Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
الحياة الفكرية فى إقليم خراسان فى العصر السلجوقى
المؤلف
عزب، محمد سعد السيد أحمد
الموضوع
خراسان تاريخ خراسان الثقافة والحياة الفكرية
تاريخ النشر
2006
عدد الصفحات
305 ص.
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 277

from 277

المستخلص

بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف المرسلين ، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين وبعد….
تعد الحياة الفكرية فى إقليم خراسان فى العصر السلجوقى من مسائل العلم التى تتطلب جهداً مضنياً، ودراسة متأنية فى بطون أمهات المصادر، وذلك للوصول إلى الغاية المرجوة ألا وهى إبراز دور علماء المسلمين فى تلك الحياة الفكرية، ودورها فى تطور الحضارة الإسلامية.
وترجع أهمية هذا الموضوع إلى اهتمام سلاطين السلاجقة ووزراؤهم بالعلم والعلماء اهتماماً كبيراً، مما جعل من خراسان مركزاً لحركة علمية هائلة استمدها من هذا الاهتمام من جهة ، ومن جهة أخرى من موقعه الجغرافى.
أما باعثى على اختيار الموضوع ( الحياة الفكرية فى إقليم خراسان فى العصر السلجوقى) موضوعا للدراسة ، فقد جاءت فكرته ، عندما كنت أقرأ كتاب ( السلاجقة تاريخهم السياسى والعسكرى) لمؤلفه د. محمد عبدالعظيم أبوالنصر، فقد وردت فيه إشارات إلى عدد من علماء خراسان ، فشدنى هذا إلى إبراز دور هؤلاء العلماء ونتاجهم العلمى فى خراسان وغيره من المدن الإسلامية فى العصر السلجوقى، مما كان له أثر مباشر فى إثراء الثقافة الإسلامية فى الحضارة الإسلامية خاصة ، والحضارة الإنسانية عامة، ومما زاد من أهمية هذا الأختيار ، فنظراً لاهتمام المؤرخين بالجوانب السياسية وإغفالهم الجوانب الثقافية، والتى لم تنل حظها الوافى من الدراسة فكان هذا فى حد ذاته دافعاً قوياً للقيام بتلك المهمة.
يعد التاريخ الفكرى والثقافى لإقليم خراسان منذ الفتح الإسلامى من مسائل العلم ذات الأهمية التى تؤدى إلى ابراز دور علماء المسلمين فى تطور الحضارة الإسلامية .
لقد كان للسياسة التى أنتهجها الخلفاء والفاتحون العرب فى إقليم خراسان دور بارز فى نشر الإسلام واللغة العربية التى هى لغة القرآن الكريم مما ساهم فى نهضة الحياة الفكرية والعلمية فى إقليم خراسان.
وعندما بدأ الفتح الإسلامى لإقليم خراسان فى عصر الخلفاء الراشدين أتجهت أنظارهم إلى منع أى هجوم محتمل على الدولة الإسلامية . ولقد أشارت المصادر التاريخية إلى حملات مبكرة لإقليم خراسان فى عهد الخليفة الثانى عمر بن الخطاب 13 – 23هـ/ 633 –643م، وذلك عندما أمر الأحنف بن قيس التميمى 22 هـ/ 642م بالتوجه إلى خراسان ، ففتح هراة ومرو وبلخ، وتتابعت الحملات فى عهد الخليفة الثالث عثمان بن عفان 23 –35 هـ/ 643 – 655م ففى عام 31هـ/ 651م اتجه عبدالله بن عامر بن كريز لفتح نيسابور ففتحها. ولقد تم الفتح الإسلامى لإقليم خراسان فى نهاية عصر عثمان بن عفان. إلا أن هذا الفتح والسيطرة الإسلامية لم تكن ثابتة خاصة بعد مقتل عثمان بن عفان، وتولية على بن أبى طالب 35- 40هـ/ 655 –660م وما تبعه من انتفاضة أهالى خراسان.
