Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
ابن حَيَّان القرطبي مؤرخاً
المؤلف
محمود حلمي علي زناتي,أنور
هيئة الاعداد
باحث / أنور محمود حلمي علي زناتي
مشرف / محمود إسماعيل عبد الرازق
الموضوع
العوامل المؤثرة في فكر ابن حَيَّان التاريخي-
تاريخ النشر
2009
عدد الصفحات
327.ص:
اللغة
العربية
الدرجة
ماجستير
التخصص
التاريخ
تاريخ الإجازة
1/1/2009
مكان الإجازة
جامعة عين شمس - كلية الآداب - فرع التاريخ الإسلامي والوسيط
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 327

from 327

المستخلص

ولا شك أن دراسة أعمال المؤرخين والمفكرين الرواد تكشف عن وجود رؤى وتصورات وقواعد استنبطوها من خلال معاركة الاشتغال بالتاريخ ؛ بحيث يمكن القول بأن كل مؤرخ كان لديه مفهوم عن ” فكرة التاريخ ” انعكس تأثيره علي ما كتب وصنف من أعمال .
ومن هنا تنبع أهمية دراسة المؤرخين بصفة عامة إلى كون الكتابة فيها تحاول الوقوف على منهجية البحث لديهم والعوامل المؤثرة في فكرهم التاريخي ونلمح أثر هذا المنهج بصور مختلفة لدى المؤرخين المسلمين بصفة عامة ومؤرخي عصر ملوك الطوائف بصفة خاصة .
وقد دفعني إلى اختيارهذا الموضوع أنه لم يفرد له أحد من الباحثين دراسة أكاديمية متكاملة جامعة لأطرافه ، منظمة لأبوابه تليق بمؤرخ في حجم ابن حَيَّان خاصة وأن هناك عدة جوانب جديدة وجد هامة تم إضافتها بعد اكتشاف السفر الثاني من المقتبس الذي كان مفقودا لعقود طويلة وفيه إضافات جديدة ألقت مزيد من الضوء على فكر ابن حَيَّان ومنهجه في الكتابة التاريخية
ويتبوأ ابن حَيَّان مكانة مرموقة بين مفكري الأندلس نتيجة لما أخرجه من تراث تاريخي لا يمكن الاستغناء عنه في دراسة تاريخ المغرب والأندلس ، وهو بغير شك – كما يؤكد دكتور مكي – أنه : أعظم مؤرخ أنجبته الأندلس ، بل والغرب كله ـ الإسلامى والمسيحى منه على السواء ـ وقد أشاد المستشرق الهولندي دوزي بصدق الرواية عند ابن حَيَّان . ناهيك عن شهادة المؤرخ والفيلسوف ابن خلدون في مقدمته فقال أنه : قَيَّد شوارد عصره واستوعب أخبار أفقه وقطره”.
وقد جاء هيكل البحث مقسماً إلى مقدمة وخمسة فصول ، ثم خاتمة ؛ فالمقدمة اشتملت على خطة البحث والمنهج الذي سلكه الباحث في معالجة الرسالة وتعرض بإيجاز لأهمية دراسة المؤرخين وأهمية الموضوع وأسباب اختياره وعرض للمصادر والمراجع الخاصة بالرسالة .
وابتدأت هذه الدراسة ببيان العوامل المؤثرة في فكر ابن حَيَّان التاريخي والتي تركت أثارها على منهجه ، فتعرضنا لأحوال المجتمع الأندلسي فترة حيا؛ ومدى اضطراب ذلك العصر الحافل بالتناقضات وانعكاس ذلك على فكره وخبرته التاريخية ؛ حيث رصد وبدقة مرحلة الفتن والاضطرابات المتتالية في الأندلس التاريخية ، وكون لديه رؤية واعية تجاه أحداث مجتمعه ، وعبر عما حدث في هذا المجتمع من جوانب استحقت النقد لذا تعرض في كتاباته إلى نقد مظاهر الفوضى والتفكك في الأندلس .
