتَانِ إِلَى الرَّحْمَنِ, خَفِيفَتَانِ عَلَى اللِّسَانِ, ثَقِيلَتَانِ فِي الْمِيزَانِ: سُبْحَانَ اللهِ وَبحَمْدِهِ, سُبْحَانَ اللهِ الْعَظِيمِ.»
* * *