وفى عصر الدولة الأموية 41 –132 هـ/661 –749م أنتقلت أهمية إقليم خراسان ومشكلاته إلى العصر الأموى ، ونلاحظ هذا الاهتمام فى عهد الخليفة الأموى الأول معاوية بن أبى سفيان 41 –60 هـ/ 661 –679م، وذلك عندما قام الأهالى فى هراة وبلخ بالتمرد على الإدارة العربية والتخلص منها، فقام معاوية بضم إماره خراسان إلى البصرة وجعل عليها عبدالله بن عامر بن كريز وفى عام 43هـ/633م أسند عبدالله بن عامر ولايه خراسان لعبدالله بن خازم السلمى فعمل على القضاء على هذه الفتن والثوراث، وظل إقليم خراسان فى العصر الأموى مكاناً لعدم الآستقرار على الرغم من محاولات الإصلاح التى قام بها الخليفة عمر بن عبدالعزيز 99- 101 هـ/ 718 – 720م، حيث ماجت البلاد بالفتن ، كما رفع الأهالى راية العصيان والتمرد ، مما مهد لقيام الدولة العباسية.
لقد قاد أبومسلم الخراسانى الثورة العباسية منذ عام 129 هـ/749م ، حيث حقق إنجازات كبيرة للدولة العباسية (132 – 205 هـ/ 749 –820م) وذلك بالقضاء على نصر بن سيار أخر والى على خراسان من قبل الأمويين . كما تمكن من السيطرة على مرو، وبعد أن تمكن أبومسلم من القضاء على الأمويين، قام الخليفة العباسى أبوجعفر المنصور ( 136- 158 هـ/ 755-777م) بقتله ، مما كان سبباً مباشراً فى إندلاع العصيان والتمرد.
ولقد شهد إقليم خراسان حركات مختلفة الأهداف من التمرد والعصيان منها ما هو دينى ومنها ماهو سياسى أو عرقى، ومن هذه الحركات ، حركة ” سنباذ الهروى” 137 هـ/ 754 م، وحركة ”أستادسيس” 150 هـ/769م، وحركة المقنع 159 –163 هـ/ 775 – 779م وغيرها.
وفى عهد الخليفة هارون الرشيد(170- 193 هـ/ 789 – 812م)، كان إقليم خراسان من نصيب ولده المأمون ( 198 – 218 هـ / 813 – 832م) وكان لهذا الإقليم دور مهم فى الصراع بين الأمين والمأمون ، حيث كانت انطلاقة المأمون من خراسان ليحقق النصر على الأمين ويصبح إقليم خراسان هو الإقليم الحاكم بدلاً من العراق وعاصمته مرو حيث نزلها المأمون واتخذها مركز ولاية خراسان وعاصمة الدولة لفترة من الزمن.
لقد كان إقليم خراسان مطمعاً لعدد من الأسر التى استقلت عن مركز الخلافة.
وبعد قتل الأمين واستتباب الأمر للمأمون أعطى ولايه خراسان إلى غسان بن عباد 204 هـ/819م الذى ظل والياً إلى أن عين طاهر بن الحسين والياً عليها من قبل المأمون ، فأسس بها ما يعرف بالدولة الطاهرية 205 –259 هـ/ 820 –872م، وهى أولى الدويلات المستقلة عن الخلافة العباسية فى إقليم خراسان وبلاد ماوراء النهر ، وتوراث أبناء طاهر بن الحسين وأحفاده حكم هذه الدولة حتى سقطت فى 259 هـ/ 872م ، ولقد حافظوا على علاقتهم الودية بالخلافة العباسية، ويبدو أن مدينة مرو قد فقدت أهميتها السياسية والإدارية كمركز لولاية خراسان أبان فترة الحكم الطاهرى ، حيث أتخذ عبدالله بن طاهر أمير خراسان عام 213هـ/ 828م مدينة نيسابور عاصمة لمملكته وكرسى حكمه ، ولقد اهتم عبدالله بن طاهر بن الحسين بالعلم والعلماء ، وكان هو نفسه شاعراً موهوباً فكرم الشعراء، كما أهتم بنشر العلم بين طبقات المجتمع دون تفرقة ، ولهذا نجد أن العامة فى مدن وقرى خراسان كانوا يرتحلون إلى المدن العلمية لتلقى العلم.