كما أوضحنا أثر نشأته في بيئة علمية أثرت في توجيهه الفكري ، بالإضافة إلى وثائق وقع عليها بحكم نشأته في أسرة قريبة من بلاط الخلافة ، ووظيفة لم تكن عائقاً لموهبته وجعلته يمضي في كتابة تاريخه الكبير. واختتم الباحث هذا الفصل بتحليل الانتماء المذهبي لابن حَيَّان وتعصبه للمذهب السني المالكي – وهو المذهب الرسمي للدولة – وانعكاس ذلك بوضوح على كتاباته ويظهر ذلك في هجومه الشديد على أتباع المذاهب الأخرى .
ثم جاء الفصل الثاني للدراسة بعنوان ” مؤلفات ابن حَيَّان ( التصنيف والمحتوى ) وتم التركيز على مصنفاته المطبوعة والمتناثرة بين ثنايا الكتب وتم استعراض محتوى تلك الأعمال من مختلف الجوانب حيث اشتملت على جوانب عديدة ، سياسية ، واقتصادية ، واجتماعية ، وثقافية . وكتبه في هذا المجال هي: ”المقتبس” ، و”المتين” و”أخبار الدولة العامرية”، و”البطشة الكبرى” ، ومجموع هذه الكتب يشكل ما يطلق عليه اسم ” التاريخ الكبير” لابن حَيَّان .
وتم استنتاج عدة ملاحظات حول أعماله من حيث أنه ” أرخ للعدوتين الأندلس والمغرب تأريخا شاملاً مؤسساً على الاهتمام بالأخبار بالدرجة الأولى خاصة في كتابه ”المقتبس” ، ولم يحاول لسبب أو لآخر أن يكتب في تاريخ أي قطر من أقطار العالم والإسلامي ، وإنما قَصَرْ نشاطه العلمي على العدوتين – المغرب والأندلس - ، والملاحظة الأخرى أنه ركّز بصفة خاصة على قُرْطُبَة التي كان يعتد بها أشد الاعتداد ، متخذاً من ولاءه لبني أمية منطلقاً أساسياً في كتاباته ؛ مما أدى ذلك إلى تسفيه خصومهم في الداخل والخارج . وملاحظة أخرى تم رصدها من خلال العديد من مفرداته وهي تعدد مجالات المعرفة الاجتماعية والثقافية التي طرقها ابن حَيَّان وعكست لنا ألواناً من الحياة الأندلسية الاجتماعية والثقافية ؛ فنراه يرصد العديد من الظواهر الاجتماعية عندما يصور شرائح المجتمع بما فيها من صور الوشاية ، والذم ، والمكائد ، وفساد القضاة ، كما عكس الصراع الذي كان يدور بين الفقهاء والخليفة وأوضحت أيضاً مدى اهتمامه بالجانب الاقتصادي من خلال تعدد مفردات مثل ” دار السكة ” و” دار الضرب ” و” خالص الذهب والفضة ” ، و” قبض الجباية ” ، و” تدليس العملة ” الخ .
أما الفصل الثالث ، فقد خصص لدراسة المرجعية التاريخية لابن حَيَّان ، وكيف استند في تاريخه إلى مرجعيات عدة منها : ” المشاهدات العيانية ” خاصة وأن عصره كان زاخراً بالأحداث التي تستحق الرصد والتسجيل ، واعتمد كذلك على ”الروايات الشفوية” التي أخذها عن مقربيه ومكاتبيه ، وهم أشخاص توافرت لديهم المعرفة بالحدث والثقة فيما يوردون من أخبار ؛ فدوّن الكثير برواية هؤلاء كما استند أيضاً إلى ”الوثائق الرسمية” ، التي اطلع عليها بحكم نشأته في أسرة مقربة من بلاط الخلافة ، أو أًَطْلَعهُ عليها والده حيث كان كاتباً ووزيراً مقرباً للعامريين ، كما استند إلى آثار من تقدمه من الإخباريين والمؤرخين. وقام بنقل مؤلفات هي الآن في عداد المفقود من التراث الأندلسي ، وكان في المقتبس أكثر اعتماده على الكتب والنقل منها . وكان ابن حَيَّان قد عرف كيف يستفيد من جميع الكتب السابقة ذات القيمة التاريخية ؛ ولذا اجتهد في أن يجمع أكبر عدد من المصادر التي تنوعت بتنوع الموضوعات التي عالجها في تاريخه الكبير منذ الفتح الإسلامي للأندلس حتى عصره .