ولكن فساد النظام الإدارى فى الولايات التابعة للدولة الطاهرية أدى، إلى جانب إنقسام البيت الطاهرى على نفسه، وتقلص ممتلكاته فى الشرق، إلى جانب الوجود والنفوذ الصفارى ، كل ذلك أدى إلى سقوط الدولة الطاهرية سنة(259 هـ/ 872م) ودخل إقليم خراسان ضمن الأملاك الصفارية (254 – 296 هـ /868 –908م) بعد صراع طويل مع الطاهرين والخلافة العباسية ، وبعد أن تمكن يعقوب بن الليث الصفارى مؤسس الدولة الصفارية من فرض سيطرته على المدن الخراسانية ، وحصوله على اعتراف بحكمه عليها، إلى أن ساءت العلاقات بين الصفارين والخلافة العباسية ، فأضطرت إلى الاستعانة بالسامانيين فى بخارى وسمرقند ، عندما ساءت العلاقات بين عمرو بن الليث الصفار، والأمير إسماعيل بن أحمد السامانى ، ومحاولة عمر بن الليث الزحف على بلاد ماوراء النهر للقضاء على الإمارة السامانية الناشئة، وتمكن إسماعيل بن أحمد من هزيمة الصفاريين وإسقاط دولتهم سنة(296 هـ/ 908م) ، لتتحول مدن خراسان إلى تبعية الدولة السامانية (261 –389 هـ /874 –998م)، وظلت خراسان تؤدى دوراً هاماً فى محاربة أعداء الدولة السامانية ، حيث كانت أهم الولايات التابعة للسامانيين ، ولكن هذه العلاقة تعرضت فى الفترة الأخيرة من حكم السامانيين للتصدع والضعف فأدى ذلك إلى خروج ولايه خراسان عن تبعيتها لأمراء بنى سامان ، ليدخل إقليم خراسان فى تبعية دولة جديدة هى الدولة الغزنوية ( 351 –429 هـ/ 962 –1037م) واتخذ الغزنويون من خراسان مقراً لحكمهم ، واهتموا بهذا الإقليم اهتماماً كبيراً ، وكان إقليم خراسان من أشهر أقاليم الدولة الغزنوية التى ساهمت مساهمة كبيرة فى حضارة الدولة الغزنوية، وأصبح الإقليم محط أنظار العلماء المسلمين لتلقى العلوم والآداب ، نظراً لاهتمام الغزنويين بالعلم والعلماء ، ولقد حافظت الدولة الغزنوية على هذا الإقليم بعد أن منحتهم الخلافة العباسية حكم هذه المناطق التى وقعت تحت أيديهم ، كما أيدت وباركت لهم فتوحاتهم فى الهند.
ولعل اهتمام السلطان محمود الغزنوى بهذه الفتوحات كان سبباً فى الضغط على الأهالى وخراسان وزيادة الأعباء على التجار والصناع والفلاحين فى الإقليم ، مما أدى إلى نفور الأهالى ونزوح الكثير منهم عن خراسان.
ومن ثم تهيأت الظروف فى هذا الإقليم ، لاستقبال وافد قوى يمكن أن يحقق للأهالى الرفاهية فى الداخل والأمن من الغزو الخارجى ، فكان هذا الوافد الذى قلص النفوذ الغزنوى فى خراسان، وذلك عندما تمكن من الاستيلاء على خراسان، هو آل سلجوق (429 –558 هـ / 1037 –1162م) .
ففى سنة 416 هـ/ 1025م عبر السلاجقة بقيادة ميكائيل بن سلجوق نهر حيحون إلى إقليم خراسان لتبدأ قصة جديدة فى تاريخ الأتراك السلاجقة ، حيث تمكن ميكائيل من ترسيخ أقدام قومه فى إقليم خراسان ووحد صفوفهم ، وتحين الفرصة للقضاء على النفوذ الغزنوى فى خراسان وبلاد ماوراء النهر ، إلا أن السلطان محمود تمكن من هزيمة السلاجقة وقتل ميكائيل، ومعه أربعة آلاف فارس من خيرة فرسان السلاجقة.
وفى رباط فراوة تجمع السلاجقة بعد هزيمتهم تحت قيادة أبنى ميكائيل وهما جغرى داود، وطغرلبك أبوطالب محمد، وتم اختيار طغرلبك ليكون هو القائد، وفى سنة 429هـ/1037م تمكن السلاجقة من هزيمة الغزنويين على باب مدينة سرخس، حيث ملكوا بعدها خراسان وكان هذا إيذاناً بقيام دولتهم ، حيث سار طغرلبك إلى نيسابور ودخلها ، وجلس على عرش السلطان مسعود بن محمود الغزنوى.