وجاء الفصل الرابع ليعرض فيه الباحث ” منهج الكتابة التاريخية عند ابن حَيَّان ” ، مستعرضاً في البداية تطور الكتابة التاريخية في الأندلس ومنهج المؤرخين في تناول موضوعات التاريخ المختلفة حتى عصره حيث تنوعت أصناف الكتابة وتعددت الموضوعات ؛ لذا كان من البديهي أن تتنوع مناهج المؤرخين التي طبقوها في دراسة التاريخ وكان لكل مؤرخ طريقته في التأريخ ، وأسلوب يكاد يلازمه في كل ما يكتبه . ثم تعرض بالتفصيل لمنهج الكتابة لديه موضحا كافة المناهج التي اتبعها وكيف استفاد من المناهج التي عرفها مع التركيز على المنهجين الحولي والموضوعي ، ورأى أن يجمع بينها وأن يستفيد منها كل ذلك مع الاستشهاد بنصوص ابن حَيَّان ، وتم رصد قيمة المنهج الذي اتبعه وخلو انتاجه من التفسيرات الخرافية والأساطير.
ثم استعرض الباحث خصائص وأسلوب الكتابة التاريخية عند ابن حَيَّان وكيف كان أسلوبه يمتاز بالسهولة والوضوح والتعبير الدقيق عن الحقائق ، وقوة التدليل والتفسير والتعليل ، وامتاز بترابط الفكرة ، وتخير المفردات والتراكيب العربية السليمة ، وتخلص من قيود السجع ومحسنات البديع المتكلفة ، وتدلنا كتاباته التاريخية على أدبه الرفيع مع التزام الدقة والأمانة التاريخية .
ثم جاء الفصل الخامس والأخير فكان بعنوان ” ابن حَيَّان مفسراً للتاريخ ” وبدأ بعرض تعدد غايات المؤرخين في عصر ابن حَيَّان وتنوع أهدافهم ثم حدد مقاصد وغايات ابن حَيَّان التي شرحها في كتاباته ثم استعرض التفسير والموضوعية عند ابن حَيَّان حيث فطن إلى أهمية التفسير والتعليل في مجال كتابة التاريخ ؛ وذكر السبب بالحدث قد استمد تفسيراته من الاستقراء الواعي للأحداث حيث قام بتعليل وتفسير العديد من الأحداث ، وقد عول في تفسيره على عدة محاور منها : التعويل على العقل والاستقراء الواعي للأحداث ، وكذلك على البعد المذهبي ، ونراه أيضاً يعول على التفسير الإثني أو العرقي ، كما استند في تفسيراته على البعدين الديني والأخلاقي ، وقام الباحث باستعراض ذلك بالتفصيل.
وأوضح أيضاً كيف ارتبط التفسير في أغلب الأحوال بالموضوعية ؛ فالمؤرخ الموضوعي هو ذلك المؤرخ الذي يذكر الحقائق وحدها بعيدا عن الأهواء والمصالح الشخصية قدر المستطاع ، متجنباً الأكاذيب والشائعات ، وهي صفة المؤرخ الذي تتسم أعماله بالدقة والأمانة البحثية ، ولا يلجأ إلى تغليب نظرته أو رؤاه الشخصية على تلك الأحداث . ولذا استعرض الباحث أيضاً وبتفصيل مدى موضوعية ابن حَيَّان في كتاباته التاريخية . وأخيراً ضمنت خاتمة الدراسة النتائج التي توصل إليها الباحث .
وقد كشفت لدراسة عن العوامل المؤثرة في تكوين الفكر التاريخي النقدي عند ابن حَيَّان القرطبي من حيث النشأة والتكوين ، والوظيفة التي لم تكن عائقاً لموهبته وجعلته يمضي في كتابة تاريخه الكبير. وكذا انتمائه المذهبي وتعصبه للمذهب السني المالكي – وهو المذهب الرسمي للدولة – وانعكاس ذلك بوضوح على كتاباته ويظهر ذلك في هجومه الشديد على أتباع المذاهب الأخرى .
وكذلك أبرزت ملامح الفكر التاريخي في الأندلس خاصة في القرن الرابع الهجري الذي شهد نهضة فكرية نادرة المثال .