ولما بلغ السلطان مسعود الغزنوى خبر قيام الدولة السلجوقية على جزء غال من أرضه، وتلقب طغرلبك بلقب السلطان الأعظم، عزم على محاربة السلاجقة ، والقضاء على دولتهم الوليدة.
وفى الثامن من رمضان سنة 431هـ /1040م ، خرج السلطان مسعود بجيشه الجرار متجهاً إلى مرو، ومنها إلى نيسابور ، فى الوقت الذذى استعد فيه السلاجقة كل الاستعداد ووقفوا فى الصحراء الواقعة بين سرخس ومرو، فى مكان يعرف بداندنقان، ودارت معركة رهيبة بين السلاجقة والغزنويين، انتصر فيها السلاجقة انتصاراً حاسماً.
لقد كانت داندنقان من كبريات المعارك الفاصلة فى تاريخ السلاجقة فبعدها أقيمت سلطنة سلجوقية واسعة والتى كان لطغرلبك شرف تأسيسها ولتوطيد النفوذ السلجوقى فى إقليم خراسان، رأى الاستعانة بأفراد البيت السلجوقى لحكم البلاد التى تحت أيديهم، فقسم هذه البلاد فيما بينهم ، وعين كل واحد منهم حاكماً على الولاية التى صارت من نصيبه، فأتخذ جغرى بيك مدينة مرو داراً لملكه، وأختص بأكثر خراسان ، وتنصب موسى على ولاية بست وهراة وسجستان وما يجاور ذلك من النواحى التى يستطيع فتحها، وتنصب قاورد وهو أكبر أبناء جغرى بيك على ولاية الطبسين ونواحى كرمان ، ولإبراهيم ينال أخو طغرلبك من الأمم قهستان وجرجان ، ولأبى على الحسن بن موسى بن سلجوق بوشنج وبلاد الغور ، وهى ولاية متداخلة فى ولاية أبيه موسى، وتم هذا سنة 430هـ/ 1038م.
وبدأ السلاجقة الاتصال بالخليفة العباسى، لكسب عطفه، والحصول على شرعية لدولتهم، فكتبوا سنة 432هـ/ 1042م، إلى الخليفة العباسى القائم بأمر الله (422 –467 هـ /1030 –1074م) رسالة حملها رسولهم ( المعتمد أبواسحاق الفقاعى)، وعندما وصلت هذه الرسالة إلى دار الخلافة ، سر بها الخليفة وبادر بإرسال رسول إلى السلاجقة هو أبوالحسن الماوردى ت 450 هـ/ 1058م) ومعها كتاب التفويض بحكم البلاد.
وبذلك استقر الوضع لطغرلبك فى خراسان ، وبعض أجزاء من العراق فى سنه 447 هـ/ 1055م، دخل طغرلبك العراق، حيث كانت الخلافة العباسية جسداً لاروح فيه، يعكر صفوها ثورات جند الأتراك التى عمت بغداد ، ووقوع الخلاف بين أصحاب المذاهب المختلفة.
ولقد زاد نفوذ الأتراك فى بغداد بقيادة القائد التركى أبى الحارث البساسيرى مما جعل الخليفة العباسى القائم بأمر الله فى استدعاء الأتراك السلاجقة لحمايته وضبط الأمور فى العراق وحماية المذهب السنى، مذهب الخلافة العباسية والسلاجقة.
وفى آخر شهر رمضان سنة 447 هـ/ 1055م ، دخل طغرلبك بغداد عن طريق حلوان بحجة القضاء على الخلافة الفاطمية ، ومساندة الخليفة العباسى على عدوه البساسيرى، والفواطم الشيعة، وكان قصد طغرلبك بهذا الادعاء، عدم إثارة شكوك الملك الرحيم البويهى ، حتى لايستعد لحربه.
وعندما علم الخليفة العباسى بدخول طغرلبك بغداد ، أمر أن يذكر اسمه فى الخطبة، وأن يكون لقبه السلطان ركن الدولة أبوطالب محمد بن ميكائيل يمين أمير المؤمنين على أن يذكر بعده اسم الملك الرحيم البويهى ، وهكذا رضيت الدولة البويهية أن تكون تابعة للسلاجقة آمله بذلك أن يتاح لها نوع من البقاء، لكن طغرلبك على ما يبدو أراد أن يستأصل شأفة البويهيين